أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: وَمَا كَانُوا سَابِقِين

السيّد علي عبّاس الموسوي


من مقتضيات الحكمة الإلهيّة إرشاد الإنسان إلى ما فيه الخير والصلاح؛ لقصوره عن معرفة الطريق الموصل له إلى نيل السعادة. وهذا ما تكفَّل به الأنبياء والرسل عليهم السلام. فالإنسان المخلوق الأكرم والأشرف محلُّ العناية الإلهية الخاصّة تمهيداً لوصوله إلى مقام الخلافة التي لأجلها كانت خلقته.

ومن مقتضيات الحكمة الإلهيّة، أيضاً، أن جَعَلَ تعالى نظام الأسباب والمسبّبات حاكماً في الكون، وهو نظام عام شامل، فلا يقتصر أمره على المسائل الكونية؛ أي بما يجري من حركة السموات والأرض، بل يشمل فعل الإنسان وما يصدر منه، بل حتّى ما يختاره الإنسان خاضع أيضاً لنظام الأسباب والمسببات.

وبالنظر في كلا الأمرين نصل إلى أنّ الهداية والضلال لهما أسبابهما أيضاً، وأنّ توافر أسباب الهداية سوف يصل بالمجتمع إلى مجتمع الخلافة الإلهيّة، وتوافر أسباب الضلال سوف ينقل المجتمع من ضفّة الإيمان والتقوى إلى الضلال والعمى.

فحركة الأنبياء والرسل يراد منها توفير أسباب الهداية. ولم يلجأ الأنبياء في دعوتهم إلى الإكراه والإلزام، لأنّ الهدى الذي يريده الله هو ما كان صادراً عن اختيارٍ تامّ مسؤول، وكذلك حركة شياطين الإنس والجنّ تسعى لتوفير أسباب الضلال والعمى وتتوصّل في سبيل ذلك بما تتمكّن منه من أسباب.

والقرآن الكريم يرشدنا إلى نماذج متعدّدة، فثمة مجتمعات كانت من أهل الإيمان والهدى ومن أتباع سبيل الحقّ، ولكنّ الباطل غلب عليها فانتقلت إلى الضلال، قال تعالى: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (العنكبوت: 38).

وفي هذا النص القرآني بيان لأسباب الضلال وتزيين الشيطان لهذا الإنسان الذي اتّبع عدوّه مع معرفته بالحقّ والهدى؛ وذلك انقياداً وراء شهواته.

ومن نماذج الضلال التي تعرض لها القرآن الكريم كاشفاً عن أسبابه ثلاثية "قارون وفرعون وهامان" بما تمثّله في مجتمعاتنا من "سلطة المال والاقتصاد، وسلطة الحكم والملك، وسلطة المعرفة والعلوم". والقرآن الكريم يشرح أسباب الانحراف في هذه السلطات، كاشفاً عن عامل داخليّ في النفس الإنسانيّة يدفعها في خطّ الضلال: "الاستكبار".

هذا الاستكبار يجعل الإنسان يرى نفسه في صورة من يتمكّن من الغلبة على كلّ شيء، ويتمكّن من الوصول إلى أيّ شيء. فالاستكبار مرآة تري الإنسان نفسه أكبر من حجمه، ولكنّه في لحظة من لحظاته يستيقن ضعفه وعَجزه. ففرعون انتقل من حالة ندائه للناس بأنّه الربّ الأعلى وهو في قصره مع جنده وأتباعه، إلى حالة النداء بالتوبة لحظة غرقه وقد فَقَدَ كلّ ما كان يتوهّمه، وهكذا حال كلّ من يعيش الاستكبار في هذه الدنيا، يصفه القرآن الكريم بأنّه لن يكون غالباً ولا سابقاً، بل سيمسك به رب العزّة والجلال ليذيقه وبال أمره، وقد قال تعالى: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (العنكبوت: 39).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع