أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أدب ولغة: كشكول الأدب


إعداد: إبراهيم منصور


* من أمثال العرب
"أَحْزَمُ من الحرباء"

الحرباء ضرْبٌ من الزواحفِ مشهورٌ بتغيير لونه تحت أشعَّة الشمس، واتِّخاذه ألواناً مختلفة بحسب لون المحيط الذي يوجد فيه. فجلده ينسجمُ مع لون بيئته، إذ يفرز جسمُه مادَّة "الميلانين" الّتي تنتشر على كافّة الجسم. عندما يكون البرد شديداً يُصبح لونُه داكناً ليمتصّ أكبر قَدْر من النور والحرارة، فيدفَأُ، والعكس صحيح، أي عندما تكون الحرارة مرتفعة يُصبحُ لونُه فاهياً، فلا يَمتصً جسمُه كميَّة كبيرة من الحرارة ما يُسبب له البرودة. وبسبب هذا التغيُّر في اللون – الذي هو مثالٌ للتكيُّف مع المحيط "Adaptation"، ونموذجٌ للتمويه الطبيعي "Camouflage" – يُضربُ المثَلُ بالحرباء في التغيُّر والتلوُّن. ولكنَّ هناك مثلاً آخر، هو ما ذكرناه أعلاه: "أحزمُ من الحِرباء"، يُعوِّض هذا الزاحفَ الغريبَ بقدْراته، من الحَيْف أو الغُبْنِ اللاحق به جرَّاءَ نعته برمز التقلُّب والتلوُّن؛ إذ إنّه –عند التحرُّك- لا يترُكُ غصناً، حتى يُمسكَ بغصنٍ آخر. فهو حازمٌ، بل مثالٌ للحزم، ورمزٌ للتماسُكِ والثَّبات فوقَ كلِّ صعيدٍ زَلق!.

* قالت ليَ المرآة
- أراكَ منهمكاً بمظهرِك، مُتأمِّلاً هِنْدامك... على الله أن تستحقَّ المناسبة ما أنت فيه من انهماكٍ وتفكير. فقلتُ لها، وأنا أُصفِّفُ شعري في ضوء عينيها:
- نعم، إنَّها، بحقّ، من أجمل المناسبات؛ فقد دُعيتُ إلى احتفالٍ بمناسبة ولادة سيِّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام. وخلال الحفل سيجري تكريمٌ لكِوكبةٍ من الزَّهرات الطالبات الَّلائي بَلَغْنَ سِنَّ التكليف.
- ما لَكَ واجماً، إذاً؟! حَقّ لكَ أن تغتبط؛ فأنتَ مدعوٌّ كريم بين مؤمنين أكارم!.
- صَدَقْتِ، ولكنْ طُلِبَ إليّ أن أقول، بالمناسبة، شعراً لتكريم الزَّهرات المكلَّفات، فلم يتفتّق ذهني إلا عن أبياتٍ ثلاثة.
- لا بأس، ليست العبرةُ بالكميَّة.
- صحيح، ولكنَّ المثل الفارسيّ يقول: "إنَّ وردةً واحدةً لا تصنعُ ربيعاً".
- ويُقابل هذا المثل شِعرٌ عربيٌ للأخطل يقول: "بعضُ الربيعِ ببعضِ العِطرِ يُختَصَرُ". هيَّا، يا صديقي، هات فرسانك الثلاثة، ففي كلِّ نسمة شِعر نفحةُ عِطر.
عندها تجرَّأتُ وقلت جذِلاً:
حُورُ الجِنانِ تقولُ في العَلْياءِ:
بُشْرَى لكُنَّ بَراعِمَ الحَوْراءِ
تَبْدين في ثوبِ العفافِ مُطهَّراً
مِثْلَ الملائكِ رفرفَتْ بسماءِ
هذا الحِجابُ يَهُلُّ في لألائِهِ،
أَوَلَيْسَ نوراً من هُدَى الزهراء؟!.

* من أبلغ الكلام
جاء في التنزيل العزيز ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (البقرة: 280)، أي: إذا وقع غريمٌ في عُسْرةٍ فعليكم تأخيرُه أو إمهالُه إلى مَيْسَرة، أي وقتِ يُسْر. ومنه قولُهم: "باعَهُ بنَظرَة"، أي إمهال الدائن للمَدين ريثما يُيَسِّرُه الله لليُسرى فيُمكِّنُه من سَداد الدَّيْن. وبالمعنى نفسه قال تعالى لإبليس: ﴿فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ *إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (الحجر:37-38)، فقد أعطاه النَّظرَة –كما يفسِّرُ العلماء- استحقاقاً للسُّخْطَة، واســتتماماً لـلبلـيَّة، وإنجازاً للعدل!.

* من أجمل الاستعارات
- داري تنظرُ دارَه، أي: تُقابِلُها، كأنَّها تنظرُ إليها. فالصورةُ استعارةٌ جميلة، فيها تصوُّرُ الحياةِ في ما لا حياةَ فيه.
- قبَّلَتْه الحُمَّى: ارتاحت العامَّة لهذه الصورة التعبيريَّة الناجحة (التشخيص)، فأسْلَكَتْها في نظام كلامها.
- نَبَتَ بنو هاشم في قَنْبِتِ صِدْق، وأمَّا بنو أُميَّةَ فنابِتَةُ شَرّ، فقر.
- "باضَ الشرُّ في صدورِهم وفرَّخَ"، بحسب تعبير أمير الكلام عليٍّ عليه السلام.
- يُهَدْهَدُ إليَّ كذا، أي: يُخَيَّلُ إليَّ، وهو مأخوذٌ من هَدْهَدَتِ الصبيَّ أُمُّه، أي: حرَّكَتْهُ لينام. ومنه "الهُدْهُد"، ذلك الطائرُ المعروف بكثرة ألوانه وجمالها، إذ "هَدْهَدَ" الطائرُ، بمعنى "قَرْقَرَ". والهَدْهَدُ: أصواتُ الجِنّ، ولا واحدَ لها. أمَّا نحنُ فيُهَدْهَدُ إلينا أنَّ هذا الفعلَ مستعارٌ من هَدْهَدِ الجِنّ، أي: وَسْوَسَتِه، أو إلهامِ جنِّ عبقرَ للشعراء، كما آمنَ عربُ الجاهليَّة. وكيفَ دارَ الأمرُ، فإنَّ القولَ الفصْلَ فيه متروكٌ لعبقريَّة هذه اللغة الفذَّة.

* من الكلمات المتشابهة كتابةً ومعنى
- حَمَسَ وحَمَشَ: فكِلا الفعلين بمعنى واحد، هو أَغْضَبَ. يُقالُ: حَمَسَ الرجلُ أخاه، يَحْمِسُه ويََحْمُسه حَمْساً: أغضبه. وكذا حَمَّسَهُ وأحمَسَهُ. ويُقال: حَمَشَ الرجلُ أخاه، يَحْمُشه حَمْشاً: أغضبَه، وكذا حَمَّشَه وأحمَشَهُ.
- صَرَفَ وصَرَرَ: من معاني "صَرَفَ" الصَّريفُ بمعنى الصرير؛ يُقالُ: صَرَفَ البابُ يصرُفُ صريفاً: صوَّتَ عند فتحه أو إغلاقه. كما يُقالُ: صَرَّ الشيءُ، يَصِرُّ صرّاً وصريراً، بمعنى صوَّت. ومنه صريرُ البابِ، وصريرُ القلَمِ، وصَرَّارُ الليل، وهو الجُدْجُد.
- تابَ وثابَ: كِلا الفعلينِ بمعنى عادَ، يُقالُ: تابَ المخطئُ إلى الله تَوْباً وتوبةً... بمعنى: رجَعَ إليه. فإذا تابَ اللهُ عليه فقد غَفَرَ له ورجَعَ عليه بفضله. وهكذا فإنَّ معنى الرجوع حاصلٌ في توبة المخلوق وغُفرانِ الخالق.
وأمَّا ثابَ يثوبُ ثَوْباً وثُؤوباً فبمعنى: عادَ. وثابَ المريضُ ثَوَباناً، وكذا أَثْوَبَ إثواباً، وأَثابَ إثابةً: رجعَتْ إليه الصحَّة. وثابَ على رشدِهِ: عاد إلى وعيه، أو عادَ وعيُه إليه.
ومن طريف هذا المعنى –على ما يذهب إليه بعض اللغويّين- أنَّ الثَّوْبَ (الِّلباس) سُمِّيَ ثَوْباً لأنَّه يثوبُ، أي يعودُ إلى حجمه الأصلي إذا نُشِرَ بعدَ طَيّ!.

* من المفردات الغنيَّة بالمعاني
كلمة "حِلْم"، فهي تعني: الصَّبر والسَّماح والعقل. وتُجمَعُ على أحلام، أي: عقول. وبهذا المعنى استعملها أحد المعلمين بأسلوب غير تربوي، عادَ عليه بالإساءة، وقد استحقَّها. وتفصيل الأمر أنّ أحد تلاميذه أخطأ في إعراب كلمة، فأهانه المعلم قائلاً:

جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير.
فقد كان التلميذ طويلاً ضخمَ الجثَّة، والمعلّم ضئيلاً بيِّن القِصَر. وكلمة "أحلام" هي جمع "حِلم"، وتعني –هنا - العقل. يُريدُ هذا المعلّم أن التلميذ ضخمُ الجثّة كالبغال، وصغيرُ العقل كالعصافير. فابتسم التلميذ على مضض، ولم يَشأ إجابة معلِّمه بما يردُّ عليه الإهانة، مُكتفياً بالنظر إليه من أعلى إلى أسفل، والابتسامةُ لا تُفارقُ ثغره. فأحسَّ المعلّم بأنَّ لدى التلميذ ردّاً يتكتَّم عليه تأدُّباً، فقال له:

- تكلَّم، عليك الأمان.
فارتاح التلميذ وفُكَّ إسارُ لسانه فقال:
- أن يكون لي جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافير، أَفْضَلُ من أن يبتليني اللهُ بعقلِ البغالِ وأجسام العصافير!.

* من نوادر العرب
وقفَ نحْوِيٌّ (عالمٌ بالنَّحْوِ) مع زوجه عند زَجَّاجٍ يبيعُ التُّحَفَ والأعْلاقَ (النفائس)، فقال له:
- بِكَم هاتان القِنِّينتان اللَّتان فيهما نُكتتانِ خضراوان مُطَعَّمتانِ بالذهبِ المُبَان؟ وقبل أن يردَّ البائع عليه، قالت امرأةُ النحويِّ مُعترضةً:
- ولكنَّ فيهما بدَلَ الذهب "شَبَهَتان"(1).
فامتعضَ الزَّجَّاجُ من أسلوبِ النحْويِّ في استعمال النَّحْوِ في السوق، كما تأذّى من كلام امرأته التي حقَّرت بضاعته إذ نَسَبَتْها إلى الغِشِّ والزَّيْف، فقال لهما:
- هاتانِ القِنِّينتان فيهما اللؤلؤ والمرجان، وليس فيهما أثَرٌ من الشَّبَهان، فبأيّ آلاءِ ربِّكما تكذِّبان؟!.


(1) الشَّبَهان: النّحاس الأصفر، وهو سبيكة معدنيّة مُستفادَة من النّحاس الأحمر وقليل من الخارصين (التوتيا أو الزّنك).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع