مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

منبر القادة: ما شيعتنا إلا من اتّقى

الشهيد السيد عباس الموسوي قدس سره(*)

قال إمامنا الصادق عليه السلام في حديث يُعرِّف الشيعة: "شيعتنا أهل الهدى، وأهل التقوى، وأهل الخير وأهل الإيمان، وأهل الفتح والظفر"(1).

وليس شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام مدّعون أو ممن يتبخترون، أو ممّن يقول: أنا من شيعة علي عليه السلام، أو من شيعة جعفر عليه السلام، ولا يُنفّذ توجيهاتهم، ولا يمارس ذلك قولاً وفعلاً مقتدياً بأهل البيت عليهم السلام. ولذلك يقول الإمام الباقر عليه السلام في حديث آخر لصاحبه جابر الجعفي: "يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون إلّا بالتواضع، والتخشّع، وكثرة ذِكر الله، والصوم، والصلاة، والتعهّد للجيران، والفقراء، وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلّا من الخير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء"(2).

*إياك والسفلة
وبالإضافة إلى كل هذه الصفات، هناك صفة أساسية يجب أن يتحلّى بها الإنسان الشيعي، وهي أن يغزو أو أن تكون حربه وقتاله في سبيل الله، وأن يكون فتحه للبلاد من أجل تطبيق شريعة الله. ولذلك فإنّ من تمكّن من الغزو، ولم يَغْزُ، ومن تمكّن من المساهمة بالفتح والظفر ولم يساهم، فإنَّ جريمته كبيرة وذنبه لا يغتفر.

وفي حديث آخر، نظر الإمام جعفر الصادق عليه السلام إلى أحد الشيعة، وقال له: "إياك والسفلة، فإنما شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك، فأولئك شيعة جعفر"(3). أي: إنَّ الأساس في التعامل مع الأشخاص أن لا يكون مع السفلة من الرجال والناس، إنما أن يصطفي الإنسان في تعامله الأخيار منهم.

ثم يعرّف الإمام الصادق عليه السلام شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام، والذين هم بالنتيجة شيعته، بأنّ الصفة الأولى في هؤلاء هي عفّة البطن والفرج.

ثم يكمل قائلاً: إن الشيعي لا يأكل الحرام، ولا يزني، وتراه يفتش عن مواطن الجهاد، فيضع سلاحه على كتفه، ويدافع عن الإسلام وعزّته.

*جهادُ دِعبل
كان أهل البيت عليهم السلام يُدرِّبون المسلمين على هذا النوع من الجهاد. وقد كان دعبل الخزاعي، على سبيل المثال، يسافر من بلد إلى بلد، ويلتفت إلى كل الناس، ويقول لهم: إني أحمل خشبتي على ظهري أربعين سنة، فلم أجد من يصلبني عليها(4)، أي أنا أفتش منذ أربعين عاماً عمّن يصلبني على هذه الخشبة، ويقتلني في سبيل أهل البيت عليهم السلام.

كان يتنقّل بين مصر والمدينة والكوفة والبصرة، والسلطة الحاكمة تطارده من مكان إلى آخر: "واشتدّ جهاده في سبيل الله، وعمل لخالقه، ورجا ثواب الله، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك، فأولئك شيعة جعفر".

فالمؤمن مبتلى، وقد تحاربه ظروفه، وتلتبس عليه إمكاناته. لكنه في داخله يجاهد ويحارب الظلم لأن في ذلك رضا لله. اللهم اجعلنا من المتشيّعين لأهل البيت عليهم السلام، واجعلنا من أحبّائهم يا أرحم الراحمين.

اللهم اختم لنا هذه الحياة بالسعادة والكرامة والعزّة، وثبـّت أقدامنا على دينك، وأفرغ علينا صبراً، وانصرنا على القوم الظالمين.

عباد الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ (سورة الكوثر) صدق الله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم.


(*) خطبة جمعة ألقاها السيد عباس بتاريخ 12/9/1986.
1- الكافي، الكليني، ج2، ص233.
2- الأمالي، الصدوق، ص725.
3- الكافي، الكليني، ج2، ص233.
4- أصل الشيعة وأصولها، الشيخ كاشف الغطاء، ص208.

أضيف في: | عدد المشاهدات: