فاطمة منصور
* من روائع التعبير القرآنيّ
1- النِّعمة والنَّعيم: "النِّعمة" هي لنِعَم الدنيا على اختلاف أنواعها، واستعملت
في صيغة المفرد والجمع. يقول تعالى:
﴿وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن
بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (البقرة: 211).
أمّا صيغة "النعيم" فقد جاءت متلازمة مع الحياة الآخرة كما في قوله تعالى:
﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن
يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ (المعارج: 38).
2- الخشية والخوف: الخشية، في البيان القرآنيّ، تفترق عن الخوف: فهي تكون عن يقين
صادق بعظمة من تخشاه. وأمّا الخوف فيجوز أن يحدث عن التسلّط بالقهر.
وتُسند الخشية في القرآن الكريم إلى الذين يبلّغون رسالات ربّهم ومن اتّبع الذكر
والمؤمنين والذين رضي الله عنهم ورضوا عنه
﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ
اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ﴾ (الأحزاب: 39).
3- نكرة مكرّرة ثلاث مرات في آية واحدة: قال تعالى في سورة الروم آية (54):
﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا
وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.
تقول القاعدة البيانيّة إنّ النكرة إذا تكرّرت فإنّها في كلّ مرّة تفيد معنى
جديداً. وهنا فإنّ كلمة "ضعف" نكرة تكرّرت في نفس الموضع وهذا ما يفيد بأنّ الضعف
الأوّل غير الثاني وغير الثالث.
- المراد بالضعف الأوّل: النطفة (ضعيفة فهي ماء مهين).
- والضعف الثاني: الطفولة (الطفل بحاجة إلى رعاية أمّه في مرحلة
الرضاع ويحتاج عناية خاصّة حتى يجتاز مرحلة المراهقة ويصل البلوغ).
- والضعف الثالث: الشيخوخة (لأنه يعود في مرحلة الشيخوخة ضعيفاً
عاجزاً.. ضعيف الفكر.. ضعيف الحركة والسعي والنشاط).
واللطيف في الآية أنّ "قوة" وردت نكرة وكُرّرت مرتين؛ إذاً فالقوة الأولى غير القوة
الثانية.
- القوة الأولى: قوة فترة الصبا (الصبيّ قويّ مندفع كثير الحركة).
- القوة الثانية: قوة الشباب (قوة الجسم والمشاعر والأحاسيس والهمّة
والعزيمة والانطلاق في الفكر والأحلام والطموح).
* من بلاغة الإمام عليّ عليه السلام
1- "مَنْ جَرَى في عِنَانِ أملِهِ عَثَرَ بأجله":
في الحكمة تنفير من تطويل الأمل الذي يقطعه الأجل، ولهذا استعار لفظ "العنان" للأمل
لشَبَهه بالفرس، كما استعار "الجري" للاندفاع في الأمل بحسب تطويله. ثمّ استعار لفظ
"العثار" للامتناع عن ذلك الجري بعارض الأجل وقواطعه، كعثار العادي الذي يعرض له من
حجر ونحوه.
2- "ما مزح امرؤ مزحة إلا مجَّ من عقله مجَّة":
استعار لفظ "المجّ" لما يطرحه الإنسان من عقله في مزحه فكأنّه قد مجّه أي رمى به؛
كمن مَجَّ الماء من فيه؛ أي ألقاه ورمى به.
* من أجمل الردود
1- قدم على أبي علقمة النحويّ ابن أخ له فقال له: ما فعل أبوك؟ فأجابه: مات، قال:
ما علته؟ قال: ورمت قدميه، قال: بل قل: قدماه، قال: فارتفع الورم إلى ركبتاه، قال:
بل قل: ركبتيه، فقال: دعني يا عمّ، فما موت أبي بأشدّ عليَّ من نحوك هذا.
2- قال يموت بن المزرع: قال لي سهل بن صدقة وكانت بيننا مداعبة: ضربك الله باسمك،
فقلت له مسرعاً: أحوجك الله إلى اسم أبيك.
* نافذة شعريّة
أبيات بليغة:
1- بيت منسوب للإمام عليّ عليه السلام لا يتحرّك اللّسان بقراءته:
آب همِّي وهمَّ بي أحبابي | همّهم ما بهم وهمِّي ما بي |
2- بيت منسوب للإمام عليّ عليه السلام لا تتحرّك الشفتان بقراءته:
قطعنا على قطع القطا قطع ليلة | سراعاً على الخيل العتاق اللواحق |
* من طرائف الشعر:
قال أعمى:
- يا قوم ما أصعب فَقْد البصر
أجاب أعور من خلفه:
- عندي من ذلك نصف الخبر
* من قصص الأمثال
1- "رُبَّ رَميةٍ مِنْ غير رامٍ":
يُحكى أنَّ رجلاً كان من أرمى الناس فأراد يوماً أن يصيد فخرج بقوسه ولم يصد شيئاً،
فبات ليلة بأسوأ حال. وفي اليوم الثاني لم يصد شيئاً أيضاً. فلمّا أصبح قال لقومه:
ما أنتم صانعون؟ فإنّي قاتل نفسي اليوم إن لم أصد شيئاً. فقال له ابنه: يا أبت
احملني معك أرفدك فانطلقا. ولمّا أراد الرجل أن يصطاد لم يصب الفريسة الأولى ثمّ
الثانية فغضب كثيراً. فقال له ابنه: أحمد بحمدك فإنَّ سهمي سهمك فرمى الابن الفريسة
فلم يخطئ، عندها قال الرجل: رُبَّ رَميةٍ مِنْ غيرِ رامٍ.
2- "من دون ذلك خَرْطُ القتاد":
وهو من أمثلة العرب فشوك القتاد مانع من خرط ورقه وشوك القتاد مضروب به المثل
بالخشونة والشدَّة كما قال أبو تمام:
نثا خبر كأنّ القلب أمسى | يجرّ به على شوك القتاد |