نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الصيف ومشاكله الصحية


الدكتورة سوسن زغيب


ها هو الصيف عاد بشمسه الساطعة وبحره الدافئ معلنا بدء العطلة. لا مدارس بعد اليوم ولا نظام يفرض على الأطفال بل نوم ولعب ومرح ونزهات طيلة الأسبوع. أما الكبار فدوام عمل صيفي وعطل متتالية للاستمتاع بما حرموا منه خلال الأيام الماضية. ولما لا؟ فلا شي‏ء يضاهي العيش بلا مسؤوليات ولو ليوم واحد. لكن حذار، هذه المتعة غالبا ما تكلف غالياً. قد تسألون كيف؟ لا بأس، لعل هذه السطور المتواضعة تساعدكم على تجنُّب هذه الكلفة بوسائل بسيطة ومتوفرة.

1-
تعالوا نتعرف على بعض هذه المشاكل:
*ضربة الشمس التي تنتج عن البقاء في الشمس لمدة طويلة وبشكل مستمر وتتميز بحرارة مرتفعة وصداع شديد وتقيؤ. قد لا يستجيب المريض للوسائل العادية للعلاج ويتطلب الأمر إدخاله إلى المستشفى وأنتم تعلمون كم هذا مكلف.

* حروق الشمس وقد عولجت بشكل كاف في عدد سابق.

* التسمم الغذائي الذي ينتج عادة عن تناول مأكولات ملوثة بمواد سمية من السم تفرزها بعض الجراثيم وذلك كالمثلجات واللحوم والبيض والحلويات. إن أعراض التسمم الغذائي تبدأ بعد تناول المصدر الملوث ببضع ساعات لا تزيد عن اثنتي عشرة. يبدأ المريض بالشعور بمغص معوي حاد ومتكرر ثم يشعر بالغثيان وترتفع حرارة جسده لتتعدى في بعض الأحيان الأربعين درجة مئوية، بعد ذلك يبدأ الإسهال بكميات كبيرة وقد يترافق مع قيئ مزعج لا يتوقف أبدا. يستمر الحال على ما هو عليه لأربع وعشرين إلى ثمانٍ وأربعين ساعة ثم يعود كل شي‏ء إلى طبيعته تدريجيا إلا إذا أصيب المريض بجفاف واحتاج الدخول إلى المستشفى للمعالجة بالأمصال.

* الإسهال وهو التهاب الجهاز الهضمي الذي يكون في غالب الأحيان أي حوالي 09% من الحالات ناتجاً عن الإصابة بفيروس وأحيانا أخرى بجرثومة بكتيريا أو آفة طفيلية. وهو مرض لا يحترم الفصول وتوزيعها، بل قد يصاب به أي إنسان في أي فصل. ولكن من يتأذى من هذا المرض بشكل خاص هم الأطفال وترتفع نسبة انتشاره خلال فصل الصيف بسبب ارتياد الشواطئ‏ والمنتزهات والتخالط الكثيف بين الأطفال الذين قد يقضون ساعات متواصلة معا يأكلون ويلعبون، مما سيعرضهم حتما إلى الإصابة بالعدوى من الأولاد المصابين. فلنتحدث قليلا عن هذه المشكلة:

تبدأ الإصابة بزكام بسيط وبارتفاع في حرارة الجسد لا يتعدى التسع وثلاثين درجة مئوية، مع عطس وجريان أنفي بكميات قليلة. تستمر هذه الأعراض لثلاثة أيام ثم يبدو التحسن جليا على الطفل. في هذه الأثناء يبدأ بعض الأطفال بالتقيؤ برغم ظهورهم بأحسن ما يرام، بينما البعض الآخر يبدأ لديهم الإسهال بدون سابق إنذار. يكون في البداية سائلا شفافا بلا لون أو يميل إلى الصفرة أو الاخضرار أحياناً. قد يتحول الغائط إلى مخاطي في المراحل المتقدمة أو يكون كذلك منذ البداية في بعض الإصابات الجرثومية أو الطفيلية وأحيانا قد يحتوي القليل من الدم. إن حجم الطفل صغير نسبة إلى الكمية التي قد يخسرها خلال الإسهال مما يعرضه للجفاف بسرعة. يوجد ثلاث درجات من الجفاف:

1 - الدرجة الأولى:
وفي هذه المرحلة يبدو الطفل بخير عامة باستثناء كون داخل فمه جافاً قليلاً ويكون قد خسر من وزنه 5% كحد أقصى. يكفي في البداية أن نعطي الطفل سائل تعويض الماء الشفوي (solution oral rehydration) المتوفر في الصيدليات. ما دام تعويض السوائل مستمرا وناجحا يبقى الطفل بخير ويشفى خلال 27 ساعة. يتم تقدير الكمية اللازمة نسبة إلى خسارة الوزن (مثلاً: إن كان وزن الطفل الطبيعي 10 كلغ فسيحتاج إلى 500 - 1000 ملل من المصل الشفوي) ويعطى المصل بكميات قليلة (10 - 20 ملل أو ملعقة طعام مثلا) كل 10- 20 دقيقة باستمرار ما دام الإسهال مستمرا. إن كان الطفل يتغذى من ثدي أمه فعليها الاستمرار بإرضاعه وإن كان يتناول الحليب المصنع فيمكن تخفيف نسبة الحليب في الرضاعة إلى الربع خلال الساعات الست الأولى ثم العودة إلى الكثافة المعتادة للحليب بزيادة ربع الكثافة على مراحل لا تقل عن 6 ساعات. إن كان الطفل قد تعدى سن الستة أشهر ويتناول الأطعمة الصلبة يمكن أن نبدأ بإعطائه النشويات الخفيفة والدهون والخبز والجزر والمعجنات، لكن بعد أن يكون قد أتم 6 ساعات يكتفي فيها بالمصل الشفوي والحليب المخفف. لا بد من التذكير أن هذا الطعام الصلب يجب أن يكون مهروساً إن كنا سنعطيه لطفل لم تكتمل أسنانه.

2 - الدرجة الثانية:
في هذه المرحلة تبدو علامات الوهن والاضطراب على الطفل ويبدو محيط عينيه مجوفاً قليلا وجلده قليل الليونة وتصبح كمية بوله أقل من العادة ويكون قد خسر ما بين 6 و 9% من وزنه. أيضاً في هذه المرحلة يمكن العلاج بالمصل الشفوي كما ورد سابقا في الدرجة الأولى، لكن طبعا الكمية هنا قد تصل إلى ضعف ما قد يحتاجه الطفل في المرحلة الأولى. أيضاً التغذية بواسطة الحليب أو الطعام لا تختلف عن المرحلة السابقة.

3 - الدرجة الثالثة:
أما في هذه المرحلة يدخل الطفل في شبه غيبوبة، محيط عينيه مجوف بشكل مخيف، حرارة جسده مرتفعة جدا، نبضه سريع، ضغط دمه منخفض، يشعر بالعطش، يفقد جلده الليونة ويصبح كالعجين إذا حاولنا إمساكه بين الإصبعين ثم تركناه يبقى ناتئاً كما تركناه لبضع دقائق قبل أن يعود إلى مكانه وتتوقف كليتيه عن العمل لا يبول ويكون قد خسر ما بين 10 و15% من وزنه. طبعا هذه المرحلة تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى بشكل طارئ‏.

إن ترافقَ الإسهال بالتقيؤ المستمر عندها سيصعب علاجه في المنزل لأنه قد يكون يعاني من اضطرابات استقلابية للأملاح التي تستدعي العلاج بواسطة أمصال خاصة لهذه الحالة. التهاب الأذن الخارجية هو أحد نتائج السباحة والغوص في أغلب الأحيان في المسابح المغلقة. هذه المشكلة بسيطة ولكن قد يضطر المصاب إلى مراجعة الطبيب للعلاج. الفطريات الجلدية التي تنتج عن الرطوبة المفرطة التي نعاني منها في منطقتنا إضافة إلى العدوى التي قد تصيبنا عند السباحة في مسبح مغلق.

2
الوقاية خير من العلاج، هذا مؤكد ولكن كيف؟ من البداية:
لتجنب ضربة الشمس يكفي ألا نطيل البقاء تحت أشعتها الحارقة، خاصة ما بين الساعة 11 و5 بعد الظهر، يمكن استخدام مظلة، أو قبعة كبيرة، كما ينصح باستعمال دهن واقٍ من أشعة الشمس ما فوق البنفسجية التي تسبب سرطان الجلد لاحقاً. أما التسمم الغذائي يمكن تجنبه بتناول الأطعمة الطازجة والنظيفة والتي يتم تحضيرها من قبل أناس موثوق بهم. أما بالنسبة للمثلجات فلا مانع من تناولها شرط أن تكون معقمة وتعبأ بأساليب معقمة. كذلك الأمر بالنسبة للإسهال، الوقاية تعني النظافة، أما الأطفال واللعب فهذا ما يصعب تفاديه. عامة، في الصيف يجب تناول كميات كافية من الماء والسوائل، خاصة عند التعرض للشمس وخلال الحر الشديد والإكثار من تناول الفاكهة لأنها تؤمن لنا كميات لا بأس بها من الماء والفيتامينات التي تساعدنا على محاربة الأمراض المعدية. كذلك ننصح بتناول اللبن الزبادي بوفرة خلال الصيف لأنه يحتوي على جراثيم صديقة للإنسان تحارب الأخرى التي تسبب الإسهال والالتهاب المعوي. في ختام هذه السطور أتمنى أن أكون قد أوضحت لكم بعضا من غموض هذه المشاكل التي عالجتها وأن اكون قد أديت هذه المهمة بصدق وأمانة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع