الشيخ علي معروف حجازي
القضاء منصبٌ جليل، ولكنّه محفوفٌ بالمخاطر، فيما لو خرج عن حكم الله تعالى. والقضاء هو الحكم بين الناس لرفع التنازع والخصومة بينهم.
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «القضاة أربعة؛ ثلاثةٌ في النار وواحدٌ في الجنّة: رجل قضى بجور وهو يعلم، فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم، فهو في النار، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم، فهو في النار، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم، فهو في الجنّة»(1).
* قضاة الجَور
يحرم الترافع إلى قضاة الجَور في حال الاختيار، وهم من لم تجتمع فيهم شروط القضاء. ويحرم على الشخص غير الجامع للشروط الشرعيّة أن يتصدّى للقضاء، حتّى في الأمور اليسيرة.
* الأجرة على القضاء
الأحوط وجوباً أن لا يأخذ القاضي أجرةً أو عوضاً من المتخاصمَين أو من أحدهما، ويجوز له الارتزاق من بيت المال.
* الرشوة
أخذ الرشوة وإعطاؤها ولو بعنوان الهديّة أو الهبة، حرامٌ حتّى لو كان للحكم بالحقّ.
* حكم القاضي نافذ
لو ترافع الخصمان إلى القاضي الشرعيّ وحكم في الدعوى، فيكون حكمه نافذاً، فلا يجوز نقضه من قِبَل أيّ قاضٍ آخر؛ ولذا لا يجوز الترافع في الدعوى نفسها إلى قاضٍ آخر.
نعم، لو ادّعى أحد الخصمين بأنّ القاضي الأوّل ليس جامعاً للشروط - كأنِ ادّعى بأنّه ليس مجتهداً أو ليس عادلاً مثلاً - فتُسمع دعواه، يعني يجوز للقاضي الآخر النظر فيها، وحينئذٍ إذا ثبتت دعوى المدّعي، نقض القاضي الثاني حكم القاضي الأوّل، وإن لم تثبت دعواه (في عدم اجتهاد القاضي الأول أو عدم عدالته)، فلا يُنقض حكم القاضي الأوّل.
* شروط القاضي الشرعيّ
يُشترط في القاضي الذي يجوز الترافع إليه عشرة أمور:
1. البلوغ.
2. العقل.
3. الإيمان، بمعنى أن يكون إماميّاً.
4. العدالة.
5. الاجتهاد المطلق؛ ويجوز للمجتهد الجامع للشروط أن ينصّب غير المجتهد للقضاء، ويجب على المنصوب العمل حسب مقرّرات النصب، ولا يجوز له التخلّف عنها.
6. الذكورة.
7. طهارة المولد؛ بأن لا يكون ابن زنا.
8. أن لا يغلب عليه النسيان، على الأحوط وجوباً.
9. أن يعرف الكتابة، على الأحوط وجوباً.
10. أن يكون الأعلم في بلده وما يقرب منها، على الأحوط وجوباً.
* أحكام تتعلّق بالقاضي
وهي جملة أمور، منها:
1. يجب على القاضي التسوية بين الخصوم؛ أي التسوية في السلام والردّ، والإجلاس، والنظر، والكلام والإنصات، وسائر الآداب.
2. لو ورد الخصوم ترتيباً، فيجب على القاضي سماع دعوى الأوّل أوّلاً، ثمّ يليه الثاني، وهكذا، ولا يفرّق بين الذكر والأنثى، ولا بين الرئيس والمرؤوس، ونحو ذلك.
ولو ورد الخصوم معاً، فيعمل وفق التراضي بينهم على التقديم والتأخير، ومع عدم التراضي يرجع إلى القرعة.
3. لا يجوز له أن يلقّن أحد الخصمين شيئاً يساعده على الظفر بخصمه، كما لو كانت دعواه على نحو الاحتمال، فيلقّنه أن يدّعي ذلك على نحو الجزم؛ كي تُسمع دعواه. وكذلك لا يجوز تلقينه كيفيّة الاحتجاج وطريق الغلبة، ونحو ذلك.
4. يجوز تلقين أحد الخصمين في حالتين:
الأولى: إذا كان القاضي عالماً أنّ الحقّ معه، فيجوز تلقينه ذلك؛ لأنّه لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه من دون بيّنة أو إقرار أو حلف.
الثانية: إذا علم غير القاضي بصحّة دعواه، جاز له تلقينه.
5. إذا كان القاضي يتابع دعوى معيّنة، فقطع المدّعَى عليه دعوى المدّعِي بدعوى جديدة، لم يسمعها المدّعِي، فيجب على القاضي إكمال الدعوى الأولى، ولا يسمع الدعوى الجديدة. وبعد الانتهاء من دعوى صاحبه وإصدار الحكم فيها، لا مانع من طرح الدعوى الجديدة.
نعم، لو رضي المدّعِي الأوّل بتقديم الدعوى الثانية، فيجوز.
1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص22.