إيفا علوية ناصر الدين
من أريد أن أكون؟ ماذا أريد أن أكون؟ أين أريد أن أكون؟ كيف أريد أن أكون؟ وغيرها كثير من الأسئلة التي تتأرجح في فكر الإنسان عندما يبدأ وفي عمر مبكر من حياته برسم تصوراته على خريطة المستقبل الذي يصبو إليه،ودراسة الخيارات التي تتلاقى مع الأحلام والأماني والآمال والأهداف والطموحات التي تحلّق في سماء مخيلته، فيشدّ العزم منطلقاً في سعي حثيث لتجسيدها على أرض الواقع.
جذوة الهواجس والأسئلة هذه سرعان ما تنطفئ أو يخبو بريقها عند البعض منذ اللحظة الأولى التي يثبتون فيها خطواتهم على طريقهم المرسوم،فتراهم سائرين وهم يغطون في سبات الغفلة عن سلة أهدافهم، غارقين في دوامة تدور رحاها بهم على غير هدى كمركب متخبّط في بحر هائج تتقاذفه الأمواج. وقد يكتشف هؤلاء هول ما آلت إليه أمورهم، وما جنته أيديهم، ويشعرون بفداحة الخطأ الذي دفنوا أنفسهم في قبوره، لكن بعد فوات الأوان، عندما تكون أغصان شجرتهم قد ذبلت، وأرخت أوراقها المصفرّة لأنفاس الخريف تذروها في مهبّ الريح. عندها يدرك هؤلاء ما فاتهم من أمر الحقيقة التي تصرّح بوجوب أن يُبقي الإنسان عينيه مفتوحتين ومتيقّظتين، فلا تغيب عن ناظريه متاهة الأخطار والأشراك المحدقة به، وأن يقف باستمرار أمام مرآة أعماقه ليتأمّل ويدقّق ويراجع ويراقب ويحاسب ويسأل:هل أنا راض عن نفسي؟هل ضميري مرتاح ؟هل أنا سائر في الطريق الصحيح؟
هل أصبت في خياراتي؟ما هي أخطائي وهفواتي؟وكيف أتداركها؟إلى أين أريد أن أصل؟ما هي الغايات التي أسعى إليها؟وهل أنا محق في طلبها؟. وبعد السؤال يأتي الجواب الذي تكمن فيه العبرة التي تؤكد أنه ما ضاع من عرف الطريق.