مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: ليتفقهوا في الدين

أول الكلام: ليتفقهوا في الدين

الشيخ بسّام محمد حسين


يتمحور أداء التكليف الشرعيّ تجاه الخالق سبحانه بشكلٍ أساس حول معرفة الأحكام الشرعيّة، وما يُبتلى به الإنسان من مسائل يوميّة في حياته، تتطلّب منه الرجوع إلى الشريعة المقدّسة، التي تنظّم له حياته وفق الهدف الأساس الذي خلق لأجله، وهو طاعة الله تعالى ونيْل رضاه.

من هنا، كان من الضروريّ تعميم ثقافة التعرّف على الحكم الشرعيّ، بحيث تصبح ثقافة عامّة، تدخل في كلّ مجالات حياتنا وتفاصيلها، انسجاماً مع ما هو معروف عن سَعة الشريعة ومساحتها، التي لم تترك أيّ واقعة إلّا ولله فيها حكم شرعيّ.

فإنّ الابتعاد عن تطبيق الأحكام الشرعية يعدّ مدخلاً لابتعاد الناس عن الدين، كونه يفسح المجال أمام تشريعات أخرى وأهواء غير منضبطة تحت أيّ نظام أو قانون؛ ما يؤدّي إلى الفساد والفوضى والانحراف على أكثر من صعيد.

وقد دعا سبحانه المؤمنين إلى التفقُّه في أمور الدين بما يشمل معرفة الحكم الشرعيّ وغيره، بأن ينفر بعضهم فيتعلّم ويتفّقه، ثم يعود ويعلّم الناس ويفقّههم. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة: 122).

كما أكّد الأئمة عليهم السلام على ذلك، فعن أبي حمزة الثماليّ أنّه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: "اغدُ عالماً أو متعلّماً أو أحبّ أهل العلم، ولا تكن رابعاً، فتهلك ببغضهم"(1).
وورد التأكيد على الشباب بالخصوص أن يتفقّهوا، فعن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله وأبو جعفر عليهما السلام: "لو أُتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقّه لأدّبته"(2).

وينبغي لنا أن ندرك أهميّة معرفة الحكم الشرعيّ، خصوصاً في ما نواجهه من أعمال وأمور وابتلاءات في أعمالنا الفردية أو الاجتماعية أو عبادات أو معاملات، وأن نعرف أنّ ذلك هو الممرّ الإلزاميّ لطاعة الله سبحانه وتعالى، فعن يونس بن يعقوب، عن أبيه قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ لي ابناً قد أحبّ أن يسألك عن حلال وحرام، لا يسألك عمّا لا يعنيه، قال: فقال لي: وهل يسأل الناس عن شيء أفضل من الحلال والحرام؟!"(3).

وعلى هذا الأساس، يمكن للإنسان أن يوجّه اهتمامه ببعض الوقت إلى هذا الأمر، ويستفيد من المجالات المتاحة أمامه وهي كثيرة، خصوصاً في ظل توفّر وسائل التواصل الحديثة والمتنوّعة.

فيمكن للإنسان أن ينهل من الكتب الفقهية أو الاستفتاءات الشرعية، سواء الموجودة في المكتبات أو على مواقع الإنترنت، أو يسعى للحضور المباشر في الدروس التي تعقد في المساجد أو من خلال الدورات الثقافية، أو من خلال حضور البرامج الفقهية المتلفزة، أو غيرها ممّا يتيح للإنسان المعرفة الفقهية المناسبة، كالذي يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعيّ إذا كان موثوقاً ومأموناً من الخطأ، أو مطالعة المقالات الفقهية المنشورة على صفحات بعض المجلّات الإسلامية، ومنها مجلّة "بقيّة الله" التي خَصّصت على مدار أعوام باباً فقهياً كمساهمة منها في نشر هذه الثقافة الأصيلة.

ومن الضروري للإنسان أن لا يكتفي بالاستماع، بل عليه طرح السؤال تفقّهاً وطلباً للتعلّم وليس تعنّتاً أو مجادلةً. كما لا بدّ من الحذر من الإجابة قبل الاطّلاع الدقيق، كي لا نُوقع الآخرين في مخالفة الأحكام الشرعية والإفتاء بغير علم.

"اللهم أعطني بصيرة في دينك، وفَهماً في حكمك، وفِقهاً في عِلمك..".


1. الكليني، الكافي، ج1، ص34.
2. البرقي، المحاسن، ج1، ص228.
3. (م.ن)، ج 1، ص229.

أضيف في: | عدد المشاهدات: