مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

دور المدرسة في استقبال العام الدراسي

الشيخ مصطفى قصير(*)

 



التخطيط للعمل المدرسي ضرورة للنجاح فيه. والإدارة الفعّالة للمدرسة تنظر إلى العمليّة التعليميّة نظرة عمليّة شاملة وعميقة. وهذا يعني أنها تأخذ بالتخطيط أسلوباً ووسيلة ضرورية لتحقيق أهداف المدرسة. وكلما كان التخطيط أدقّ، كلما انعكس ذلك على التلميذ المستهدف من العمليّة، وجاءت نتائجه أفضل. ولكي لا نبقى في العموميّات، ننتقل إلى التفاصيل:

* التخطيط لليوم المدرسي الأول
بالنسبة للتلميذ، اليوم المدرسي الأول هو دخول إلى عالم جديد يشعر فيه بالغربة والرهبة، لأنّه مكان جديد عليه، وفيه عادات غير مألوفة، وأشخاص جدد عليه التعامل معهم وهو لا يعرفهم، وزملاء لم يلتقهم في السابق، ومستوى جديد من الجدّية والمسؤوليّة. من جهة أخرى، التلميذ ربما لم يكن قد اعتاد على الابتعاد عن أُمّه بهذا القدر، مما يحدث له فراغاً عاطفيّاً يضاف إلى الحاجة الماسّة لها الآن، لإشعاره بالاطمئنان في هذه الغربة وإخراجه من التهيّب. كل هذا يساهم في جعل اليوم المدرسي الأول كابوساً بالنسبة للتلميذ. وبالنسبة للمدرسة: اليوم المدرسي الأول من أكثر الاستحقاقات أهميّة، ويحتاج إلى استنفار لكامل الطاقات المتوفّرة والموارد البشريّة للقيام بما يلي:

ـ استقبال التلامذة:
وللقيام بالمهام على أكمل وجه، تلجأ المدارس الكبيرة إلى توزيع عمليّة الاستقبال على عدّة أيام، فتستقبل في كل يوم شريحة معينة، إمّا حلقة دراسيّة أو صفّاً محدّداً، إدراكاً منها لأهميّة القيام بالخطوات اللازمة لاستقبال منتظم من جهة، وللحيلولة دون الوقوع في الإرباك والخطأ، ولاستيعاب الأعداد الوافدة من التلامذة في أنشطة اليوم الأول.

ـ أنشطة اليوم الأول:
تتضمن أنشطة اليوم المدرسي الأول للتلميذ الذي يدخل المدرسة للمرّة الأولى، مجموعة من الألعاب والفعاليّات المحبوبة التي تهدف إلى بناء صورة إيجابيّة للمدرسة في ذهن الطفل، وإخراجه من حالة التهيّب والوجل التي يعاني منها. هذه الأنشطة تغريه بقبول الابتعاد عن أمّه، وبناء علاقة جديدة بالمربّيات اللواتي سيرافقنه في أيام المدرسة. يجب أن يخطّط لهذه الأنشطة بدقّة لتحقّق أهدافها الترفيهيّة والنفسيّة، ويجب أن تكون مشوّقة وقادرة على الجذب.

ـ تحقيق الاندماج:
بعض البرامج البسيطة تؤدّي دوراً فاعلاً في دمج التلميذ في المجتمع المدرسي الجديد، مثل تعريف المعلمين عن أنفسهم وتعريف تلامذة الشعبة إلى بعضهم، وتعريف التلامذة إلى الإدارة والنظارة، عبر تنظيم جولة للصف على مرافق المدرسة والتسليم على الناظر والمدير.

ـ تنظيم النقل المدرسي:
من الضروري في اليوم الأول، أن تكون الإدارة قد أنجزت توزيع وسائل النقل على الخطوط المحدّدة ونظّمت لوائح التلامذة الموزّعين على الباصات، وأصدرت البطاقة الخاصة بالتلميذ للحيلولة دون الوقوع في الفوضى والإرباك.

ـ تحديد الشعب:
هذه المهمّة تتطلّب إعداد لوائح التلامذة المسجّلين وتوزيع التلامذة على الشعب، بحيث يتم إرشاد التلامذة بعد انتهاء مراسم الاستقبال إلى الفصل الخاص بهم. كما أن ترتيب جلوس التلامذة داخل الفصل، يحتاج إلى شيء من الدقة لرعاية الطول والقدرة على مشاهدة اللوح والأستاذ والمشاركة الفاعلة لاحقاً.

ـ التعريف بالنظام المدرسي:
 ويشمل النظام المدرسي الدوام اليومي، الفرص، وقت الصلاة، الخروج من الصف، الامتحان، الترفيع، الثواب والعقاب، الغياب، الضوابط السلوكية، العطل المدرسيّة... هذا الموضوع له أهمّيته، حيث إن شرح الأنظمة المدرسيّة للتلميذ يساهم مساهمة مباشرة بالحدّ من الأخطاء والمخالفات. كما أنه من الضروري تعريفه إلى واجباته، وتعريفه بالمحظورات والممنوعات. ومن المناسب جداً، ربط ذلك برسالة المدرسة وقيمها، للابتعاد قليلاً عن الروح السلطويّة، والاقتراب من الأداء التربوي. التجربة أثبتت أنّ الشرح التفصيليّ للأنظمة والواجبات والمحظورات في مستهلّ العام الدراسي، يحدّ من التجرّؤ على المخالفة، لأنّ التلميذ في البداية يمتلك استعداداً للإلتزام، وليس لديه نوايا عدوانيّة مسبقة، فينبغي مساعدته على الحيلولة دون ارتكاب الخطأ.

ـ وضع جدول توزيع الحصص والدروس:
من المؤشرات الإيجابية التي تترك انطباعاً حسناً عند التلميذ والأهل، قدرة المدرسة على إعداد جدول توزيع الدروس منذ اليوم الدراسي الأول، خاصةً مع اكتمال كل المعطيات الخاصة بالمعلمين.  من كل ما تقدّم، يظهر أن التخطيط المسبق والإعداد الصحيح للعام الدراسي، من شأنه أن يسهّل إنجاز الكمّ الهائل من الاستحقاقات في مواعيدها وبشكل كامل وصحيح، ممّا يضفي جواً من الارتياح على التلميذ والأهل والعاملين على السواء، ويساهم في تحقيق أهداف المدرسة أو تمهيد الأرضيّة المناسبة لذلك. وفي المقابل، يمكن التأكيد بأن العام الدراسي الذي يبدأ يومه الأول بالفوضى والإرباك، سيكون عامراً بالاختناقات والإرباكات والأزمات. وسنجد أن الأجواء المشحونة نفسياً، سوف تكون رفيق الأيام على كافة المستويات.

* التخطيط للتعليم:
لا تقتصر أهمّية التخطيط على الجانب الإداري ولا على ما يرتبط باليوم المدرسي الأول، وإنّما جرى التركيز عليه، لأنّنا على أبواب عام دراسيّ جديد. بل التخطيط للتعليم لا يقلّ أهمّية، وهو يرتبط مباشرة بالهدف الذي قامت من أجله المدرسة. التخطيط للتعليم له مستويات كلها ضرورية، سأتناول هنا ما له علاقة بالمعلم خاصّة، دون ما له علاقة بالمستوى الوطني والمؤسساتي، أي التخطيط على مستوى الوطن والسياسات التربويّة العامة والكتاب المدرسي وأمثال ذلك:

ـ التوزيع السنوي للمادة التعليمية:
فعندما تكون الأيام الدراسيّة معدودة والحصص التعليميّة المخصصة للمادة محدودة كما هو الحال، فلا بدّ من وضع مخطط لتوزيع المادة على الحصص المتاحة يراعي مواعيد الاختبارات والأصول المتبعة في التعليم. أهمية هذا التوزيع أنه يشكل دليلاً زمانياً للتنفيذ، من دونه يتعرّض المعلم لمفاجآت انتهاء الوقت وتصرم الأيام دون إنجاز المطلوب. وهذا له تأثير قاتل على متابعة التحصيل العلمي في السنوات اللاحقة.

ـ التحضير اليومي أو الأسبوعي:
وهذا المستوى من التخطيط، يقوم به المعلم ليرسم من خلاله خريطة العمل داخل الصف، لكي لا يخبط خبط عشواء، ولكي لا يرتجل الخطوات ارتجالاً. ويجب أن يبدأ التحضير بتحديد أهداف الحصة التعليمية بشكل دقيق ومعياري وقابل للقياس، ثم تحديد الخطوات التي سيتبعها المعلم ليوصل تلامذته إلى تلك الأهداف، والوسائل التي سيستعملها ويستعين بها، ثم الطريقة المناسبة التي سيلجأ إليها للتحقّق من الوصول إلى الأهداف...

ـ التخطيط لاستكشاف الخلل عند التلامذة واستدراكه عبر برامج استثنائية داعمة:
 تحول دون تخلّف بعض التلامذة عن ركب الصف، وبالتالي إكساب التلامذة ما فاتهم إكتسابه مع زملائهم في الحصة التعليمية. إن الكثير ممّا يعاني منه المعلمون داخل صفوفهم من مشكلات، يرجع إلى عدم التحضير أو الخلل فيه. وينتج عن ذلك سوء إدارة الصف، وعجز التلامذة عن تحقيق المكتسبات المطلوبة، وبالتالي الحدّ من الحماس، وتفاقم الإحباط. ما يجب التأكيد عليه، أنّ هذه الأمور ليست من قبيل الترف، وإنما هي مسؤولية تصل إلى مستوى التحكّم بمستقبل التلميذ واتجاهه العلمي والمهني.

كم من تلميذ ترك المدرسة، نتيجة موقف من معلم أو ناظر؟! وكم من تلميذ عدل اتجاهه المهني، نتيجة تأثّره بمعلم أو ردّة فعله على حادثة؟! فهل ندرك خطورة دورنا وحجم مسؤوليّاتنا؟!


(*) المدير العام للمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع