نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وما كانوا سابقين

السيّد علي عبّاس الموسوي


عندما نضع في دائرة اهتمامنا مواقف بعض الأفراد أو سلوكهم في مواجهة بعض المسائل، فإننا نلحظ العوامل والأسباب الماديّة، والدوافع المرتبطة بالأفكار التي يحملونها ونسعى لتفسيرها بما أوتينا من علم، وذلك بغرض المعالجة أو بغرض مجرّد تبرير ذلك السلوك.

ولكن يبقى من العوامل ما يخفى علينا أو ما لا يمكن ملاحظته بما يسمح بالتحليل الصحيح والصادق. ومن هنا كان لنقص المعلومات والمعطيات تأثيره على مدى صوابيّة الاستنتاج.

وفي العناصر الإسلامية خصوصية لم يمتلك أعداء الدين القدرة على فهمها أو تحليلها، ولا سيّما في شخصيّةٍ كالإمام الخميني قدس سره، والتي كانت شعاراً دائماً لديه قبل انتصار الثورة الإسلاميّة وبعدها عند تأسيس الجمهورية الإسلاميّة؛ ألا وهي "العمل بالتكليف".

فالعمل بالتكليف يعني أنّ على الإنسان أن يؤدّي ما عليه دون أن تشكّل النتيجة والثمرة والفائدة عنصراً مؤثّراً على الالتزام والأداء. ولكن لا ينبغي أن يُفهم ذلك بشكل خاطئ، لأنّ العمل بالتكليف يتوقّف على تشخيص ذلك التكليف، من خلال الأخذ بالأسباب الطبيعيّة ودراستها، وضمان وصولها إلى النتائج المطلوبة. ولكن متى تَحدّد ذلك كلّه وأصبح التكليف جلياً، ولو من خلال اتّباع أولي الأمر، فلا بدّ من العمل به. والتردّد الناشئ من ناحية إمكانية الوصول إلى النتيجة المطلوبة أو عدمها هو الخطأ الذي ينبغي الحذر منه.

وفي بعض المسائل تشتدّ الحاجة إلى التمسّك بمفهوم العمل بالتكليف وعدم النظر دائماً إلى ترتّب النتائج أو عيش حالة الترقّب، بما يسمح بالتذبذب أو الضعف والوهن والتقصير. ونموذج ذلك يمكن ملاحظته في مَوردين: أحدهما عندما يتعلق الأمر بما هو غيب بالنسبة إلى هذا الإنسان، والآخر عندما يتعلّق بما هو خارج عن قدرته واختياره. فالجهاد في سبيل الله ضدّ أهل الكفر بما أُعطي الإنسان من قوّة تكليف، والنصر الإلهيّ وعد غير مكذوب. ولكن هو من الغيب الخارج عن دائرة الإحاطة والعلم لدى الإنسان، ولا ينبغي للإنسان مع ترقّبه لهذا النصر أن يعيقه أو يؤخّره عن العمل بالتكليف الملقى عليه بالجهاد في سبيل الله. هذا فيما يرتبط بالمورد الأول.

وأما المورد الثاني، فمثاله الدعوة إلى الله عزّ وجلّ وبلاغ هذا الدين للناس، والذي هو تكليف الأنبياء والأئمة وكلّ مؤمن بهذا الدين في كلّ عصر وزمان ومكان. وهذا التكليف لمّا كان يرتبط بإيمان الناس وعقيدتهم وهو أمر خارج عن اختيار الدعاة إلى الله والمبلّغين لأمره ونهيه، فإنّ النتيجة لا ينبغي أن تقف عائقاً أمام القيام بالتكليف، بل الإنسان الذي يدعو إلى الله عزّ وجلّ عليه أن يبذل جهده في أداء تكليفه على أفضل وجه دون أن يكون للوصول إلى النتيجة المنشودة أو عدمه تأثيرهما في العمل بالتكليف.

إنّ الثقة بالله عزّ وجلّ، والإيمان بحكمته هما البناء الذي يقوم على أساسهما اهتمام الإنسان في العمل بالتكليف، فمن كان عمله لله عزّ وجلّ كان همّه أن يكون ممتثلاً في الطاعة للأمر الإلهيّ وموكلاً سائر الأمور إلى الله عزّ وجلّ؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (الرعد: 40).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع