نلا الزين
إن أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية وما فيها من أهداف
وغايات تواكب جميع مراحل الإنسان وأطوار حياته. وبالمرور بهذه النفس الإنسانية التي
قد يتطرق إليها الإجهاد والسأم نتيجة العمل الدائم أو الدراسة الدائمة والانخراط في
دروب الحياة بشكل يومي نجد أنها أي هذه النفس بحاجة إلى عوامل تضفي عليها المزيد من
النشاط والتخفف من أعباء العمل أو غيره ولو للحظة من الزمن الممتد ما بين نهار وليل،
صبح ومساء لتعود من جديد إلى نشاطها وإنتاجها...
وقد اعتاد الناس على فصل ما من فصول السنة أو يوم من أيام الأسبوع لكي يرتاحوا
قليلا من أعباء العمل المتواصل ومن فصول السنة هناك الصيف الذي تأخذ المدارس فيه
قسطا من الراحة وفترة إجازة من دراسة وهو يضفي على الطلاب أيضا ألوانا من السرور
ومحاولة الترويح عن أنفسهم استعدادا لعام دراسي جديد يحمل بين أيامه وشهوره الكثير
من الكتب والوظائف المدرسية والذهنية. والأسرة في فصل الصيف تعيش حالة من استرخاء
لا سيما التي تضم عددا من الأولاد التلاميذ. ترى كيف تتعاطى الأسر في هذه الأيام؟
وما هي الخطة التي ترسمها لتنظيم الوقت وملئه بالأشياء الجميلة والمفيدة في آن معاً؟
إذا نظرنا إلى واقعنا الاجتماعي نجد أن هناك أنواعا من العائلات وليست صنفاً واحداً:
النوع الأول يعيش الفرح لعودة الأسرة إلى جو من الألفة والتواجد المكثف بين أفرادها
دون أن تنظر إلى عبء الأولاد بعيدا عن المدارس. نوع آخر من العائلات تجد الصيف قد
ارتسمت معالمه على محياها والأسباب كثيرة منها عدم وجود وسيلة للترفيه عن أنفسهم
داخل المنزل أو خارجه وربما لعدم رؤية حياتية في إدارة الجو العائلي بشكل مريح
للجميع.
ولكن ما يهمنا الحديث عنه هو ضرورة تثبيت المودة والمحبة بين أفراد الأسرة وهذا يقع
على عاتق الزوجين ولا بد أن يخططا لمشاريع تؤدي إلى الاستفادة من وقت الفراغ
الموجود عند الأولاد مما يتلاءم مع وقت الفراغ عند الأب والأم أيضا وهنا نقف عند
حقيقة الترفيه والترويح عن النفس التي تعود على الإنسان بالفوائد الجسمية أو
الروحية أو العقلية ولكونها هادفة فهي توجد في إطار ضوابط خلقية وشرعية. وإذا أردنا
الحديث عن بعض الوسائل والأساليب التي يستفيد الأهل منها لبرمجة فصل الصيف وفقا
لقاعدة: الراحة ضرورية في وقتها المناسب ومكانها المناسب مع الحفاظ على جو الأسرة
الحميم بعيدا عن التشنجات والمشاكل المفتعلة بسبب أو بغير سبب ولا بد لنا من
الالتفات إلى أمر اختلاف كل عائلة عن الأخرى أو اختلاف الأفراد فيما بينهم. لذا لا
بد من وضع الشيء في موضعه واختيار ما يلائم هذه العائلة وأفرادها على سبيل المثال:
- تخصيص يوم في الأسبوع للذهاب إلى إحدى المنتزهات وهي كثيرة سواء كانت في بيروت أو
في المناطق اللبنانية كافة.
- تخصيص يوم في الأسبوع لزيارة الأهل والأقارب ليتم التعارف بين ذوي القرابة دون
الضغط على كافة الأفراد للذهاب بل يترك لهم الخيار مع تقديم المحفزات الروحية
والترفيهية للاستجابة لأمر التواصل مع الأقارب.
- إفساح المجال أمام الأولاد في كافة أعمارهم أن يختاروا بعض الأنشطة الضرورية التي
يحبونها كالذهاب إلى النادي الرياضي - المسبح الشرعي - صالة الكمبيوتر والانترنت
ولو مرة في الأسبوع أو كل أسبوعين بمرافقة بعضهم البعض أو بوجود أحد الأبوين معهم.
- تخصيص يوم للعائلة داخل المنزل حفلة غداء أو عشاء تختلف عن بقية الأيام المعتادة
وإحداث جو من المرح المناسب وتبادل الأحاديث والطرائف ليشعر أفراد الأسرة بجمال هذا
الوقت بما اختلف فيه عن الروتين اليومي المعتاد في المنزل.
- الخروج من مكان السكن المعتاد ولو لبعض الساعات أو الأيام عند الاستطاعة وكما قيل
في السفر عدة فوائد حتى لو كان سفرا قصيرا من بلدة إلى بلدة لا سيما للذين يسكنون
في العاصمة، التي تمتاز عادة بمناخ صيفي حار وهواء غير مناسب للمتعبين والذين
يريدون أخذ قسط من الصحة والعافية مع الطبيعة.
- دعوة بعض الأقارب والأصدقاء لزيارة الأسرة في بعض الأوقات المناسبة بوجود أفرادها
كافة ليشاركوا في تحضير ما يلزم من متطلبات ومساعدة لإنجاح مفهوم الضيافة والتواصل
العائلي أو الأصدقاء. الوسائل كثيرة والأساليب تتنوع بتنوع الناس وأنماط العيش
والقدرات المتاحة لكن الصيف يبقى فصلا للراحة ولو الجزئية عند البعض ويشكل إجازة من
الدراسة ولو لبعض الوقت. ولا ينبغي للأهل وخصوصاً الأم أن تتضايق من وجود جميع
أفراد الأسرة في البيت دفعة واحدة فهذا شيء جميل عندما ننظمه ونستفيد من طرق تنمية
أواصر المحبة بين الآباء والأبناء. كذلك لا بد من الإشارة هنا إلى ضرورة البحث عن
الوسائل التي تجدد الحياة الأسرية وتقوي دعائم بقائها واستمراريتها وهذا يقع على
عاتق الأبوين أولا وتفاهم الأبناء ثانياً للمستطاع عند الأهل ولذهنية التعاطي مع
الحياة. ونجاح الأسرة قائم على التعاون التفاهم التغيير لما هو أفضل وكل منا قادر
على أن يخلق الأجواء التي تلائمه وتلائم غيره عندما نقف على قاعدة الإيمان والوعي
والمحبة. وهنا نصل إلى ما نرنو إليه ونخرج الكآبة من باب العائلة وندخل بدلا منها
باقة من ابتسامات نحتاجها لنقوى على كل المتغيرات.