﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى﴾
إن المرأة إذا خرجت من بيتها لتسير في خضم المجتمع وترى الرجال ويراها الرجال هي
بين حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون خروجها لأمر غير
ضروري، ومختارة، وليس هناك أمر راجح يدعوها للخروج، وهذا ما يدعو الإسلام إلى تركه
وتجنبه، ويدعو المرأة إلى أن تقر في بيتها ولا تخرج منه، لما في خروجها من نتائج
وآثار، يندر وجود أثرٍ إيجابي فيها. وأدنى أثرٍ لخروجها، هو انكشافها على الرجال
ورؤيتهم لها، وما يتبعه من رؤية وجهها وشكلها وحركاتها التي لا بد أن تترك تأثيرها
عليهم. فقد ورد في الحديث: "أن النظرة (إلى المرأة) سهم من سهام إبليس يقع في
القلب". فهي تؤثر تأثيراً سيئاً لأنها تحمل صورة إلى القلب تنطبع فيه، وتطبعه.
الحالة الثانية: أن يكون خروجها اضطراراً أو
لحاجة ماسة ولأمر راجح، ولا يمنع الإسلام هذا الخروج، بل يعمل على تنظيمه وضبطه في
حدود الأحكام الإلهية، وهذا الخروج هو سر تشريع الستر والحجاب الإسلامي للمرأة،
ولولاه لما كان هناك حاجة إلى تشريع الحجاب باعتبار أن المرأة تكون في بيتها بين
أرحامها ولن يراها من غير المحارم أحد. فتشريع الحجاب إذن هو لحاجة المرأة للخروج
من منزلها واختلاطها بالرجال، في الحالات التي يسمح فيها الإسلام بالاختلاط. ولا
يخفى أهمية الساتر والحجاب في هذه الحالة، حيث يعطي للمجتمع مناعة من انتشار الفساد
الأخلاقي، وللمرأة حصانةً تحصّنها من نظر الرجال إليها، وحرية في الحركة والانطلاق
في المجتمع، لتكون ذا تأثير وفعالية ونشاط، فهي مستترة تستطيع أن تتحرك بحرية أكثر
وبجرأة أكثر، ولا يسيطر عليها الحرج لأنه لا أحد يرى مفاتنها كي تحتاج وتعمل على
إخفائها. فالحجاب هو كرامة لها وشأن ورفعة، يحمي إنسانيتها وكرامتها من أن تنتهك
ويُتعامل معها وينظر إليها نظرة نابعة من الغرائز الحيوانية.
فالاختلاط إن كان
ضرورة فحصنه الحجاب، ونزاهته الحياء.