* الشاعر الثائر
مشهور بكلمته الجريئة والتي تعبر عن نفس حيَّةٍ بداخله (لي خمسون سنة أحمل خشبتين على كتفي أبحث عمَّن يصلبني عليهما فما أجد من يفعل).
هو دعبل بن علي بن زرين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وبديل بن ورقاء أحد صحابة النبي من قبل الفتح وعمَّر أكثر من مئة عام دعا له النبي حينما رأى في رأسه قسط من سواد الشعر فقال: (زادك الله جمالاً وسواداً وأمتعك وولدك).
وينتمي دعبل إلى عائلة علمية فأبوه شاعر وكذا عمه، وولده، وابن عمه من أشهر الشعراء وأخوه عالم وابن أخيه مؤرخ.
أما هو فمن المتكلمين ومن روّاد الأدب العربي والتاريخ واللغة ومن أهل الفصاحة والخبرة بأيام العرب والرواية، فضلاً عن الشعر.
ولموهبته فقد كان محسوداً وبالطبيعة كثرت عليه الأقاويل والافتراءات.
ولد سنة 148هـ في الكوفة وقضى فتوته فيها متردداً على مجالسها المزدحمة بالنزاع السياسي، إذ كانت منبع الثوار والدعوة إلى أهل البيت عليهم السلام ومستقر علماء اللغة والحديث والفقه.
غادر دعبل الكوفة إلى بغداد وكان يعرف بشجاعته وصدق عزيمه وقوة إيمانه وكان يعلم أن مسؤوليته بتبيان الحق وفضح الباطل، ولما كانت حرية الرأي ممنوعة في النظام العباسي مما يتنافى مع نفسية هذا الإنسان لذا حلم دعبل بالقتل غياباً، لكنه استمر يطوف في البلاد يهجوهم ويدعو إلى إرجاع الحقوق لأهلها.
أما شعره فقد كان كثيراً جداً إلا أنّ قسماً كبيراً ضاع منه ممن يهمه طمس ذلك المنبر الإعلامي، فالشاعر في ذلك الوقت يعادل وكالات الأنباء في أيامنا هذه، ومن أشهر أشعاره التي اتخذت طابعاً سياسياً وعقائدياً بليغاً هي التائية المعروفة التي مطلعها:
تجاوبن بالإرنان والزفرات |
نوائح عجم اللفظ والنطقات |
وكان قد تلاها على الإمام الرضا عليه السلام حينما قصده في خراسان بعد المطاردات من قبل النظام العباسي.
وأما نهايته المتوقعة فكانت حينما قُبِضَ عليه وسجن وعذب حتى بعثوا إليه من يغتاله بطعنة مسمومة بعد الصلاة في قرية من نواحي السوس عام 246هـ عن عمر ناهز القرن فلما حضرته الوفاة قال:
أعدَّ لله يوم يلقاه |
دعبل أن لا إله إلا هو |
يقولها مخلصاً عساه بها |
يرحمه في القيامة الله |
الله مولاه والنبي ومِنْ |
بعدهما فالوصي مولاه |
وفاطمة بضعة النبي ونجلاها |
من المرتضى وسبطاه |
رحم الله دعبلاً فهكذا تكون العُجَزُ الشّيَبْ.