نظراً لأهمية الوصية التي كانت عصارة تجربة أعظم رجل عرفه القرن ونظراً لإمكانية تدريسها سوف نقوم بتبويبها تباعاً حتى يسهل فهم المقاصد.
أ- مخططات الاستكبار المشؤومة
1- تغريب الأمة:
من جملة المؤامرات التي تركت. وللأسف- أثراً كبيراً في مختلف البلاد وبلدنا العزيز، وما تزال آثارها قائمة إلى حد كبير جعل الدول المنكوبة بالاستعمار تعيش الغربة عن هويتها.
2- الاتجاه نحو الشرق والغرب:
لتصبح منبهرة بالغرب والشرق بحيث أنها لا تقيم أي وزن لنفسها وثقافتها وقوتها.
3- التبعية:
وتعتبر قطبي الشرق والغرب العنصر المتفوق، وثقافتهما الأسمى... وهمنا قبلة العالم والارتباط بأحدهما من الفرائض التي لا يمكن اجتنابها...
وقصة هذا الأمر المحزن طويلة.. والضربات التي تلقيناها. وما زلنا- ضربات قاتلة ومدمرة.
4- التخلف والاستهلاك:
والأدهى من ذلك أن أولئك حرصوا على إبقاء الدول المظلومة المستعيدة متخلفة في كل شيء... ودولاً استهلاكية. وخوفونا من مظاهر تقدمهم وتقدم قدراتهم الشيطانية إلى حد كبير بحيث لم نعد نجرأ على المبادرة إلى أي إبداع.
5- التسليم للإستكبار:
وسلمنا لهم كل شيء وأودعناهم مصيرنا وبلادنا وأغمضنا عيوننا وسددنا آذاننا مطيعين للأوامر.
6- الخواء والفراغ العقلي:
وهذا الخواء والفراغ العقلي المصطنع أوجب أن لا تعتمد على فكرنا وعملنا في أي أمر وإن نقلد الشرق والغرب تقليداً أعمى، بل كان الكتَّاب والخطباء الجهلة المنبهرون بالغرب والشرق- وما يزالون- ينتقدون ويسخرون من ثقافتنا وأدبنا وصناعتنا واختراعنا- إن كان- ويقللون من شأن فكرنا وإمكاناتنا المحلية ويزرعون فيها اليأس ويروجون بأعمالهم وأقوالهم وكتاباتهم العادات والتقليد الأجنبية مهما كانت مبتذلة ومنحطة، وقد عملوا- وما يزالون- على تسويقها بين الشعوب بالمدح والثناء. وعلى سبيل المثال: إذا كان في كتاب ما (أو مقالة أو خطابة) عدة مفردات أجنبية فإنهم يقبلون بإعجاب عليه دون التحقيق في محتواه ويعتبرون الكاتب أو الخطيب عالماً مثقفاً.
وإذا لاحظنا من المهد إلى اللحد فكلما نراه إذا كان قد سمي بمفردة غربية أو شرقية فهو مرغوب ويحظى بالاهتمام ويعتبر من مظاهر التمدن.
ـ أما إذا سمي باسم محلي مما نسميه نحن- فهو مرفوض وقديم ومتخلف.
أطفالنا إذا كانت أسماؤهم غربية فهم فخورون... وإذا كانت محلية فهم خجلون ومتخلفون... الشوارع، الأزقة، المحلات، الشركات، الصيدليات، المكتبات العامة، الأقمشة وسائر الأمتعة... كل ما ينتج في الداخل، فلا بد من اختيار اسم أجنبي له ليقبل الناس عليه ويرضوا به.
7- الافتخار بالتغرّب:
التفرنج من الرأس إلى القدم وفي كل شيء، من الجلوس والقيام وجميع مظاهر العلاقات الاجتماعية وجميع شؤون الحياة سبب للافتخار والاعتزاز والتمدن والرُّقي.
وفي مقابل ذلك، الآداب والتقاليد المحلية رجعية ومتخلِّفة. عند الابتلاء بمرض ولو كان جزئياً يمكن علاجه في الداخل يجب الذهاب إلى الخارج وإشعار دكاترتنا وأطبائنا باليأس.
8- عدم الاعتناء بالمسائل
المعنوية كدليل على التمدن:
الذهاب إلى إنكلترا وفرنسا وأمريكا وموسكو افتخار قيم، والذهاب إلى الحج وسائر الأماكن المباركة رجعية وتخلف. عدم احترام ما يرتبط بالدين والمعنويات من علائم التجدد والتمدن، وفي المقابل الالتزام بهذه الأمور علاقة التخلف والرجعية.
9- حرمونا من كل شيء:
لا أقول أننا نمتلك كل شيء فمن الواضح أنهم حرمونا كثيراً، طول التاريخ غير البعيد وخصوصاً في القرون الأخيرة، من كل تقدم، خاصة رجال الحكم الخونة وبالأخص أسرة بهلوي. ومراكز الدعاية ضد منجزاتنا والإحساس بالضعف أو عقدة النقص، كل ذلك حرمنا من أية فعالية في سبيل التقدم.
10- الهدف من ترك الشعوب متخلفة:
استيراد البضائع من جميع الأنواع، وإلهاء النساء والرجال خصوصاً طبقة الشباب بأقسام البضائع المستوردة من قبيل أدوات التجميل والزينة والكماليات والألعاب الصبيانية وجر الأسر إلى التنافس في الروح الاستهلاكية التي تبذل الجهود الكبيرة لتنميتها... ولهذا الأمر بالذات قصص محزنة- وإلهاء الشباب وجرّهم إلى الفساد وهم القوة الفاعلة عبر توفير مراكز الفحشاء ودور البغاء وعشرات من هذه المصائب المدروسة بهدف إبقاء الدول متخلفة.