من الذاكرة بابٌ يعيد نشر فقرات مختارة من أعداد سابقة من المجلة.
من بين الأسئلة التي تطرح عادة عند الحديث عن الاختلاط،
ضرورة التعارف المسبق بين الزوجين، لأننا نلاحظ أن لهذه المعرفة آثاراً مهمة في
مستقبل العلاقة. فالتفاهم الأولي يؤدّي إلى تجنّب المشاكل الكثيرة. وغالباً ما يحدث
في الزيجات التي لم تكن فيها معرفة مسبقة أن تندلع نيران المشاكل والنزاعات بين
الرجل والمرأة نتيجة اختلاف الأمزجة والأهواء، ولو جلسا معاً قبل الزواج لتجنّبا
هذه المشاكل من خلال الاتّفاق عليها أو فرط الرابطة من الأساس.
الإسلام يقدّم حلاً يسيراً من خلال فهم الأمور التالية:
أولاً: الحدود الشرعيّة وضرورة التقيّد بها، فالتقوى هي أساس حياة الإنسان
وهي طريق النجاة والسعادة في الدارين. وهذه القاعدة لا تفصم أبداً.
وقد بيّنت الرسائل العمليّة لفقهائنا أعلى الله كلمتهم هذه الحدود بنحو من الأنحاء
وأعطوا الأحكام الشرعية في مجال اختيار الزوج، وحدود هذا الاختيار.
ثانياً: المعرفة المسبقة لا تؤدّي دائماً إلى حصول التفاهم، بل نجد في
الغالب أنّ جلسات التعارف تتحوّل إلى عَرض الآراء المثاليّة التي يحملها الطرفان
دون فَهم حقيقة الشخصية.
ومع ذلك فقد أجاز الإسلام هذا النوع من المقابلات، مع حفظ الحدود الشرعية.
ثالثاً: يقدّم الإسلام نصائح عديدة في مجال اختيار الزوج، وباتّباع هذه
النصائح تضمن جانباً كبيراً من التجربة.
نعم، إنّ ابتعاد أفراد المجتمع الإسلاميّ عن تعاليم الإسلام جعلهم تائهين حيارى
وأوقعهم في المشاكل الكثيرة. وهذه التعاليم والإرشادات تمنع حصول الاختلاط المفسد
أيضاً.
وبالنتيجة نستطيع أن نقول، إنّ العديد من مسائل الابتلاء التي يقع فيها الشباب
اليوم يمكن حلّها على أساس الرجوع إلى تعاليم الإسلام الحنيف التي تهدي الإنسان إلى
السعادة الحقيقية، لأنّ الإسلام دين الله الذي خلق الناس وهو أعرف بما يصْلحون
عليه، وإليه المآب.
(*) من أرشيف مجلة بقيّة الله، العدد: 4، رجب 1412 هـ، السنة الأولى، ص68.