مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قبسات من سيرة الشيخ الوائلي‏ عميد المنبر الحسيني‏


* ولادته ونشأته:
ولد الشيخ أحمد بن الشيخ حسون بن سعيد الوائلي عام 1927 في مدينة النجف الأشرف في أسرته المعروفة بآل حرج، وهي أسرة عربية عريقة امتاز رجالها بالنخوة والشهامة وببروز بعض الشخصيات العلمية والأدبية فيها. ترعرع الوائلي في البيئة النجفية التي تميزت بكونها موئلاً للعلم والأدب وباعتبارها المركز الحيوي للحوزات العلمية والدراسات الدينية، فكانت رافداً مهماً في حياته حيث كان لها الأثر الكبير في تكوين شخصيته الثرية بالعلم والأدب والخطابة. أظهر الوائلي نبوغاً في صغره فقد حفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنوات أثناء دراسته بالكتاتيب ودرس في الحوزة العلمية متتلمذاً على يد ثلة من العلماء والمراجع المحققين وحفل عصره أيضاً بعدد من الخطباء البارزين وقد كان ينهل من علومهم ومعارفهم محققاً تفوقاً لافتاً في كل صنف من صنفي دراسته الحوزوية والأكاديمية العليا التي تابعها حتى حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة التي نالها بأطروحته: "استغلال الأجير وموقف الإسلام منه".

* مميزات شخصيته: يعتبر الوائلي من أبرز رموز المنبر الحسيني ومؤسس المدرسة المعاصرة للخطابة الحسينية والعميد الكبير للسلك الخطابي، فقد تميز بقدراته الخطابية والفكرية والأدبية فهو صاحب مدرسة مستقلة في الخطابة، رائدة في منهجها وأسلوبها، متفردة في عطاءاتها وأبعادها وهذا ما جعله يتبوأ المكانة الرفيعة في عالم الخطابة ويحقق الانجاز العظيم في المنبر الحسيني ويعود ذلك إلى أن شخصيته تفاعلت فيها عوامل عديدة منها:

- دراسته في الحوزة العلمية والتي أكسبته عمقاً ومعرفة كبيرة بالفقه والأصول والبلاغة والسيرة والتاريخ والتفسير الحديث فالوائلي لم يدخل عالم الخطابة والمنبر اعتماداً على الصوت والحفظ فقط بل حاز نصيباً وافراً من العلوم - الدينية التي طورت قدرته على التحليل والمقارنة والاستدلال.
- دراسته الأكاديمية جعلته يفكر بطريقة منهجية وموضوعية.
- نشؤوه في بيئة النجف الأشرف وهي بيئة غنية بالفكر والفقه والأدب.
- وإطلاعه على الأفكار والفلسفات الغربية الأمر الذي مكّنه من عقد مقارنات موفقة بينها وبين الفكر الإسلامي أو الأحكام والمفاهيم الإسلامية.
- امتلاكه لمميزات انفرد بها عن الخطباء الآخرين كالحضور الفكري وسعة ثقافته وسرعة بديهيته وبلاغته في الكلام.
- متابعته لآخر النظريات العلمية وخاصة في مجالات الطب والكيمياء والفيزياء والفلك والمخترعات والاكتشافات العلمية وتوظيفه هذه المعلومات في محاضراته لتخدم الفكرة التي يناقشها.
- إن الوائلي نفسه كان شاعراً مقتدراً ينشد أشعاره في محاضراته وله دووايين شعرية عديدة.
- صوته المتميز في إيقاعه ونغمه وتلون طبقاته وقدرته على توظيفه بما يناسب كل مقام.

* مدرسته الخطابية
إن الإبداع الذي حققه الشيخ الوائلي في خطابته تبلور في ابتكاره مدرسة بدأت به واستمر بها طوال النصف الثاني من القرن العشرين. فقد قام بتغيير الخطابة التقليدية التي كانت سائدة قبله وفق نمط جديد تمثّل في افتتاح مجلسه بآية من القرآن الكريم ثم البدء في تفسير الآية وأسباب نزولها والتوسع في مضامينها العقائدية والأخلاقية والاجتماعية. وغالباً ما كان يعزز رأيه بقصص تاريخية أو أحداث من واقع الحياة من أجل تقريب الفكرة للسامع كما كان يذكر بعض القضايا العلمية التي تحث العقل على التفكر. لقد نجح الوائلي في مهمة التوعيه الجماهيرية من خلال تحسين أداء المنبر الحسيني، واستطاع بأسلوبه الخاص أن يوجه نحو التمسك بثورة الحسين عليه السلام التي صارت مناراً لكل الثوار والأحرار. وقد تميزت مجالسه بحضور الطبقة المثقفة من الطلبة الجامعيين والأساتذة ورجال الفكر والأدب إلى جانب عامة الناس الذين ألفوا مجالسه وحرصوا على حضورها والاستفادة منها.

* شعره:
تميز شعر الوائلي بفخامة الألفاظ وبريق الكلمات فقد كان يُعنى بأناقة قصائده لذلك وهو يعتبر شاعراً محترفاً من الرعيل الأول المتقدم من شعراء العراق حيث كان يجري الشعر على لسانه مجرى السهل الممتنع وكان أيضاً يرتجله ارتجالاً. وقد وافقت قصائده المنبرية مع ما يحتاجه المنبر الحسيني من مستوى الشعر السلس المقبول جماهيرياً وأدبياً فكانت قصائده طافحة بالحرارة والتأثير. وله دواوين صغيرة مطبوعة وقد جمعت بعض قصائده التي تنوعت في مضامينها في ديوانه المسمى باسم "ديوان الوائلي" وهي قصائد في المدح والرثاء والسياسة وفي أهل البيت ورثاء بعض الأئمة.

* آثاره ومؤلفاته:
ترك الشيخ الوائلي ثروة علمية لا تقدر ضمت آلاف المحاضرات المسجلة ومئات الأبحاث وعدداً من الكتب المطبوعة ومنها:
1- أحكام السجون في الشريعة الإسلامية.
2- استغلال الأجير وموقف الإسلام منه‏
3- هوية التشيع‏
4- إيقاع الفكر.
5 - من فقه الجنس في قنواته المذهبية.
6- جمعيات حماية الحيوان في الشريعة الإسلامية.
7- الخلفية الحضارية لموقع النجف قبل الإسلام.
8- تجاربي مع المنبر.
9- نحو تفسير علمي للقرآن الكريم.
10- دفاع عن العقيدة.
11- الأوليات في حياة الإمام علي عليه السلام.
12- ثلاثة دواوين مطبوعة.

* رجوعه إلى النجف:
ظل الشيخ الوائلي متنقلاً في بلاد المسلمين وبلاد الغرب منذ إجباره على ترك موطنه الذي كان يحمل له في قلبه الكثير من الشوق والحنين إلى أن عاد إليه ليحتضنه ترابه ويخلد اسمه الكبير في الحياة والموت بعدما وافاه الأجل في الرابع عشر من تموز سنة 2003م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع