أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قراءة في كتاب: الدين والسياسة في إسرائيل


زينب طحان


دعا الحاخام الصهيوني العراقي الأصل "أوفاديا يوسف"، وهو أحد كبار رجال الدين في الكيان الإسرائيلي، في إحدى عظاته الأسبوعية في المدة الأخيرة أن "ينزل الله الطاعون على الفلسطينيين البُغضاء الذين يضطهدون إسرائيل". ودعا الله أن "ينتقم من العرب ويبيد ذرّيتهم ويسحقهم ويخضعهم ويمحوهم عن وجه البسيطة". وأوصى اليهود بالشدة مع العرب "ممنوع الإشفاق عليهم، يجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم، إنهم لشريرون".

أوفاديا في تلك التعبيرات يقترب بشكل مباشر من روايات الثأر والانتقام والاعتداء والقتل التي تطغى على كلّ ما يرد في النّصوص التوراتيّة والتّلمودية المتداولة حالياً. والغريب أنَّ المجتمع الإسرائيلي تلقّف ما قاله هذا الحاخام الحاقد بتفهم كبير وتضامن أكبر، وهذا ما يثير التساؤل لدينا، عن طبيعة هذا المجتمع الذي يشكّل الدين فيه عنصراً رئيساً طاغياً على اختلاف تكويناته الأخرى. ولئن أحببت أخي القارئ أن تتعرَّف عن كثب إلى طبيعة المجتمع الصهيوني ننصحك باقتناء هذا الكتاب " الدين والسياسة في إسرائيل: دراسة في الأحزاب والجماعات الدينية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية" للدكتور عبد الفتاح محمد ماضي، الصادر عن مكتبة مدبولي في القاهرة العام 1999.

* البنيان الاجتماعي في "إسرائيل"
علاقة الدين بالسياسية في الكيان الإسرائيلي علاقة ملتبسة جداً ومعقَّدة، ففي الوقت الذي تعد "إسرائيل" فيه نفسها دولة ديمقراطية ومدنية، إلّا أنّها كيان غاصب يحكمه العسكر دائماً. فطيلة تاريخها السياسي كان رؤساء وزرائها من المؤسسة العسكرية. وهذا، ما يفسّر الحضور الكبير لشخصيات دينية أو "حاخامات" في السياسة الإسرائيلية. لقد استندت الحركة الصهيونية؛ في القرن التاسع عشر؛ إلى عنصر الدّين جاعلة منه ركيزة أساساً في بناء دولتها المنشودة، وراحت في الآن نفسه تقتنع بالإيمان بفكرة "الولاء القومي" بهدف تحقيق المصالح الذاتية لليهود، وذلك على اعتبار أنَّ في الأخذ بهذه الفكرة ما يكفل تجنيب اليهود عمليات الاضطهاد التي كانوا يتعرضون لها في المجتمعات الأوروبية بسبب انتمائهم الديني، ذلك فضلاً عن اتخاذ الحركة الصهيونية من هذه الفكرة مبرراً تؤيد به مطالبها بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ومن هنا يبدو التناقض العميق بين المرتكزات الفكرية التي قامت عليها الصهيونية وبين فكرة القومية. في هذا الكتاب يقدّم الكاتب تفاصيل كل هذه التّناقضات مستعرضاً بتحليلٍ وافٍ هذه الحقائق في بابين أساسين.

الأوّل: يتخصص في البناء الاجتماعي الاقتصادي والسياسي في "إسرائيل" وفيه فصلان: الفصل الأوّل: عنوانه "في البنيان الاجتماعي والاقتصادي في "إسرائيل"، والفصل الثاني في قوى الحياة السياسية في "إسرائيل". يقدم الكاتب معلومات غنية حول تكوّن المجتمع الإسرائيلي واختلاف طبقاته الاجتماعية والدّينية، فهم يتوزّعون على:
أ - اليهود "الأشكناز" وهم اليهود الغربيون (الأوروبيون والأميركيون). وهم لا يشكلون أغلبية السكان إلّا أنهم الفئة المسيطرة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

ب - واليهود الشرقيين، وهم الّذين يعرفون باليهود "السفارديم"، القادمين من بلاد الشرق والدول العربية ودول أفريقيا. ويشكلون إجمالي المستوطنين في فلسطين المحتلة. وتتسم هذه الفئة عموماً بانخفاض المستوى الثقافي والحضاري والاقتصادي.

جـ - يهود الصبّاريم، والمقصود بهم يهود فلسطين، وهم بالتحديد الشباب الإسرائيلي أصحاب الحضارة الأرقى والمكانة الأرفع والبشرة البيضاء، وهم أبناء الأشكنازيين.

د - العرب، وهم العرب الفلسطينيون "المقيمون" في "إسرائيل" ويمثّلون ما تبقّى من أصحاب البلاد الأصليين. وبجانب الفئات الرئيسة السابقة تتعايش في المجتمع الإسرائيلي جماعات أخرى، تعد – من الناحية الدينية- فرقاً دينية يهودية، منهم السامريون، القرّاؤون والفلاشا وغيرهم.  ولم يكن غريباً على مجتمع شيد بنيانه عن طريق هجرة جماعات يهودية من شتى أصقاع الأرض أن يشهد العديد من الأزمات والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يقف في صدارتها التمييز بين الطوائف والفئات المختلفة. هذا إلى جانب التناقض والصراع الدائر والدائم بين اليهود المتدينين واليهود العلمانيين. 

الأحزاب الدينية ودورها في الحياة السياسية
الباب الثاني ينقسم بدروه إلى خمسة فصول تتحدث عن الجذور الإيديولوجية للأحزاب الدينية وغير الدينية وتطورها التنظيمي وعن دورها في الدولة والكنيست(1) بالتفصيل. باختصار، يهدف الباب الثاني إلى التعريف بدور القوى الدينية في الحياة السياسية في إسرائيل، حيث إن القوى الدينية تلعب دوراً فاعلاً ومميّزاً في بناء الدولة الصهيونية ورسم الحياة السياسية في إسرائيل. كما أن الدراسة اعتمدت المنهج التاريخي ومنهج تحليل المضمون، حيث تناولت مختلف مراحل تطور دور القوى الدينية في الحياة السياسية، ومدى تأثيرها في صنع القرار السياسي في إسرائيل. وتظهر هذه الدراسة دور القوى الدينية قبل قيام الدولة وبعد قيام الدولة الصهيونية من خلال عوامل ثلاثة.  من خلال القراءة والتحليل للكتاب يظهر لنا "إسرائيل؛ على حقيقتها؛ على شكل كيان استعماري استيطاني عنصريّ عسكري توسعي، عميل للقوى الاستعمارية الكبرى، وهي تُسخِّر فوق ذلك مقولات دينية توراتية وتلمودية وادعاءات تاريخية في خدمة أهدافها ومطامعها. بهذا التصور يجب أن ننظر إلى كافة الأمور المتعلقة ب-"إسرائيل" من أفكار وسياسات ومنظمات وأحزاب ومؤسسات وغيرها. ولكن يجب أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أنَّه يجب التمييز بين الصهيونية بصفتها حركة سياسية وبين ما عرف بالدين اليهودي. فالصَّهيونية حركة سياسية ظهرت بين يهود أوروبا حلاً لمشكلة محدَّدة واجهتهم مع المجتمع الأوروبي الذي كان يتوق للتخلص منهم فنشأت فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بدعم القوى الاستعمارية الكبرى. أما الديانة اليهودية فلم تكن في يوم من الأيام تدعو إلى قيام دولة لليهود في فلسطين قبل مجيء المسيح. والمتمسكون بهذه الديانة هم قلّة قليلة فمعظم اليهود معتنقون الصهيونيّة وينظرون إلى "إسرائيل" على أنّها خروج عن الدين وكفر بالشريعة.

****


(1) الكنيست وهي مصطلح خاص بالبرلمان الإسرائيلي، وهو السلطة التشريعية ذات الصلاحية المطلقة في الدولة لسن القوانين

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع