هل سبق وأن وصف لك الطبيب دواءً لم ينفعك؟ أو أنّه زاد
حالتك سوءاً؟ هل سبق وأنْ أخذت دواءً فترة طويلة وبعد إيقافه أحسست بإرهاق شديد؟ هل
صحيح أن هناك دواءً يؤثر على شهيّتك، فيزيدها أو ينقصها؟ وهل يمكن أن يكون السبب
تأثير غذائك على تفاعل الدواء في جسمك، أم العكس؟ بالطبع، فإن كثيراً من هذه
الحالات قد مرّ علينا أو على أحد معارفنا.. لكن الأسباب غالباً قد تكون خفية علينا
وحقائقها غير واضحة. لذلك، سنتعرف في هذا المقال إلى بعض هذه الأسباب، التي تعرف بـ"التفاعل
الغذائي-الدوائي".
•أهمية التعرف على التفاعل الغذائي- الدوائي
يؤثر الغذاء أحياناً على فعاليّة الدواء في الجسم؛ فإما يقلّل من نسبة فعاليته أو
يزيد منها. وقد يؤثّر الدواء أيضاً على عمل الغذاء في الجسم، فإمّا يقلل من امتصاصه
أو تفاعله أو تصريفه من الجسم، أو يزيد من ذلك كلّه.
أمّا عن أضرار الغذاء على فعالية الدواء، فناهيك عن البقاء في المراكز الصحية لفترة
أطول، قد يؤدي إلى:
- تدهور حالة المريض؛ لأنّ الدواء إن لم يكن فعّالاً بما يكفي، فيستحكم المرض به
أكثر فأكثر.
- استخدام عدد أكبر من الأدوية ولفترة أطول.
إنّ التنبه إلى آثار التفاعل الغذائي-الدوائي، يمكّن المعالج والمريض من العمل
معاً؛ لأجل منع أو تخفيف المشاكل الصحية، على سبيل المثال:
إن الاستخدام المطوّل لأدوية الكورتيزون يؤثّر على تفاعل الكالسيوم في الجسم؛ ما
يؤدي إلى ترقّق العظام.
•موارد التفاعل (الغذائي-الدوائي)
إن تأثير الغذاء على تفاعل الدّواء في الجسم، يجري في موارد ثلاثة:
1- عند امتصاص الدواء.
2- عند تفاعله مع الجسم.
3- عند تصريفه من الجسم.
1- مرحلة الامتصاص:
أ- بعض الأدوية يقلّل من امتصاص المعادن:
مثال: المضادات الحيوية (Antibiotics): تمنع امتصاص الكالسيوم من الأغذية، حتّى من
المكمّلات الغذائية، بالإضافة إلى الحديد، الزنك، والماغنيزيوم.
النصيحة: يجب وجود زمان فاصل بين تناول الدواء والمكملات الغذائية لهذه الفيتامينات
من ساعتين إلى 6 ساعات.
وفي حال كان العلاج لفترة قصيرة، يفضّل إيقاف أخذ هذه المكملات الغذائية (الكالسيوم
والحديد) إلى حين انتهاء العلاج.
ب- بعض الأدوية يقلل من امتصاص الفيتامينات:
مثال: أدوية الإسهال: تقلّل من امتصاص الفيتامينات A,D,E,K والفوليك أسيد.
النصيحة: يفضّل تناول الحبوب المكمّلة عند أخذ العلاج لفترة طويلة، خاصّة عند
تناوله أكثر من مرّة في اليوم.
ج- الأدويــة المـسهّلة والمسرّعة لعمل الأمعاء:
تقلّل زمن بقاء الأغذية في الأمعاء، بالتالي تقلّل من فرصة امتصاصه إلى الدم،
وتخليته بسرعة، فتؤدي إلى خسارة الكالسيوم والبوتاسيوم.
د-أدوية حرقة المعدة أو الارتجاع الأسيدي (zantac repcid):
تخفف مستوى الأسيد في المعدة، وبالتالي تقلل امتصاص الفيتامين B12.
هـ- الأدوية غير الستيرويدية، العلاجات الكيماوية، والاستهلاك المطوَّل للمضادات
الحيوية:
تدمّر الغشاء المخاطي، وكذلك الألياف الدقيقة في الأمعاء، المسؤولة عن امتصاص
الأغذية اللازمة للدم؛ ما يؤدي إلى سوء امتصاص بعض الأغذية كالكالسيوم والحديد.
• مرحلة التفاعل
أ- أدوية الصرع: تزيد من استهلاك الجسم للفيتامين (D, K) والفوليك أسيد.
ب- أدوية السلّ: تؤدي إلى نقص في الـvit B6 ومشاكل في الأعصاب، بالتالي
يحتاج إلى مكمل غذائي من الـvit B6.
ج- أدوية الروماتيزم: قد تؤدي إلى نقص في الفوليك أسيد، وبالتالي يزيد
احتمال الإصابة بفقر الدم بالفوليك أسيد.
من الممكن في هذه الحالات، تناول مكمّل غذائي خلال فترة العلاج.
• مرحلة التصريف
أ- الأدوية المدرّة للبول: تؤدي إلى نقص في الماغنيزيوم- الصوديوم-
الكلورايد- والكالسيوم.
إنّ كبار السّن هم الأكثر تأثراً بهذا التفاعل الدوائي؛ إذ يؤدي إلى نقصٍ حادٍّ في
الصوديوم، خاصة إذا أضيف إليه سوء التغذية؛ ما يؤدي إلى تشوّش ذهني.
ب- الأدوية المعالجة لاحتباس السوائل (التورم): الذي يصاحب أمراض القلب، الكبد،
أو الكلى، أو الاحتباس الناتج عن أدوية الكورتيزون أو أدوية الضغط؛ ما يزيد من نسبة
التخلص من البوتاسيوم والماغنيزيوم، ويقلّل من نسبة التخلص من الكالسيوم.
ملاحظة: قد يؤدي تناول الكالسيوم كمكمّل غذائي مصاحبٍ لهذه الأدوية إلى التكلُّس.
ج- أدوية الكورتيزون: تقلّل من تصريف الملح ما يؤدي إلى التورم. كما إنّها تزيد
من تصريف البوتاسيـوم والكالسيـــوم من الجسم عبر البول. لذا، على المريض الذي
يستهلك هذا الدواء، تناول غذاء قليل الملح وغنيّ بالبوتاسيوم والكالسيوم.
ويُعطى عادة المريض مكمّلات من الكالسيوم والفيتامين (D) لتفادي ترقّق العظام.
•الأدوية وآثارها الجانبية
أ- الأدويــة غيــر الـستيرويــديـة: كالأسبـريــن الـمـوتـريــن أدفـيـل
(aspirin Motrin, Advil)، التي قد يسبب استهلاكها مشاكل في المعدة: الحرقة، تقرّح،
نزيف مفاجئ.
ب- أدوية التحكّم بالشهية: يؤثّر بعض الأدوية التي تعمل على إنقاص الشهية
كأدوية الرجيم، على الجهاز العصبي، فتؤدي مثلاً إلى: ارتفاع الضغط- أوجاع الرأس-
صرع- مشاكل في القلب.
ج- أدوية الأعصاب: قد يؤدي بعض أدوية الأمراض العصبية والصرع إلى زيادة الشهية
وزيادة الوزن، فيما يؤدي استهلاك أدوية الكورتيزون إلى (احتباس السوائل+ زيادة شهية).
الحلّ: عند استهلاك هذا النوع من الأدويّة، يجب مراقبة الوزن واتباع النظام الغذائي
وممارسة الرياضة.
د- أدوية تؤثّر على السكر في الدم: يزيد بعض الأدوية السكر في الدم، مثل: أدوية
الهورمونات- أقراص منع الحمل. ولذلك يُوصف أحياناً دواءٌ ينظّم السكّر (METFORMIN)
إلى جانب هذه الأدوية.
ختاماً، إنّ الاستشارة الغذائية مهمة لـ:
- إيجاد حلول وقائية: عندما يبدأ المريض بتناول الغذاء.
- إيجاد حلول بعدية: لمعرفة إن كانت المشاكل الصحية ناتجة عن التفاعل الغذائي
الدّوائي.
لذلك، من المهم أن لا ينسى المريض ذكر أيّ من الأدوية التي يستهلكها عند زيارته
للطبيب أو أخصائية التغذية، ليتمكّنا من استباق مخاطر محتملة، والسعي لإيجاد الحلول
المناسبة.
(*) أخصائيّة تغذية.