مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب ولغة: كشكول الأدب


إعداد: إبراهيم منصور


* مفرداتُ تُلازم صيغة واحدة
كثيرٌ من اللغات العالمية، ليس فيها - خصوصاً في مبحث الضمائر - مفردات خاصَّة بالمثنّى، بل إنّ لفظة الجمع هي نفسُها للجمع والمثنى معاً، فالضمير "شُما"، في اللغة الفارسية، يعني: أنتما، وأنتم، وأنتنَّ. و"إيّانْ"يعني: هُم، وهنَّ، وهُما، وهو، احتراماً. وفي الإنكليزية، الضمير "you" يعني: أنتَ، أنتما، وأنتم، وأنتنَّ. وكذلك الضمير "vous"، في اللغة الفرنسية. أمَّا في اللغة العربية، فَلِلتَّثنية مقامٌ خاصّ، فيُقال: أنتما، للمثنَّى، في مقابل أنتِ، وأنتم وأنتنَّ، وذلك لمزيد من الدقَّة في التعبير. ولكن هناك مفردات، في اللغة العربية، تلازم صيغة واحدة، ومنها:
ـ السَّفْرُ: أي المسافرون، فيقال: رجل سَفْر، ورجلان سَفْر، ورجالٌ سَفْر، وناقة سَفْر، أي مسافرة(1).
ـ كَرَعٌ: كراعين، بالعاميَّة، يقال: رجل كَرَعٌ، ورجلان كرَعٌ، ورجالٍ كرَعٌ، ونساءٌ كرَعٌ، أي حقير، أو حقيرون، أدنياء النفس، من سَفلة القوم ومعناها، أصلاً، قوائم الدابة، للتحقير.
ـ هَواء: ومن معانيها: جبان، فرجلٌ قلبُه هواء، ورجلان هواء، ورجالٌ هواء، أي: جبناء. قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء (إبراهيم: 43).

* قالت لي المرآة
ذات مساء، جلستُ في غرفتي متفكِّراً، فقالت لي المرآة:

ـ فيمَ أنتَ سارح؟
ـ كنتُ، منذ ساعةٍ، عند شاطئ البحر الذي أهوى الوقوف أمامه خصوصاً وقت الأصيل، ورُحتُ أرقب لحظات غروب الشمس، وسقوطها الظاهريّ في البحر عند الأفق، فسبَّحتُ بحمدِ الخالق المقتدر، وسرح خيالي في نظريّة كرويّة الأرض ومركزيّة الشمس ودوران الأرض حولها، للعالم الفلكي الإيطالي "غاليليو غاليلي".

عندئذٍ قالت مرآتي بجلاء:
ـ ليست هذه النظرية لغاليلي وإنما للفلكي البولندي "نيقولا كوبرنيك". أمَّا غاليلي فهو الذي شرح وأضاف إليها. هذا ما هو معروف ورائج لدى الغرب. ومع أننا لا نُنكر عبقرية كلٍّ من غاليلي وكوبرنيك، إلا أن الدقة العلمية والأمانة التاريخية تفرضان علينا أن نعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، وعليه نقول إن القول بمركزية الشمس ودوران الأرض حولها إضافة إلى كرويَّتها يعود الفضل فيه للعلماء المسلمين وجهودهم ونماذجهم الفلكيّة، منهم علاء الدين ابن الشاطر الفلكي العربي الدمشقي، وابن خرداذبه وابن رسته الفارسيَّين وأعمالهما الفلكية في مراصد جنديابور وأصفهان وجبل قاسيون وسواهما. هذا وقد ظهرت نماذج لهؤلاء العلماء المسلمين عام 1350م، بينما قال كوبرنيك بمركزية الشمس عام 1511، أي أن العلماء المسلمين سبقوا كوبرنيك بـ 161 سنة؛ حتى إن كوبرنيك نفسه يعترف، في كتابه، بأنه أخذ هذه النظرية عن العلماء المسلمين!

ومن يُرِد التحقق من هذا الكلام يمكنه العودة إلى الكتب الآتية:
1ـ فجر العلم الحديث، لمؤلِّفه توبي هاف.
2ـ كتاب عالم المعرفة، العدد 220.
3ـ تاريخ العرب العامّ، للعلّامة سيديو
سيديو.

* من أمثال العرب
دَعِ العَوْراءَ تَخْطَأْكَ: العَوْراء هي الخَصْلةُ القبيحةُ، أو الكلمة الشنعاء، وتَخْطَأْكَ: تتجاوزْكَ. قيل: هذا أحكَمُ مثَلٍ ضربتْهُ العرب.

* من نوادر العرب
مرضَ مديرُ مدرسةٍ فاضطرَّ إلى التغيُّب عن عمله ملازماً فراشه عدة أيّام. فذهبَ وفدٌ من المعلمين لعيادته في منزله والاطمئنان عن صحته. وكان على رأس الوفد الزائر شيخُ المدرسة. فلمَّا دخل المعلمون على المدير - وكان طريح الفراش - بادره الشيخ بحدَّةٍ وانفعال وصوتٍ عال قائلاً، وقد رفع يده في الهواء: "لا بارك الله في العِفْريت النِّفْريت"!. فوضع المعلمون أياديَهم على أفواههم محاولين، بجهْد، كَبْتَ ضحكتهم من أسلوب الشيخ في المواساة، ونظروا إليه باستغراب لعلَّه يُصحِّح ما بدرَ منه من كلام شديد الحَرَج. أمَّا المدير فقد ازداد اصفرارُ لونه، وشحوبُ وجهه.. فها هو قد أصبح عِفْريتاً نِفْريتاً، في نظر الشيخ وعلى لسانه، ولم يتمكَّن من كظم غيظه وابتلاع الإهانة التي لا يجوز التسامحُ فيها.. فقال له حانقاً:

ـ هل أتيت لتواسيني في مرضي، أم لتُهينني وتزيدَ بَأْسائي، أيها الشيخ؟! فأجابه الشيخ على الفور، وقد بدا عليه الحرَج؛ لأنّه قد أُسيءَ فهمُه:
ـ معاذَ الله، يا حضرة المدير، أن أُهينك، خصوصاً في بيتك، وأنت على هذه الحال.. إنّه حديث شريف لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "إنَّ الله يُبغضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ(2) (أو العِفْريت النِّفْريت) الذي لا يُرْزَأُ في ولده ولا يصاب في ماله"(3). عندئذٍ انفرج المعلمون عن ابتسامة رضى بدل الضحك. أمَّا المدير فظلَّ على وجومه وحَنَقه ينظر شزراً إلى الشيخ.

* من أجمل الشعر والمثَل
عندما كان الشاعر امرؤ القيس عائداً من بلاد الروم (تركيا، اليوم) كانت السُّموم والقروح قد انتشرت في جسمه، فمرض وأشرف على الموت. ثم وصل إلى مكان رأى فيه قبراً، قيلَ له إنه قبرُ أميرةٍ غريبةٍ عن المكان، فلما ماتت، خلال سفرها، دُفنت فيه، في ديار الغُربة، فبكى الشاعر لمآلِ تلك الأميرة وغربتها، متأثِّراً بمآله وغربته، وهو الملكُ الضلِّيل، وأحسَّ بدنوّ الأجل فقال:

أيا جارَتا إنا غريبانِ ها هُنا

وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ 


ثم قال:

أرانا موضِعينَ لأمرِ غَيْبٍ 

ونُسْحَرُ بالطعامِ وبالشرابِ

إلى عِرْقِ الثرى وشَجَتْ عُروقي

وهذا الموتُ يسلبني شبابي

وقد طوَّفْتُ في الآفاقِ حتى

رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ


ولِجمال هذه الأبيات وشدَّة تأثيرها في النفس، نرى الشطر الثاني من البيت الأوَّل: "وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ"قد ذهبَ مثلاً بين العرب. وكذلك البيتُ الأخير.


1) المنجد في اللغة والأدب والعلوم، مادة "سفر".
2) الداهية الخبيث الشرّير.
3) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 18، ص 318.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع