- الدرس السابع-
10- الاطلاع على تاريخ الدول:
تشكل المطالعات التاريخية جزءاً مهماً من خزانة المعلومات التي يمتلكها المحلل السياسي، وهي تعطيه قوة في التحليل من خلال اكتساب التجارب الجاهزة والتعرف على خصائص الشعوب وثوراتها. عندما يسافر الإنسان في صفحات التاريخ ويرجع إلى القرون الماضية حتى كأنه معهم يتعرف على القوانين والسنن الإلهية، فيكتسب بعداً في النظر وثباتاً في الشخصية، فالذي يطالع أحداث التاريخ والأمم ويعلم ما جرى على الطواغيت يخرج من حالة الكآبة واليأس الذي يصيبه جراء مشاهدته لحالة العالم في هذا العصر، وصحيح أن المحلل لا يحتاج إلا إلى إدراك الواقع ولكن هذا الثبات يمنعه من الانخداع بمظاهر القوة والاستعراض. وهذه النقطة تشكل عاملاً مهماً للوصول إلى الحقيقة.
ومسألة أخرى في مطالعة التاريخ وهي معرفة مميزات الشعوب من خلال قراءة ماضيها وتجاربها مع الحكام والاستعمار والهجمات الخارجية وطبيعة تشكيلاتها العرقية، لأن كل شعب يتأثر بتاريخه ويتوارث تجاربه كدروس وعبر مستفيداً منها في تقرير مصيره.
11- الأحلاف والمعاهدات:
لعبت الأحلاف والمعاهدات دوراً مهماً في سياسة العالم وما زالت. وكان بعضها يؤثر في تغيير مسار الأحداث وصعود أو سقوط أنظمة وحكّام. وتتشكل الأحلاف على أساس المصالح المشتركة وتعقد المعاهدات على أساس ميزان القوى.
من الأحلاف المهمة التي كان لها دور كبير في العالم حلف الناتو الذي يضم الدول الغربية في مواجهة حلف وارسو وهو حلف الدول الشرقية في المعسكر الإشتراكي. واستطاعت أمريكا من خلال حلفها أن تفرض على الاتحاد السوفياتي السابق حالة من سباق التسلح وكان هذا عاملاً مهماً في سقوطه بسبب الإنفاقات الهائلة التي تحتاجها. وأقامت إسرائيل الغاصبة حلفاً، لأجل محاصرة الدول العربية المجاورة مع دول أخرى عرفت بدول الطوق وهي كل من أثيوبيا وتركيا وإيران (الشاه) وعرف هذا الحلف بالسنتو (السوار) حيث استطاع أن يضغط على بعض الدول العربية ويغير من اهتماماتها.
أما اليوم فإن حلفاً جديداً قد تشكل من الدول الأوروبية الغربية تحت شعار أوروبا الواحدة وهو يحاول أن يذهب إلى تحقيق استقلالية في القرار الأوروبي الذي ظل منذ فترة الحرب الثانية تحت هيمنة الولايات المتحدة. وبهذه الاستقلالية سوف تمارس أوروبا دوراً اقتصادياً خطيراً يشعر بظهور قطب جديد على الساحة العالمية.
12- التعرف على الأسس والمبادئ الدبلوماسية:
تحكم العرف السياسي مجموعة من الأنظمة والتقاليد التي تنضوي تحت عنوان الدبلوماسية.
ففي علاقات الدول والحكومات لا بد من مراعاتها، كحصانة السفراء والحكوميين.
وعندما نسمع بمفاوضات بين بعض الدول ينبغي أن نعرف أن سلسلة من الأمور الدبلوماسية قد سبقتها وقد تمت مناقشة كافة النقاط والتفاصيل ومكان جلوس كل فريق وطبيعة المكان وعدد اللقاءات والتصريحات التي يجوز لكل واحد الإدلاء بها و...
وبهذه الطريقة يتابع المحلل السياسي تفاصيل الأحداث قبل وقوعها.
13- أصل الارتباط والعليِّة:
في المسائل العالمية: فوقوع حادثة سياسية أو بروز ظاهرة ما يؤثر في مجريات الأحداث وردود الفعل. وكلما كان الحدث أو الظاهرة كبيرة في قوتها وحجمها كان تأثيرها أعظم، وقد تشمل كل مناطق العالم. وليس بالضرورة أن يتحقق هذا التأثير في حالة واحدة وبنفس الوقت.
بمعرفة هذا الأصل يتوقع المحلل السياسي ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب.
14- تقاطع الأقطاب:
تتجاذب العالم اليوم أقطاب عالمية وأقليمية ومن خلال هذا التجاذب الذي يولد حروباً تارة وسلماً تارة أخرى تتحقق مسيرة البشرية. فمعرفة الأقطاب وخصائصها من أهم وظائف المحلل السياسي التي تمكنه من امتلاك النظرة الشمولية أثناء دراسة الأحداث للوصول إلى الواقع والمخططات. وهذه الأقطاب التي تتصارع فيما بينها في سبيل تحقيق مصالحها واستعلائها تلتقي أحياناً على نقاط مشتركة ومصالح متبادلة كما أنها تفترق في كثير من الأحيان، وبمعرفة نقاط الالتقاء والافتراق يتمكن المحلل من الاقتراب إلى المواقع الحدث، ودراسة تفاصيل الصراع التي تأخذ في معظم الأوقات أشكالاً خفية.
15- وجود نقاط ضعف في الدول الكبرى:
كالفساد الأخلاقي والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والاعتماد على الأسواق العالمية والمنافسة الشديدة والبطالة ونقص المواد الخام. وهذه نقاط ضعف ظاهرية تعود إلى كفرهم واستعلائهم وفيها تكمن نقاط الضعف الحقيقية من الرعب وقلة التدبير وعدم القدرة على التفكير.
كان الإمام الخميني قدس سره يقول لشعبه قبل انتصار الثورة المباركة: "يجب أن لا ندع أمريكا تفكر فيما تفعل" وقد تحقق هذا الأمر إبان الثورة عندما اعترف أحد مسؤولي البيت الأبيض قائلاً: "إننا وأثناء الأحداث في إيران لم نكن قادرين على التفكير فيما نفعل".
فلا ينبغي للمحلل أن يهمل هذه العوامل الحقيقية ﴿إن كيد الشيطان كان ضعيفاً﴾.
16- أصل "الدومينو":
وهو مبدأ سياسي يشير إلى أن الدولة العظمى إذا فقدت سيطرتها على دولة أو منطقة ما، فإن ذلك يؤدي إلى ضعف سيطرتها على دول أخرى.
وهذا ما حدث لأمريكا عندما تم احتلال وكر التجسس التابع لها في طهران حيث كانت سفارتها قبل ذلك تشكل مركزية لسلسلة من شبكات التجسس في الشرق الأوسط والأقصى. وقد عاشت تلك الفروع المتناثرة في البلدان المذكورة حالة من الضياع والحيرة.
17- مبدأ التسارع في القضايا السياسية:
فاللقاء الأول بين العرب وإسرائيل يأخذ وقتاً طويلاً وتكون ردود الفعل عليه شديدة، ولكن اللقاء الثاني يلحقه والثالث وكذا وتختفي شيئاً فشيئاً تلك الردود. كما حدث في زيارة السادات ولقاء الملك المغربي والملوك المجاورين.
إنّ الهدف الأساسي هو كيف ينبغي تطبيق الأصول الثابتة للفقه في عمل الفرد والمجتمع، ونتمكن من الحصول على جواب للمعضلات، إن جلّ خوف الاستكبار يرجع إلى هذه المسألة وهي أن يمتد للاجتهاد بعدٌ عيني، وأن يخلق في المسلمين روح التعامل والحركة.
الإمام الخميني قدس سره