حوار: محمد ناصر الدين
تنبع أهمية تشكيل منظمات شبابية للعمل على تركيز حضور الشباب في المجتمع بفعالية من كونهم الشريحة التي يُنظر إليها بعين الاهتمام من أجل الاستفادة من طاقاتهم في جميع المجالات ومساهمتهم في مواكبة قضايا المجتمع في الميادين كافة. قسم الشباب في حزب اللَّه هو أحد المنظمات الشبابية التي تعمل في حركة دؤوبة من خلال أهداف وبرامج ونشاطات متنوعة على رعاية وتفعيل العمل الشبابي، نتعرف عليه من خلال هذا الحديث مع مسؤول قسم الشباب في حزب اللَّه الحاج حسين يوسف.
* ما هي ضرورة إنشاء قسم للشباب داخل تشكيلات حزب اللَّه؟
إنشاء قسم للشباب هو أمر طبيعي لأن حزب اللَّه حزب شاب قام على عنصر الشباب منذ بداية نهضته، وطبيعة المهام والأهداف التي وضعها تستلزم الاهتمام بعنصر الشباب اهتماماً استثنائياً وهو أمر سابق لإنشاء القسم، ورعاية الشباب موجودة في كل تشكيلات الحزب، من الثقافة إلى العمل التعبوي والتربوي والاجتماعي، وإنشاء القسم هو تعبير عن الحاجة لفرز عنوان الشباب عن باقي العناوين حتى الطلابي منها حيث كانت البداية بقسم جامعي شبابي ثم انتقل إلى العنوان الشبابي العام. أما على مستوى الجهة التي تم التوجه إليها فالطلاب هم أساس العمل الشبابي والعمود الفقري للعمل الشبابي، ولكن يبقى العنوان العام للعمل هم الشباب.
* ما هي أهداف قسم الشباب؟
بالإضافة إلى الأهداف التي كان القسم يعمل عليها من خلال وجود قسم يرعى شؤون الطلاب على صعيد الاهتمام بالمستوى العلمي والثقافي والمستوى التعليمي للجامعيين، والاستفادة من الحضور الطلابي لحزب اللَّه للدعوة إلى منطق المقاومة والدين الإسلامي الأصيل، أضيفت عدة أهداف منها رعاية قضية الشباب كقضية حقيقية داخل المجتمع رعاية خاصة على عدة مستويات منها: الثقافي، الاجتماعي، السياسي، الديني وغيرها، انطلاقاً من تأكيد سماحة السيد القائد دام ظله على النظر إلى الشباب كقضية مستقلة وإشارته إلى أهمية مراعاة قضايا الشباب من خلال برامج متنوعة بتنوع المرحلة والمحيط والبيئة التي يتحركون فيها. والقسم يهتم بقضايا الشباب ودورهم في خدمة قضايا الأمة من استنهاض وغيره، ونحاول أن نشكل طلَّة شبابية لحزب اللَّه على الآخر في الداخل والخارج، وكذلك اعتماد برامج تخدم الشباب لها علاقة بالتنمية الثقافية وزيادة الوعي.
* ما هي أهم هذه البرامج؟
إن تجربة إعطاء طابع تخصصي لقسم الشباب هي بإطار النمو والتطوير، أما البرامج الحالية التي نهتم بها هي نشر الثقافة داخل الجسم الشبابي لحزب اللَّه، وهذه البرامج تبدأ من العمل الطلابي، وقد تمكّنا مع جهود باقي القوى من تشكيل اللجنة الشبابية والطلابية لدعم القضية الفلسطينية، والحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع وهو عنوان شبابي محض اختصاصي، وبرامج لها علاقة بالمشاركة مع باقي المنظمات والقوى الشبابية بإطار اتحاد شباب لبنان وهي تجربة بحاجة إلى الكثير من المراجعة والتطوير، وبرامج في إطار اتحادات شبابية خارجية كاتحاد الشباب العربي والاتحاد العام للطلبة العرب، والسعي باتجاه اتحاد الطلاب العالمي وهي تجربة جديدة واتحاد طلاب آسيا، إضافة إلى العلاقات الثنائية مع المنظمات الشبابية في الوطن العربي ككل. على المستوى الداخلي نحاول أن نطوِّر بعض الأنشطة التي لها طابع شبابي، إضافة إلى موضوع التظاهر والحضور بالشارع، وواحد من تلك العناوين، تقوية علاقة الشباب بالمجتمع، حيث ينمو عند الشباب حس الانتماء وتوجههم للعمل التطوعي وخدمة المجتمع والبيئة، والسعي لإيجاد برامج كالأنشطة التطوعية والحركة التعبوية من مكتبة إعارة إلى تنشيط النوادي وغيرها لتحفيز الشباب عموماً باتجاه العمل والإنتاج، وبرامج تهتم بالجانب الثقافي كالسهرات الثقافية والحلقات والندوات وما تتضمنه المخيمات من برامج، كما نسعى للفت نظر البلديات لتفعيل العمل الشبابي ويكفي أن نُوجِّه الشباب ليسعى بقدراته الخاصة لتطوير نفسه.
* ما هي الفئات العمرية التي يقوم القسم بالتعامل معها؟
هناك نظرات مختلفة لتشخيص وتحديد الشباب الذين يُنظر إليهم في إطار العمل الشبابي، والفئات العمرية للشباب اختلفت باختلاف استهدافات العمل الشبابي، وبحسب الخلفية التي ينطلق منها منظّم العمل الشبابي، فالبعض يمزج بين فترة الشباب وفترة التحصيل العلمي فتصبح بداية الشباب بداية عمرية لها علاقة بالنمو البيولوجي أي 15 أو 16 أو 18 سنة، ونهاية مرحلة الشباب تصبح نهاية المرحلة الأكاديمية فتكون بين 23 و28 سنة أو حتى يمكن أن تمتد بامتداد الدراسة وفي بلداننا العربية يمكن أن تصل إلى عمر 35 سنة بينما يصر البعض على أن تكون بين 16 و24 سنة حسب تعريف الأمم المتحدة ونحن مع المزج بين المسألتين وايجاد روابط وقواسم مشتركة لمجموعات لها طابع اجتماعي أيضاً فمن الجيد المواءمة بين الموضوع الاجتماعي والموضوع العمري والبيولوجي للحكم على موضوع الشباب ونحن بخلفياتنا الإسلامية ننظر إلى هذا الموضوع من خلال قدرة الشاب على تحمل المسؤولية التي نفترضها.
* ما هي أبرز النشاطات التي يقوم بها القسم على المستويين الداخلي والخارجي؟
هناك عدة أنواع من الأنشطة الطلابية التي يهتم القسم بها لأنه صلة الوصل مع باقي القوى الحزبية والمنظمات الشبابية والطلابية الأخرى ومن هذه الأنشطة تنسيق الانتخابات الطلابية وحفل التخرج السنوي، وتنظيم المسيرات السياسية وإقامة المخيمات السنوية للطلاب الجامعيين وأحياناً تكون مشتركة مع الآخرين، فقد نظمنا بعد التحرير مخيمات مع طلاب من البلدان العربية، وأحياناً ننطلق للمشاركة في أنشطة الآخرين سواء في لبنان مع اتحاد شباب لبنان وفي بعض البلدان العربية كما في المخيم اللبناني السوري والمخيمات التطوعية العربية، وبعض المؤتمرات كمؤتمر الطالب العربي وأمور أخرى كالتشجير. فإما نكون نحن المنظمين وإما شركاء في التنظيم أو ضيوف عند الآخرين حيث كان لنا إطلالات على مخيمات في مصر والسودان وتونس وسوريا والمخيم القومي العربي السنوي وقد نظمنا المخيم السنوي الأول لستين قطاعاً شبابياً في الأحزاب ونحن أعضاء في الهيئة التحضيرية الدائمة للجنة المنظمة، وهناك مؤتمرات عامة لكن للشباب دخالة فيها كمؤتمر مقاومة التطبيع ونحن مثلنا فيه الاهتمام الشبابي بهذا الموضوع وتنسيق إطلالات إعلامية في الأنشطة الإعلامية وهذا النوع من الأنشطة يعبر عن شكل من أشكال الاهتمام بالقضايا الشبابية في القسم.
* أين يرى القسم الشبابي في حزب اللَّه نفسه بين المنظمات الشبابية الأخرى؟
إن حزب اللَّه سواء على المستوى المحلي أو الخارجي أصبح منارة وبالتالي عندما يحضر أي ممثل لحزب اللَّه في الخارج تسبقه الحفاوة لدرجة أنه يشعر بشدة المسؤولية الملقاة على عاتقه فعلى سبيل المثال في مهرجان اتجاه الشباب الديمقراطي العالي الذي يعقد في الجزائر كل 4 سنوات يشارك فيها الطلاب بالآلاف من جميع البلدان فقد نقل المشاركون فيه ما حصل عند دخول الوفد اللبناني حيث بدأ الحضور بالهتاف للبنان ثم لحزب اللَّه ولسماحة السيد حسن نصر اللَّه مع أننا لم نكن من المشاركين. التجارب في الدول العربية تشعرنا بأن الآخر ينتظر منا الكثير ليس في موضوع المقاومة فحسب بل في القضايا الثقافية والسياسية وهذا يُحمِّل كل قطاع من قطاعات حزب اللَّه مسؤولية كبرى خاصة قطاع الشباب.
* هل استطاع القسم الشبابي أن ينقل صورة حزب اللَّه إلى القطاعات الشبابية الأخرى؟
هو يسعى إلى ذلك ويكفي أن أذكر أننا كنا خمسة من حزب اللَّه من المشاركين في مخيم شباب الأحزاب العربية وكنا نضطر للسهر حتى الصباح لمناقشة قضايا 65 وفداً مشاركاً وكنا نشعر بالمسؤولية والحاجة لبذل كل جهد بهذا الاتجاه ولهذا نحن حريصون على أن تكون مشاركتنا فاعلة وأن يكون المشاركين ممّن يتحلّون بالوعي والقدرة على مخاطبة الشرائح التي نلتقي بها.
* تحدثتم عن نظرة الآخر للشباب في حزب اللَّه، فكيف يتم تعاطي الشباب في حزب اللَّه مع الآخر؟
نحن استفدنا من تجربة حزب اللَّه في التعاطي مع الآخر والتي تمثل النظرة الإسلامية الأصيلة التي ركّزها الإمام الخميني قدس سره والتي هي على المستوى العملي متقدمة جداً على الكثير من التجارب الأخرى المشابهة، فالقدرة على التعاطي مع الآخر ليست بهذه البساطة عند الآخرين لأن هناك نظرة معقّدة تجاه الآخر، وما نقوم به يعتبر مدرسة للآخر فقدرتنا على الحوار وهو منهج أئمتنا واسلامنا كبيرة، ونظرتنا لغير المتدين ليست نظرة عداء بل نظرة تفهُّم ونحاول فيها أن نصوِّب، وهذه هي الروحية التي يتعاطى فيها شباب حزب اللَّه في مشاركاتهم مع الآخرين مما كان يجعل الآخرين يتأثرون بهذه الطريقة، وقد نقل لنا الكثير من الشباب مشاكلهم مع أنماط قائمة في بلدانهم، وكانوا يجدون ملاذاً لمناقشة الكثير من الهواجس والأسئلة التي يحملونها تجاه الإسلام حتى أن البعض كان يطلب الدخول في بعض النقاشات ويجدون الفرصة لمناقشتها والوصول إلى أجوبة منها ما يختص بالإسلام وبالتشيُّع بشكل خاص.
* ما هي العوائق التي تقف في وجه العمل الشبابي وتنميته؟ وكيف يتم التعاطي معها؟
العمل الشبابي في لبنان يعاني من غياب البرامج المساعدة التي تقوم بها الدول الأخرى حيث توجد جهات معنية بالشباب، وبعض الدول تكون فيها البرامج الشبابية من اختصاص الدولة أو يكون هناك نوع من الشراكة بين القوى الأهلية والأطر المعنية بالشباب وبين مؤسسات الدولة التي تقدم الرعاية من خلال مساعدات على كل المستويات سواء على المستوى المعنوي والمادي للشباب، وتسمح من خلال القوانين بتقديم فرصه حقيقية لتطوير العمل بهذا القطاع. في لبنان، إذا فكرت الوزارات المعنية بإقامة دراسات حول الشباب فهم يقومون بذلك بدافع من الأسكوا أو الأونسكو أو غيرها وليس بدافع خاص، والأصل هو أن تنبع هذه السياسات لوضع برامج شبابية من داخل مؤسسات الدولة.
* ألم تشكل تبعية المنظمات الشبابية في البلدان الأخرى للدولة مشكلة في التعاطي معكم كونكم منظمة غير حكومية؟
حزب اللَّه لم يعاني من التعاطي حتى مع تلك المنظمات التي تتبع مباشرة لسياسة الحكومات حتى أننا تلقينا دعوات منها وكان يُرحَّب بمشاركتنا في الكثير من البلدان، وكذلك بعض المنظمات كاتحاد الشباب العربي حيث تفرض قوانينهم عدم وجود أحزاب دينية ولكنهم كسروا هذا الحاجز وهذا القانون لأجل حزب اللَّه، وفي بعض البلدان التي تعاني الأحزاب الإسلامية أزمات بينها وبين السلطة حيث ما زالت بعض الأحزاب تعيش كلٌّ في جهة وتشوب علاقاتها بعض التعقيدات كان علينا أن نوازن في علاقاتنا مع تلك التنوعات القائمة داخل تلك المجتمعات.
* المخيمات من الأعمال الدورية التي تقومون بها، ما هي أهدافها؟ وإلى أي حد تقيِّمون نجاحها؟
المخيم هو فرصة حقيقية قد لا تؤمنها أية ظروف أخرى لقطف عدة ثمار والوصول إلى عدة قضايا ايجابية، فطبيعة المخيم أنه فرصة للترفيه بشكل أساسي، لكي يخرج الفرد من نمط قائم، فإذا مُلئت ببرامج جيدة قد يكون هو الوعاء الأنسب لاستثماره والاستفادة منه، فالشباب حين اجتماعهم يقيمون صداقات وعلاقات ويكتشفون الطاقات فيعملون على تطوير طرق التفكير، وهو فرصة لتبادل بعض العادات الحميدة إضافة إلى أن هذه المخيمات تشكل فرصة لمناقشة الكثير من القضايا الفكرية والخاصة والدقيقة جداً بأجواء رحبة، وهي فرصة للتعرف على طريقة تفكير حزب اللَّه وعلى أولوياته من قبل الآخرين. أحياناً يكون هدف المخيم تنمية العمل التطوعي والانتماء وشعور الشباب بالقدرة على التغيير فيما بعد، وهذه واحدة من المسائل التي يركز عليها سماحة القائد دام ظله حين يتكلم عن تنمية هذا الشعور عند الشباب وقدرته على التغيير نحو الأفضل، لأن هذا يعزز انتماءه، وهناك مخيمات لها طابع ترفيهي وبالتالي يصحبها برامج استقطابية، ومخيمات أخرى هي نوع من محطات لمراجعة مناهج العمل، ومخيمات لها طابع حواري مع الآخر الخ...، فإذا أحسنت دراسة طبيعة المخيم تكون البرامج أكثر رقياً بمضامينها الثقافية وغيرها وقد تحققت نتائج مهمة في المخيمات وهي بحاجة مستمرة للمراجعة والتطوير وإلى إشراك الجميع بوضع البرامج فيها حتى نوجد نوعاً من التلقائية في المشاركة.
* كيف يتم بث فكر الجهاد في أوساط الشباب العربي والإسلامي؟
بث فكر الجهاد والمقاومة واستنهاض الأمة عموماً مرّ بعدة مراحل، ففي المراحل الأولى كنا نحتاج إلى الكثير لندافع عن منطق الجهاد والمقاومة والكثير من التحليل وشحذ الهمم وإلى العمل باتجاهين شرح المعاناة وفضح طبيعة هذا العدو وأهدافه حيث لم يكن هناك وضوح كامل عند الكثير من الشباب بما يقوم به هذا العدو، وكنا بحاجة للتعريف عن انجازات المقاومة، وهل هي أداة صالحة لمقارعة هذا العدو، لهذا السبب كنا عادةً في مشاركتنا نحمل أفلام المقاومة والمعارض والأبحاث المنشورة حول هذا العدو وكلمات قادته لنخاطب ونستنهض بها الشباب وأن نوصل هذه الأفكار له في العمق ليتبنّى فكرة المقاومة ونهجها، أما بعد الانتصار أو حتى قبل ذلك أي منذ عام 96 تقريباً الأمور اختلفت، فالكثير مما كنا نحتاج إليه بات بديهياً عند الآخرين.
* كيف تقيِّمون وضع الشباب عموماً اليوم؟ وأين هو من قضايا الأمة؟
الشباب العربي اليوم رغم إيمانه بالقدرة على التغيير واقتناعه بلزوم مقاطعة أمريكا ومواجهة الصهيونية ولكن بسبب النكسات التي مرّ بها وبسبب طبيعة الأنظمة التي يعيش معها يشعر بعدم الجدوى، وللأسف هناك مسافة شاسعة بين ما يمكن أن يقوم به الشباب العربي وبين ما يقوم به وهذا له علاقة بواقع التهميش داخل هذه المجتمعات، فالكثير من البلدان العربية تقوم باختلاق قضايا ومشاكل خاصة جداً ليس لها قيمة لإبعاد الشباب عن القضايا المصيرية والكبرى، فالشباب العربي عنده إيمان بضرورة التغيير ولكن ليس لديه الوسائل ويفتقر إلى القيادات بكل المستويات للمتابعة، وهو كالجمر تحت الرماد لا نعلم متى تحين الفرصة فينهض وينتفض كما حصلت الفرصة للانتفاضة في فلسطين المحتلة حيث أن أغلب الناس كانت قد فقدت الثقة بإمكانية النهوض من جديد ولكن نشأ جيل حطم كل القيود التي عمل عليها.