نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: اجعلنا ممّن نوى فعمل(*)


يوصفُ شهر رمضان بـ"المبارك". هذا الشهر مباركٌ لأنّه سبيل النجاة من النار والفوز بالجنّة، حيث نقرأ في دعاء شهر رمضان: "وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة"؛ فالنار والعذاب الإلهي وكذلك الجنّة والنعيم موجودان في هذه الدنيا. وما يتحقّق في نشأة الآخرة هو باطن الموجود في هذه الدنيا: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (التوبة: 49). إنّ جهنّم هنا في هذه النشأة، في هذه الحياة، لمحيطة بالكافرين والظالمين والمعاندين والمخالفين؛ وكذا الجنّة.

العبور من النار إلى الجنّة عائد إلينا، يتحقّق هنا وتُشاهد صورته الغيبيّة والباطنيّة والواقعيّة في تلك النشأة. يمكننا أن نطوي هذا السفر وهذا المسير من جهنّم العمل السيّئ، والباطن السيّئ والفكر السيّئ؛ من جحيم هذه الدنيا، إلى جنّة العمل الحسن، والفكر الحسن، والسلوك الحسن والخلق الحسن؛ وتسمّى هذه الحركة: الإنابة والتوبة. لذلك ورد في الدعاء: "وهذا شهر الإنابة، وهذا شهر التوبة". يتحقّق العتق من النار والفوز بالجنّة بالإنابة والتوبة.

*أدعية مباركة
إحدى بركات شهر رمضان هي هذه الأدعية الواردة فيه. فهي تعلّمنا كيفيّة مخاطبة الله والاستعانة بالخالق والتوجّه إليه من جهة؛ وكذلك تعلّمنا أنواعاً من المعارف الكثيرة لن نجد لها مثيلاً حتى في الروايات الأخلاقية المعروفة.

نقف أمام فقرتين من أدعية هذا الشهر، واختياري لهما هو لحاجتنا إليهما:

*نيّة وعمل
الدعاء الأوّل، هو دعاء اليوم الأوّل من الشهر المبارك، وقد اخترت منه هذه الفقرة: "اللَّهمَّ اجعلنا ممّن نوى فعمل ولا تجعلنا ممّن شقي فكسِل، ولا ممّن هو على غير عمل يتّكل"، ثلاث جمل؛ الجملة الأولى: "اللَّهمَّ اجعلنا ممّن نوى فعمل"؛ اللَّهمَّ اجعلنا ممّن يقومون بالعمل بنيّة وتوجّه ومعرفة؛ العمل الهادف، العمل مع النيّة، العمل المعلوم وجهته وهدفه مسبقاً.

*الحذر من الشقاء والكسل
الجملة الثانية: "ولا تجعلنا ممّن شقي فكسل". الكسل يعني التقاعس والتراخي والبطالة. لا تجعلنا من هؤلاء. هذا ما يعلّمنا إياه الدعاء.

الجملة الثالثة: "ولا ممّن هو على غير عمل يتّكل". لا تجعلنا من الذين يتّكلون على غير العمل. الجلوس والتمنّي والترجّي والثرثرة، اللهم لا تجعلنا من هؤلاء. يدخل المؤمن هذه الضيافة الإلهيّة في اليوم الأوّل من شهر رمضان بهذا النَفَس [بهذه الروحيّة]. وهذه بحدّ ذاتها من الفوائد الكبيرة لهذه الضيافة. هذا الدعاء الأوّل.

*خمس مذمومة
الدعاء الثاني، الدعاء اليومي لشهر رمضان المبارك؛ "وأذهب عنّي فيه النعاس والكسل والسآمة والفترة والقسوة والغفلة والغرّة". اللهم جنّبني هذه الخصال وأبعدني عن هذه الخصوصيّات؛ وهي: الأولى "النعاس"، والثانية "الكسل" أي البطالة والتقاعس، والثالثة "السآمة" أي الملل والضجر، ثم "الفترة" أي التراخي والفتور واللامبالاة، القيام بالأعمال بفتور ولامبالاة وعدم إحكام الأعمال، ثم "القسوة"، قساوة القلب، أي التحجّر والخشبيّة، ثم "الغفلة"؛ الغفلة عن واقعنا ووضعنا وما يجري علينا وما يحدث وما يحيط بنا. والأخرى: "الغرّة"؛ الغرور والانخداع، اللهم جنّبنا إيّاها.

*قيام المسؤولية أعظم
إنّ تطبيق هذه المفاهيم -وهي مفاهيم راقية وعظيمة- بالنسبة للمسؤولين والذين ينهضون بشؤون العمل والمجتمع، لهو أكثر أهميّة من تطبيقها من قِبل الأفراد العاديّين. عندما ندعو ونقول لا تجعلنا في معرض الكسل والغفلة والقسوة، فنحن نحتاج إلى هذا الطلب الإلهي وإلى هذه المراقبة من جهتين، الأولى: من الجهة الشخصيّة لأنفسنا كي لا ننزلق، ولا نخطئ، ولا نقع في المشاكل. الثانية: في مجال عملنا ومسؤوليّتنا. أنتم بمثابة قبطان يقود السفينة، ومثل طيّار يوجّه الطائرة. المسألة ليست حفظ أنفسكم وحسب. هناك فرق بين شخص يقود سيّارته الخاصّة ويسير على الطريق وحده؛ فمسؤوليّته هنا تكمن في المحافظة على حياته فحسب. أمّا أنتم فلا، لديكم جماعة هي في عهدتكم. هذا ما يثقل عاتقكم ويضاعف مسؤوليّتكم وضرورة التزامكم في ما يرتبط بالمسائل التي ذُكرت.


(*) كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مسؤولي النظام في اليوم التاسع من شهر رمضان المبارك 1435 في حسينيّة الإمام الخميني قدس سره 7/7/2014.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات: