نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

اغتنم فرصة العمر بالعلم



* الأجل وعمر الإنسان‏
لو وازن الإنسان بين جميع متع الحياة ومباهجها، وبين عمره وحياته لوجد أن العمر أغلى وأنفس منها جميعاً، وأنه لا يعدله شي‏ء من نفائس الحياة وأشواقها الكثر. إذ من الممكن اكتسابها أو استرجاع ما نفر منها. أما العمر فإنه الوقت المحدد الذي لا يستطيع الإنسان إطالة أمده وتمديد أجله المقدر والمحتوم
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ الأعراف/34. كما يستحيل استرداد ما تصرم من العمر، ولو بذل المرء في سبيل ذلك جميع مقتنيات الحياة. وحيث كان الإنسان غفولاً عن قيمة العمر وجلالة قدره، فهو يسرف عابثاً في تضييعه وإبادته. غير آبه لما تصرم منه، ولا مغتنم فرصته السانحة. ومن أجل ذلك جاءت توجيهات آل البيت عليهم السلام موضحة نفاسة العمر، وضرورة استغلاله وصرفه فيما يوجب سعادة الإنسان ورضائه في حياته العاجلة والآجلة. قال سيد المرسلين صلى الله عليه وآله في وصيته لأبي ذر: "يا أبا ذر، كُن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك".

وقال أمير المؤمنين عليه السلام : "إنما الدنيا ثلاثة أيام: يوم مضى بما فيه فليس بعائد، ويوم أنت فيه فحق عليك اغتنامه، ويوم لا تدري أنت من أهله ولعلك راحل فيه أمّا اليوم الماضي فحكيم مؤدّب، وأما اليوم الذي أنت فيه فصديق مودّع، وأمّا غد فإنما في يديك منه الأمل". ولكي يتمكن الإنسان من الاستفادة من فرصة العمر لا بد له من أتباع برنامج منظم ومحدد يتمكن من خلاله للوصول إلى السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة ولعله من أفضل الطرق للوصول إلى السعادة هو طريق العلم والعبادة بمعنى كل ما أمر الله به تعالى.

* فضل العلم والعلماء
يقول تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ المجادلة/11. العلم... أجّل الفضائل، وأشرف المزايا، وأعز ما يتحلى به الإنسان فهو أساس الحضارة، ومصدر أمجاد الأمم، وعنوان سموها وتفوقها في الحياة، ورائدها إلى السعادة الأبدية، وشرف الدارين. والعلماء هم ورثة الأنبياء وخزان العلم. ودعاة الحق، وأنصار الدين يهدون الناس إلى معرفة الله وطاعته... من أجل ذلك تظافرت الآيات والأخبار على تكريم العلم والعلماء والإشادة بمقامهم الرفيع. قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الزمر/9. وهذا الشرف وهذا الثواب لا يختص بالعلماء فقط. بل يسري على كل إنسان يعرف كيف يستفيد من فرصة العمر.

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة. وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به، وأنه يستغفر لطالب العلم...". وكذلك يمكن القول أن هذا الأمر لا يسري فقط على من يكون التعلم هدفه فقط بل حتى لمن يريد أن يملأ وقته بالتعلم لمن يريد أن يستمع المحاضرات ويشارك في الندوات و... فهذا الشرف يشمل الجميع. فما بال الذي لا يتمكن من أن يكون العلم هدفه أن يشارك ولو بالذهاب إلى الندوات واستماع المحاضرات ومشاركة أهل العلم أحاديثهم و.. حسبما يسمح له بذلك لا أن يذهب إلى الأماكن التي لا تنفعه بشي‏ء إطلاقاً بل تبعده عن الطريق الصحيح وتجعله عرضة لأن ينشغل بأمور الدنيا لينسى بعدها الهدف الأجل والأساس ألا وهو القرب من الله تعالى.

* أقسام العلوم‏
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله : "إنما العلم ثلاثة: آيةٌ محكمة أو فريضة عادلةٌ أو سنةٌ قائمةٌ، وما خلاهن فهو فضل". إن كثيراً من العلوم تندرج على تقدير في قسم من الأقسام الثلاثة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وآله مثلاً: إن علم الطب والتشريح والنجوم والأفلاك وما يضاهيها آية وعلامة. وكذلك علم التاريخ وأمثاله، إذا ألقينا عليه نظرة اعتبار واتعاظ، اندرج جميعها في الآية المحكمة لأنه يحصل بواسطتها العلم بالله أو بالمعاد أو يتأكد العلم بالله والمعاد وقد يندرج تحصيلها في الفريضة العادلة وقد يندرج تحت السنة القائمة. وأما إذا كانت هذه العلوم، لأجل ذاتها أو لأجل أهداف أخرى، فلو شغلتنا عن علوم الآخرة، لأصبحت مذمومة بالعرض، لأنها جرفت الناس عن الآخرة. وان لم تشغلنا عن علوم الآخرة فليس فيها ضرر أو نفع. كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فالعلوم بصورة كلية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول:
ما كان نافعاً للإنسان حسب أحواله في النشآت الأخرى التي يعتبر الوصول إليها غاية التكوين والكائنات. وهذا القسم الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وآله علماً وقسمه إلى الأقسام الثلاثة التي وردت في الحديث الشريف.

الثاني:
ما يضر بالإنسان ويصرفه عن وظائفه اللازمة، ويكون هذا القسم من العلوم المذمومة التي يجب على الإنسان أن لا يقترب منها مثل علم السحر والشعوذة وأمثالها...

الثالث:
ما لا يوجد فيها ضرر ولا نفع، فيهدر الإنسان وقته عليها للتسلي واللهو، مثل علم الموسيقى، وعلم الأنساب والحساب والهندسة والأفلاك وأمثال ذلك، ولو استطاع الإنسان أن يوصل هذا النوع من العلم تحت واحد من العلوم الثلاثة لكان أفضل وان لم يتمكن من ذلك، فعدم الاشتغال يكون حسنا. لأن الإنسان العاقل عندما يعرف بأنه مع هذا العمر القصير، والوقت القليل، والحوادث الكثيرة لا يستطيع أن يكون جامعاً لكل العلوم وحائزاً على جميع الفضائل فلا بد له من التفكر والتأمل في العلوم، واختيار ما يكون له أنفع.

* علامات العلوم النافعة
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى طه/124-126. يقول الإمام الخميني قدس سره: "فان المقياس في البصر في عالم الآخرة. هو بصيرة القلب وان الجسم والقوى تكون في الآخرة تابعة للقلب واللب، وإن ظلية ذلك العالم. لهذا العالم تبدو بنحو أتم. وان ظل الأعمى والأصم والأبكم تجاه آيات الله تعالى: هو العمى والصمم والبكم في يوم القيامة". ويضيف قدس سره: "لا يظن علماء المفاهيم والمصطلحات والعبارات وحافظو الكتب في الصدور، بأنهم من أهل العلم بالله والملائكة واليوم الآخر، فلو كانت علومهم علامة وآية على معرفة الله فلماذا لم تتنور قلوبهم من الآثار الدنيوية؟...". إن العلاج كل العلاج فيما إذا أراد الإنسان أن يكون علمه إلهياً فعليه عندما يدرس أي علم شاء أن يبادر إلى مجاهدة النفس، ويسعى بواسطة الرياضة الروحانية في سبيل تخليص نيته. وكذلك على المستمع للمحاضرات والندوات... أن يكون هذا العلم الذي يسمعه علماً يساعده على مجاهدة نفسه ويذكره بالله تعالى...


أسئلة حول الدرس:
1. ما هو أجل الإنسان؟
2. ما فضل العلم والعلماء؟
3. ما هي علامات العلم النافع؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع