مقتطفات من سيرة الإنسان العظيم الذي جسد حياة الأولياء والصديقين.
* يقول آية الله إبراهيم الأميني: إحدى خصائص الإمام هي محاربة الأهواء النفسية والسعي للوصول إلى الإخلاص، ويمكن أن يستفاد في هذا الموضوع من بعض أعماله. فعلى سبيل المثال معاملته مع تلامذته كانت عادلة لدرجة أنه لم يكن يظهر محبة لأحد على حساب الآخرين أو يفاضل بين طلابه القدماء والجدد، بل حتى أنه لم يكن يرجح طلابه على طلاب آخرين.
كان الجلوس معه من آنس الأشياء إلى نفسي،. كنت أُعتبر من محبّيه وتلامذته ومريديه. أما تصرّفه معي فكان مثل سائر الطلاب، وكان تعامله عادياً وطبيعياً، وكنت أعدّ هذه الصفة من الصفات الجميلة التي لم تكن فقط باعثة على عدم انزعاجي، إنما زادتني حباً له، وهي صفة لم تكن عند الكثير من الأساتذة.
* ويقول حجة الإسلام محمد سجادي أصفهاني: من الصفات السامية للإمام الدقة في استقصاء البحوث، ففي أي بحث يبدأه، كان يلاحق المسألة بدقة وعمق، وينقل كل الأقوال ثم يقوم بنقدها. كان الإمام يبذل جهداً كبيراً لتربية الطلاب والتقدم بهم على الصعيد العلمي، ولهذا أيضاً كان يسمح للطلاب بتوجيه الإشكالات في درسه، قال لنا في أحد الأيام: "مكان المرحوم الشيخ عبد الكريم مؤسس الحوزة العلمية في قم قد قال للذي يكتب دروسه بعد مطالعتها ما كتبته جيد جداً، ولكن ليتك أشكلت عليه، فإن لم يكن من إشكال تسجل ولو شتيمة".
وكان هدفه من رماية هذه الحادثة هو تنبيه الطلاب إلى أن لا يقبلوا كل ما يقوله، بل يقابلوا الآراء والأفكار وأن يتعاملوا معها لا كمال يتعامل مع القرآن، ولذا كان الإمام يوصي بأن لا تستولي علينا هيبة الكبار وشخصية العلماء، ولهذا كان تلامذته يمتازون عن غيرهم لأنه كان يسمح لهم أن يُشكِلوا في درسه وكان يشجّعهم على هذا الأمر.
لن أنسى حينما بدأت بحضور بحث الخارج عنده، كتبت دروسه التي كانت حول المعاملات تبعاً لتشجيعه. وفي يوم بعد الدرس، في الطريق بين المسجد والبيت قلت له بأنني كتبت ما ألقيتم من الدروس، فهل تسمح لي أن أقدمه لكم. قال: نعم، واستقبله بحفاوة بالغة. وتعجبت لأن الإمام كان مشغولاً جداً. وتساءلت كيف قبل ذلك، ثم قدمت الكراس له. بعد سبعة أيام أرسلها لي مع تعليقه كان قد كتبها عليها، ووجدت أنه قد طالعها بدقة وعلَّق على الإشكالات الواردة فيها. وهذا يكشف عن شد تواضعه ورغبته في تربية الطلاب، فهو لم يكتَفِ بهذا المقدار بل قال: "أشيد بك لأنك أشكلت فيه".
* ويقول حجة الإسلام رحيميان: في إحدى الأيام، وصلت رسالة إلى الإمام من أحد أئمة الجمعة المحترمين، وكان من تلامذة سماحته وموضع ثقته ومعرفته الوطيدة في نفس الوقت. قال فيها: لقد مضت علي سبع سنوت وأنا أقوم بأعباء إمامة الجمعة عملت خلالها أربع عشرة ساعة يومياً، مما أدى إلى تخلُّفي عن النشاط العلمي واستهلاك المخزون الثقافي الذي يعينني في أداء رسالتي على أكمل وجه. لذا أرجو أن تسمحوا لي بالتنحي عن هذه المهمة والعودة مرة أخرى إلى أجواء الحوزة العلمية. عندما أطلع سماحته على فحوى الرسالة، أجاب: (الهدف من الدراسة والتحصيل العلمي هو إعداد النفس لخدمة الإسلام والمسلمين، الأمر الذي تقوم به الآن، أما إذا كنت تعاني من مشكلة ما بسبب عدم قدرتك على متابعة الدراسة، فيجب أن تسعى للقيام بواجباتك على أكمل وجه، وتنظيم وقتك بحيث تتمكَّن من المطالعة أيضاً).