إعداد: هبة يوسف عباس
تنتهي المدرسة ويطل علينا الصيف بأيامه الطويلة الفارغة من أيِّ هموم أو مسؤوليات ويبدأ الطالب بالتفكير بما سيملأها من أعمال مفيدة ومسلية في آن، فلا يجد أمامه أفضل من فكرة الانتساب إلى المخيمات والنوادي الموجهة كالتي تنظمها جمعية صيف خلال العطلة الصيفية لاستثمار أوقاتها بالبرامج والنشاطات المختلفة.
* برامج المخيمات والنوادي:
تقيم جمعية صيف المخيمات للشباب الجامعي وللفتيان لفترة 3 أيام وتضم بين ال80 إلى المئة شاب في المخيم الواحد وتقام هذه المخيمات عادةً على ضفاف الأنهار أو في منطقة غابات أو أحراج. من أهم الأنشطة التي قد تدخل في برنامج المخيم: سباحة، كرة قدم، مسير بالطبيعة، مباراة كرة الطائرة أو كرة السلة، محاضرات علمية وثقافية ودينية إضافةً إلى بعض الأنشطة الروحية والعبادية من أدعية وصلوات. وهناك برامج خاصة للفتيات والفتيان من خلال نوادي ودورات قرآنية تقوم بها الهيئات النسائية في فصل الصيف ضمن نشاطات جمعية صيف تهدف كما تقول الحاجة خديجة سلوم مسؤولة الهيئات النسائية في منطقة بيروت إلى إضفاء جو من الفائدة وإرساء مفاهيم ثقافية وتربوية هادفة خلال فترة الصيف خاصة بالنسبة للفتيان والأطفال الذين يلازمون منطقة بيروت حيث يعانون من ملل شديد وبالتالي يلجأون إلى أساليب غير منتجة أو هادفة بل سلبية لملء هذه الأوقات. وفي تفصيلٍ عن نادي الفتيات تشرح الحاجة سلوم بأنه مخصص للفتيات من عمر 11 إلى 16 سنة وهي المرحلة المهمة من عمر الفتاة التي تتكون فيها القاعدة الأساسية لشخصيتها. ومن أهم برامج النادي فقرات روحية عبادية، تربية صحية لمرحلة المراهقة والبلوغ، رحلات، تربية اجتماعية، فقرة سياسية وإعلامية، تربية بيئية تأليف وكتابة، الإسعافات الأولية، تدبير منزلي، فقرة مقاومة وجهاد، أنشطة رياضية، كشاف مع تخييم ليوم واحد، فقرات مشاكل وحلول وحقوق وواجبات مع تطبيق عملي لكل هذه الفقرات. وتتوزع البرامج بشكل متوازن بين ترفيه وتثقيف بعيد كل البعد عن التلقين. أما بالنسبة للدورات القرآنية فالبرنامج يعتمد على أساليب غير تقليدية لفهم وحفظ القرآن مثل القصص، مسرح الماريونت، أشغال بالمعجون ورحلات عملية.
* آراء حول المخيمات:
للتعرف على أهمية المخيمات وفوائدها قمنا بمقابلات مع بعض الشباب الجامعي والفتيان ممن شاركوا في هذه المخيمات حيث أكد وائل جزيني وهو طالب في الأدب العربي أن مشاركته الأولى التي كانت في صيف 2001 شجعته كثيراً على الانتساب في كل سنة خاصةً وأنه معروف مدى التأثير السلبي للفراغ في فصل الصيف على الشباب ورأى أن المخيم كان كفرصة له للتعرف على شباب جدد وتكوين صداقات كثيرة إضافةً للتحصيل الثقافي إذ للمخيم جوانب ترفيهية رياضية وأيضاً ثقافية وعبادية روحية حيث يتسنى للفرد أن يعيش جواً روحياً بعيداً عن الفساد برفقة شباب مؤمن. وعن نشاطات المخيم أشار وائل إلى أن كل مخيم شارك فيه كان مختلفاً عن غيره من ناحية البرامج وأن ميزة هذه المخيمات أنها تخلق جواً من التفاعل والأخوية بين الشباب حيث أن طبيعة المخيم وأنشطته الرياضية والسهرات التي تقام فيه تخلق هذه المجالات للتفاعل. وفي كلمة أخيرة أحب وائل تقديم فكرة لتطوير هذه المخيمات وهي تنظيم مخيمات تجمع مختلف أطياف المجتمع اللبناني، فتكون فرصة للتعارف بين شباب لبنان وتكون هذه المخيمات أرضية لبناء أجيال واعية وهادفة بناءة خاصة في ظل الفساد الذي نعيشه. أما ع. حيدورة وهو طالب في قسم الجغرافيا فقد أشار إلى أنه كان للمخيم الذي شارك فيه للمرة الأولى عام 2003 التأثير الإيجابي الكبير على شخصيته حيث تعلم فهم الآخر وتعوَّد العمل الجماعي، كما أعجب بفكرة أخذ المعلومات من طريق الحوار وتبادل المعلومات لا التلقين مثلما يحصل في المدرسة أو الجامعة. وعن أهمية نشاطات المخيم رأى أنها مفيدة جداً لأنها أعطته قيمة علمية وعملية جديدة لشخصيته إذ تفتح للإنسان آفاقاً يتعرف من خلالها على أناس جدد وأنماط تفكير جديدة وتكون فرصة ليرى كيف تكون شخصيته ضمن محيط معين يشارك فيه لأول مرة. وحول تقديم فكرة إضافية جديدة لهذه المخيمات أحب حيدورة إدخال نوع من الأنشطة التي تشجع خدمة المجتمع مثل المساعدة في حفر قنوات مياه في بعض القرى أو المساعدة في قطف محصول الزيتون وغيره. وفي رأي حول المخيمات التي تقام للفتيان علَّق ح. المقداد (12 سنة) على أهمية المخيم وحبه له إذ ينتظر فراغه من المدرسة حتى يلتحق به بقوله: "بدلاً من جلوسي أمام التلفاز لأتابع الرسوم المتحركة أو الأفلام التي لا تفيدني أبداً أتعلم أشياء جديدة في المخيم وأكتشف أموراً في نفسي لم أكن أعرفها من قبل"، وعن الصداقات التي تبنى في المخيمات أشار المقداد إلى أن رفيقه المفضل والذي يتصل به دائماً رغم أنه ليس معه في نفس المدرسة قد تعرف عليه في المخيم الذي شارك فيه أول مرة منذ سنتين وأصبحا صديقين منذ اللقاء الأول كما يراه في كل مخيم صيفي تقيمه منطقة بيروت.
* آراء في دورة القرآن
للقرآن أهمية كبيرة في حياتنا وسيرها لذلك يجب ربط أجيالنا به ولكن للأسف فإن هذا التوجه غير موجود عند الكثير من الأهالي أو المدارس وهناك حلقة مفقودة، تحاول الهيئات النسائية من خلال دورات القرآن التي تقوم بها في منطقة بيروت إيجادها وذلك عبر القيام بهذه الدورات وحث الأطفال على الاهتمام بالقرآن عبر أساليب محببة إلى قلوبهم وهذا ما عبر عنه الأطفال حيث قالت بتول الحسيني (11 سنة) أنها قد شاركت مرتين مثلاً في دورات مماثلة وإنها استفادت كثيراً حيث تعلمت سوراً قرآنية وقصصاً لأنبياء لم تكن تعرفهم سابقاً كما أصبحت تتقن الأشغال اليدوية وتعرفت على الكثير من الصديقات وشجعت صديقاتها على الانضمام إلى الدورة. محمد صقر (7 سنوات) اشترك مرتين في دورة القرآن وتبين من خلال الدورة أنه مميز في حفظ القرآن رغم صغر سنه كما نال جائزة في الحفظ، وأعرب محمد عن حبه للدورة واستعداده للانضمام إليها في هذه السنة إذ أنه قد تعلم الكثير من الأنشطة والتلوين وذهب في رحلات مميزة. أيضاً سارة الحسيني (9 سنوات)، اشتركت مرتين في الدورة وأحبت القرآن كثيراً، وتبين أن لديها قدرة قوية جداً على الحفظ لدرجة أنها تابعت حفظ أجزاء القرآن في البيت بعد انتهاء الدورة، وقد حفظت حتى الآن 3 أجزاء وتقول سارة: "تعلمت التلوين والرسم واستعمال المعجون لصنع أشكال جميلة، كما كانت زيارتي الأولى للمسرح من خلال الدورة".
* ونادي الفتيات:
عبَّرت فتيات مشاركات في نادي الفتيات في منطقة بيروت عن إعجابهنّ به حيث رأت زهراء نبوة (15 سنة) أن شخصيتها قد تغيرت بعد دخولها النادي إذ أنها كانت خجولة جداً لكن العمل الجماعي في النادي والتقاءها بصديقات كثيرات جعلها أكثر انفتاحاً. حوراء نبوة (13 سنة) أحبت التعرف على أشياء جديدة ومفيدة في آن واحد لذلك شاركت بالنادي وأعربت عن أنه جعل لديها قدرة أكبر على التفاعل مع الغير وعلى الحوار وثقة أكبر بالنفس، كما شكرت المعلمات اللواتي اكتشفن لديها موهبة مميزة في التمثيل. "إكتسبت معلومات دينية قيمة جداً" تقول الأخت فاطمة فياض (16 سنة) "من خلال النادي، إذ أنه ذو توجه ترفيهي وثقافي وديني أيضاً، وأحسست بأن شيئاً ما تغير في شخصيتي وأصبحت أكثر قدرة على التواصل مع الآخرين". وتقوم الأخت فاطمة بتشجيع العديد من الفتيات للمشاركة فيه. نور الزهراء (12 سنة) أعجبت بالبرامج التي تقام في النادي، وتعرفت لأول مرة على الانترنت والكومبيوتر من خلاله. وعن طبيعة الدراسة في النادي قالت: "كنا نتلقى المعلومات ولكن بأسلوب بعيد عن التلقين كما في المدرسة" وعن الآثار الإيجابية للنادي تقول نور الزهراء أنها ابتعدت عن مشاهدة التلفزيون الذي لا فائدة منه، وأن رفيقتها في النادي أصبحت أكثر التزاماً بدينها بعد إنتسابها إلى النادي ومن خلال ملاحظات المعلمات فيه.
وللأهالي رأي:
من أهم الآراء التي أدلى لها بعض أهالي المنتسبين إلى نادي الفتيات أو دورة القرآن هو وجوب تكثيف هذه الأنشطة لتشمل كل المناطق، إذ أن التفاعل مع المجتمع يعلم الفتيان والفتيات أكثر من المنزل مما ينمي شخصيتهم، لا سيما وأن هذه الدورات والنوادي تملأ الفراغ الذي يعاني منه الأولاد في فصل الصيف. وعبر الأهالي في استمارات التقييم التي تطلبها الهيئات النسائية منهم بعد انتهاء الدورات عن أهمية هذه الدورات وفائدتها إذ أنها تزود الأطفال والفتيات بمعلومات ثقافية ودينية ضمن إطار ترفيهي محبب إلى قلوبهم مما يجعلهم متجاوبين ومستعدين لتلقي هذه المعلومات وحفظها دون عناء.