نحن لا نخشى أن يتكلموا في الغرب ضدنا، وأن يعترض شيئاً الذين يدعون أنهم يراعون حقوق الإنسان، يجب أن نعاملهم على ميزان العدل وسوف نفهمهم ما معنى الديمقراطية، فالديمقراطية الغربية فاسدة والديمقراطية الشرقية فاسدة أيضاً، والديمقراطية الصحيحة هي الديمقراطية الإسلامية، وإذا وفقنا فسوف نثبت للشرق والغرب بعدئذ، أن ديمقراطيتنا هي الديمقراطية، لا الديمقراطية التي عندهم، والتي تدافع عن الرأسماليين الكبار والتي عند أولئك المدافعين عن القوى الكبرى، وقد جعلوا الناس كلهم في كبت شديد.
أيها المتأثرون بالغرب، أيها المغترون بالأجانب، أيها الفاقدون الألباب، راجعوا أنفسكم، لا تجعلوا صبغة الغرب تستولي على كل ما لديكم لاحظوا الأشياء التي في الغرب، الأشياء الجيدة التي في الغرب، لاحظوا جمعية حقوق الإنسان الموجودة في الغرب، انظروا إلى هؤلاء الأشخاص الموجودين هناك وما هي الأهداف التي يرمون إليها، هل يطالبون بحقوق الإنسان ويجعلونها نصب أعينهم أم أنهم يريدون حقوق القوى العظمى؟ إنهم يتبعون القوى العظمى ويريدون تحقيق أهداف هذه القوى!.
إن علاقتنا مع أمريكا علاقة المظلوم مع الظالم، علاقة المنهوب مع الناهب ماذا نستفيد منها، إنهم يبتغون هذه العلاقات، إنهم يحتاجون لهذه العلاقات، ولكن ماذا نحتاج نحن من أمريكا، أمريكا في آخر العالم، إنهم يحبون أن تكون لهم أسواقنا، ويطمعون أن تكون لهم مصادر نفطنا وأما نحن فمسلمون والإسلام لا يظلم أحدا، ولا يقبل الظلم. ثقوا أن قوى الشرق والغرب، إنما هي تلك المظاهر الفارغة للدنيا المادية التي ليست شيئاً أمام عالم الخلود السرمدي لعالم القيم المعنوية، إنني أعلنها بصراحة: أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤسس وتعمل بكل وجودها لإحياء الشخصية الإسلامية لمسلمي العالم كله، ولا ترى سبباً لأن تمتنع عن دعوة مسلمي الدنيا الى تأييد مبدأ امتلاك السلطة في العالم. لقد رأينا ورأيتم لا سيما في القرن الأخير الذي شهد توغل القوى الكبرى ناهبة العالم، ودخولها المرحلي للبلدان الإسلامية وعموم البلدان الصغيرة، رأينا ورأيتم أو قرأنا في التاريخ الصحيح أن أيّاً من الحكومات المتسلطة على تلك البلدان لا تفكر بحرية واستقلال ورفاهية شعوبها، بل إن غالبيتها شبه المطلقة، إما أن تكون قد بادرت بنفسها لممارسة الظلم والقمع بحق شعوبها من أجل مصالحها الشخصية والفئوية أو من أجل رفاهية فئة المترفين والأعيان، فيما كانت الفئات المظلومة وسكنة الأكواخ محرومة من كل هبات الحياة، وإما أن تكون تلك الحكومات قد نصبتها القوى الكبرى لتجند كل طاقاتها من أجل ربط البلدان والشعوب بها، وتحويل البلدان بمكائد شتى إلى أسواق للشرق والغرب وجعل الشعوب متخلفة استهلاكية فأمَّنوا بذلك مصالحهم وما زالت تلك الحكومات تتحرك وفق هذا المخطط. إن الذي يتبع الدين الإسلامي يجب عليه أن يعارض القوى العظمى، ويخلّص المظلومين من مخالبها.
* مصالحة القوى العظمى ظلم للبشرية
إن الذين يعترضون علينا ويقولون لماذا لا تصالحون القوى الفاسدة، إنما ينظرون الى جميع الأمور بنظرة مادية، ويفسرون الأمور من خلال العين المادية. إنهم لا يعلمون ماذا كان نهج أنبياء اللّه. كيف كانوا يتعاملون مع الظالم، أو إنهم يعلمون ذلك ولكنهم يتجاهلون. إن مصالحة الظالم تعدّ ظلماً للمظلومين، وإن مصالحة القوى العظمى تعدّ ظلماً للبشرية. إن الذين يطلبون منّا المساومة إما جهلة وإما عملاء. إن مصالحة الظالم تعني إطلاق يده لممارسة الظلم. وهذا يعارض رأي جميع الأنبياء. فلقد سعى الأنبياء العظام بجدّ قدر استطاعتهم لإزالة الظلم عن هذا الإنسان الظالم، بالموعظة وبالنصيحة وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ الحديد/25. بعد أن لم تنفع الموعظة ولا النصيحة، لجأوا إلى آخر الدواء "آخر الدواء الكي" آخر الدواء هو الحرق، السيف هو آخر الدواء.
أيها المسلمون في جميع أقطار العالم، بما أنكم تحت سلطة الأجانب مبتلون بالموت البطيء عليكم أن تنتصروا على الخوف من الموت، وأن تستفيدوا من وجود الشبان المندفعين المتطوعين للشهادة المستعدين لاختراق خطوط جبهة الكفر، لا تفكروا في الإبقاء على الوضع القائم، بل فكروا في التخلص من الأسر، وفي التحرر من العبودية والثورة على أعداء الإسلام، لأن العزة والحياة إنما هما في ظل الكفاح، وإن أول خطوة في الكفاح هي الإرادة، وعاهدوا أنفسكم بعد ذلك على منع سيادة الكفر والشرك العالمي وبخاصة أمريكا.
وصيتي إلى شعوب البلدان الإسلامية، أن لا تنتظروا أن يأتيكم أحد من الخارج ليعينكم على الوصول إلى الهدف، وهو الإسلام وتطبيق أحكامه، يجب عليكم أن تنتفضوا من أجل هذا الهدف الذي يحقق الاستقلال والحرية وليدعُ العلماء الأعلام والخطباء الموقرون في البلدان الإسلامية، الحكومات إلى التحرر من التبعية للقوى الأجنبية الكبرى، والى التفاهم مع شعوبها فبذلك سيكون النصر حليفها، وليدعو أبناء الشعوب كذلك إلى الوحدة ونبذ القومية العنصرية، فهي خلاف المبادئء الإسلامية، وأن يمدوا يد الأخوة إلى أخوتهم في الإيمان في أي بلد أو جنس كانوا، فقد اعتبرهم الإسلام العظيم أخوة وإذا تحققت هذه الأخوة يوماً ما بهمة الحكومات والشعوب وتأييد اللّه سبحانه وتعالى، فسترون أن المسلمين يشكلون أكبر قوة في العالم، نأمل أن يأتي ذلك اليوم الذي تتحق فيه هذه الأخوة والمساواة بمشيئة اللهّ تعالى.
نحمد اللّه الذي أراد أن يمنّ على المستضعفين ضد المستكبرين، ويطهّر الأرض من رجس المستكبرين. وأن يرث المستضعفون حكومة الأرض. فالإسلام جاء لهذا الهدف، والتعاليم الإسلامية تستهدف تحقيق هذا المعنى، وهو أن لا يبقى ولا مستكبر واحد على الأرض، وأن لا يتمكن المستكبرون من استعمار المستضعفين واستثمارهم. إننا نفهم من تعليمات القران السامية وسيرة الرسول الأكرم وأئمة المسلمين، ومن سيرة الأنبياء كما ينقلها القران، إنه يجب على المستضعفين أن يجتمعوا معاً ويثوروا ضد المستكبرين، ولا يدعوا أولئك يأخذون حقوقهم. إننا تحركنا من خلال هذه التعاليم، واستقبل شعبنا الشهادة لأجل هذا الهدف، ولأن الشهادة كانت هي الهدف؛ فقد انتصر بالقبضة والدم على جميع القوى الجهنمية والدبابات والبنادق والقوى العظمى التي كان تساند الملك السابق.