نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: الآمرون والناهون


السيد علي عباس الموسوي


تَفرض طبيعة المجتمعات البشريَّة أن تشهد ولادة ظواهر جديدة. وما التطوّر الذي شهدته البشريَّة من الحياة الأولى لهذا الإنسان على هذه الأرض وإلى يومنا هذا وإلى ما سوف تشهده في المستقبل إلا خير شاهدٍ على أمرٍ لا بدّ وأن يَسير عليه الإنسان، هذا المخلوق المفطور على حبّ الكمال والسعي للوصول إليه.

وتعكف بعض الدِّراسات على تحليل بعض هذه الظواهر الجديدة لا سيما الاجتماعيَّة منها، بدراسة أسبابها، وعوامل نشوئها والنتائج المترتِّبة عليها. ولهذه الدِّراسات أهميّتها نظراً لما تقدِّمه لهذا الإنسان من قدرة على التحكّم بهذه الظواهر، وتوجيهها حيث يرى صلاح ذلك، ومحاربتها والسعي للقضاء عليها حيث يحدِّد مدى الخطر المكتنَف فيها. ومن الطبيعيّ أن تكون نتائج هذه الدِّراسات خاضعةً لما يملكه الإنسان من رؤى وأفكار. والفئة المؤمنة التي تسعى إلى تحصيل رضا الله لا بدَّ وأن توازن بين هذه الظواهر وبين حكم الله عزَّ وجل ورأي الشرع حتَّى لا تقع في معصية الله ولكي تأمن من الوقوع في سخطه. فالحكم على أيِّ ظاهرةٍ اجتماعيَّةٍ تفرضها طبيعة التطوّر البشريّ لا بدَّ وأن يعتمد على الأسس الإسلامية، وتوجيه أيِّ ظاهرةٍ لا بدَّ وأن يكون ضمن قواعد الشرع المبين. وأمَّا الموقف أمام بعض الظواهر المخالفة لأحكام الشرع والموجبة لانجراف المجتمع إلى عالم المعصية ومخالفة الأمر الإلهي، فلا بدَّ وأن يكون متشدِّداً في الرفض، وهذا ما أمر به الإسلام في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الآمرون والناهون هم الناس جميعاً. فليست هذه الفريضة الإلهيَّة وظيفة طبقةٍ محدَّدة من الناس، بنحو يرفع الآخرون فيه عن أنفسهم المسؤوليَّة. وبهذا ضِمَن الإسلام معالجة هذه الظواهر المخالفة لأحكامه وتعاليمه، حيث كان في تعميم هذه الفريضة على الناس كافّة ضمانةً لقيام فئةٍ من الناس مهما كانت بها. الآمرون والناهون هم الذين لم يقفوا موقف الحياد أمام هذه الظواهر، ولم يلجأوا لمبدأ (ما لنا ولهم)؛ لأنّ القرآن عندما تحدَّث عن العذاب الإلهي الذي نال أصحاب السبت لم يخصّه بمن كان يرتكب المعصية بل عمَّمه على أولئك الذين كان منطقهم: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ، (الأعراف، 164). فمنطق الآمرين والناهين هو ما تحدثت عنه الآية ذاتها: ﴿قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

الآمرون والناهون هم الذين بدأوا بأنفسهم فهذّبوها، وألزموها بالطاعة، وبالعمل بالمعروف وترك المنكر قبل أن يتوجَّهوا بحديثهم الآمر والناهي إلى الناس. الآمرون والناهون هم خير أمَّةٍ تدعو إلى الخير، أولياء بعضهم لبعض، يرون في فعلهم باباً من أبواب الجهاد.  الآمرون والناهون هم ضمانة استمرار حياة المجتمع وبقائه، وهم الحصن الذي يأمن من خلاله هذا المجتمع نزول العذاب الإلهي. الآمرون والناهون هم باب نزول الخير من الله عزَّ وجل والرزق من السماء إلى العباد، فلولاهم لانقطع الخير من السماء ولمسَّ الناس الضراء. الآمرون والناهون هم الذين يسعون لخير هذه البشرية ويلجأون إلى إرشاد الناس لما فيه صلاحهم. الآمرون والناهون هم جنود الرحمن وأعداء الشيطان، فهم الذين يقودون معركة الوعي ضد الجهل، والهدى ضد الضلال والإيمان ضد الكفر. جعلنا الله عز وجل من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع