مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

مفاتيح الحياة | نفسك أمانة (2)*


آية الله الشيخ عبد الله الجوادي الآملي

 

الجسم أمانة أودعها الله في الإنسان حتّى يحافظ على صحّته وعافيته؛ ذلك أنّ الصحّة الجسديّة وسيلة يتقرّب فيها العبد إلى الله ويؤدّي واجباته تجاهه، فضلاً عن واجبات الحياة الأخرى.
يضع هذا المقال بين أيدي القرّاء الأعزّاء مجموعةً من الأحاديث عن المرض وأسبابه وسبل الوقاية منه. 

•الوقاية من الأمراض
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الله لا إله إلَّا هو لَيَدْفَعُ بالصَّدَقَة الدّاءَ"(1). وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "لا يَبِيتَنَّ أحدكم ويدُهُ غَمِرَةٌ، فإنْ فَعَلَ فأصابَهُ لَممُ الشيطان فلا يلومَنَّ إلَّا نفسه"(2). وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "قلَّةُ الأكلِ يمنعُ كثيراً مِنَ أعلالِ الجسم"(3)، وقال أيضاً: "توَقَّوا البرد في أوَّلِهِ وتلقَّوْهُ في آخرِهِ، فإنَّه يفعلُ في الأبدان كفِعْلِهِ في الأشجار؛ أوَّلُهُ يُحْرِقُ وآخرُهُ يُورِقُ"(4).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: "تقليمُ الأظافر وأخذُ الشارِبِ مِنْ جُمُعة إلى جُمُعة أمانٌ مِنَ الجُذام"(5). وكذلك عنه عليه السلام: "ألبانُ البقر دواءٌ وسُمُونُها شفاءٌ ولحومُها داءٌ"(6). وقال أيضاً: "تَرْكُ العشاء مَهْرَمَةٌ، وينبغي للرجل إذا أسَنَّ ألَّا يَبيتَ إلَّا وجَوْفُهُ ممتلئٌ مِنَ الطعام"(7). وقال عليه السلام في رواية أخرى: "وإيَّاكَ وشُرْبَ الماء البارد... في الحمَّامِ، فإنَّه يفسد المَعِدة..."(8). وأيضاً كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "ألا لا يستَلْقِيَنَّ أحدكم في الحمّام، فإنَّه يُذيبُ شَحْمَ الكُلْيَتَين"(9)، وقال عليه السلام أيضاً: "... وصُبَّ الماء البارد على قدميك إذا خرَجْتَ [من الحمّام]، فإنَّه يَسُلُّ الداءَ من جسدك، فإذا لَبِستَ ثيابك فقل: اللَّهُمَّ ألبسني التقوى وجنِّبني الرِّدَى، فإذا فعلت ذلك أمِنْتَ من كلِّ داء"(10). 

كما جاء في الروايات: أنّ الإمام الصادق عليه السلام خرج من الحمَّام فلبِسَ وتعمَّمَ. ثمّ قال: "فما تركتُ العِمامةَ عند خروجي من الحمَّام في الشتاءِ والصيف"(11)، تأكيداً على عدم ترك الرأس حاسراً عند الخروج من الحمّام.

وقال الإمام موسى الكاظم عليه السلام: "الحمَّامُ يومٌ ويومٌ لا يكثر اللحم، وإدمانُهُ في كلِّ يومٍ يُذِيبُ شَحْمَ الكُلْيَتَين"(12).

وقال الإمام الرضا عليه السلام: "ومَنْ أرادَ أن لا يشتكي مثانَتَهُ فلا يَحْبِسِ البَوْلَ ولو على ظهرِ دابَّتِهِ"(13).

ملاحظة: المضامين الواردة في بعض هذه الروايات وروايات أخرى قد تكون مشروطة بما يتناسب وصحّة الأفراد وسقمهم على اختلافهم أو فئاتهم العمريّة أو مناطقهم الجغرافيّة والبيئيّة واختلاف مناخاتهم الجويّة. 

على سبيل المثال، حين تذكر الرواية أنّه "ينبغي للرجل إذا أسنَّ ألَّا يَبيتَ إلَّا وجوفُهُ ممتلئٌ من الطعام"، فالمقصود المسنّ الذي يشبع عادةً بقليل من الطعام وليس له وضع خاص، لا المقصود ملء الجوف بالطعام في كلّ الظروف، أو إذا ورد في الرواية مثلاً "إنَّ الاستلقاء على الظهر بعد الشبع يزيل الداء من الجسد"، فبلا شكّ، ليس المقصود بذلك أن يخلد الإنسان إلى النوم، لأنَّ روايات أخرى نهت عن ذلك.

• عوامل المرض
1. عوامل ماديّة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليُّ، تسعةُ أشياء تُورثُ النسيان: أكلُ التفاحِ الحامِضِ، وأكلُ الكُزبرة والجُبن وسُؤْرِ الفأرَةِ (ريقها)، وقراءةُ كتابةِ القبور، والمشيُ بين امرأتين، وطَرْحُ القَمْلَة(14)، والحِجامةُ في النُّقرة، والبَوْلُ في الماءِ الراكد"(15).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "خمسُ خصالٍ تُورثُ البَرَصَ: النُّورَةُ يومَ الجمعة ويوم الأربعاء، والتَّوضّؤ والاغتسال بالماءِ الذي تُسْخِنُهُ الشمس، والأكلُ على الجَنَابَة، وغِشْيانُ المرأةِ في أيّام حيضها، والأكلُ على الشِّبعِ"(16).

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام، اجتنى ثمار فنون الأسقام"(17)، وقال عليه السلام: "لا تطلب الحياة لتأكل بل اطلب الأكل لتحيا"(18). وقال عليه السلام أيضاً: "المعدة بيت الأدواء والحِمية رأس الدواء، وعوِّد كلّ بدنٍ ما اعتاد. لا صحّة مع النهم، لا مرَضَ أضنى من قلّة العقل"(19).

وعنه عليه السلام أيضاً: "إذا اشترى أحدكم اللحم فليخرج منه الغُدد، فإنّه يحرِّك عرق الجُذام"(20)، وقال عليه السلام: "طولُ الجلوس على الخَلاء يُورثُ الباسور"(21).

وروي: "... وَمْن كَثُر طعامه سَقُمَ بدنه وقسا قلبه"(22). وقال الإمام الصادق عليه السلام: "... وأمّا التي يَهزلْنَ فإدمان أكلِ البيض والسمك والطَّلْعِ"(23). وعنه عليه السلام أيضاً: "... ولا تُسرِّح في الحمّام، فإنّه يُرقِّق الشَّعر..."(24).

وقال الإمام الرضا عليه السلام: "ومن أراد أن لا تؤذيه معدته فلا يشرب على طعامه ماءً حتّى يفرُغَ، ومن فعل ذلك رَطِب بدنه وضعُفت معدته ولم تأخذ العروق قوّة الطعام"(25). وقال عليه السلام أيضاً: "واحذر أن تجمع بين البيض والسمك في المعدة في وقت واحدٍ، فإنّهما متى اجتمعا في جوف الإنسان ولَدَا عليه النِّقرس(26) والقُولَنج(27) والبواسير ووجع الأضراس"(28). وقال عليه السلام: "أكل اللحم النيّء يُولِّدُ الدُّودَ في البطن"(29).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إيّاكم والجلوسَ في الشمس، فإنَّها تُبْلِي الثوب وتُنْتِنُ الريح وتُظهرُ الداءَ الدفين"(30). يمكن أن تختصّ هذه الرواية بحالة خاصّة، كأن يكون من طبع الفرد الجلوس تحت الشمس، وهذه حالة تنطبق عليها الأضرار التي ذكرتها الرواية جرّاء الجلوس في الشمس، أو الإصابة بضربة شمس، ولكن إذا ما كانت الظروف الزمانيّة والمكانيّة وما شابه على نحوٍ مقنن، فتعمل أشعة الشمس على تطهير الجسم أو اللباس من الميكروبات، وتكون نافعة وصحيّة.

2. عوامل غير ماديّة: روي عن الإمام الرضا عليه السلام قوله: "كلّما أحدَثَ العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدَثَ الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون"(31).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: "إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بَعَثَ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَائِه إِلَى قَوْمِه، وأَوْحَى إِلَيْه أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ إِنَّه لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ ولَا أُنَاسٍ كَانُوا عَلَى طَاعَتِي فَأَصَابَهُمْ فِيهَا سَرَّاءُ فَتَحَوَّلُوا عَمَّا أُحِبُّ إِلَى مَا أَكْرَه، إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ" (32). وقال عليه السلام أيضاً: "... وإنَّ عمل الشرِّ أسرع في صاحبه مِنَ السكِّين في اللحم"(33).

وهكذا، يتّضح لنا كيف أولى أهل البيت عليهم السلام مسألة المرض والوقاية منه أهميّة كبيرة في أحاديثهم، فلنعمل بتلك الإرشادات حتّى نحافظ على جسم سليم من الأسقام.

 

* مقتطف من كتاب مفاتيح الحياة، ص94-100.
1.الكافي، الشيخ الكليني، ج 4، ص 5.
2.من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص6.
3.موسوعة الأحاديث الطبيّة، الشيخ الريشهري، ج 2، ص 400.
4.نهج البلاغة، الحكمة 128.
5.الخصال، الشيخ الصدوق، ص 39.
6.الكافي، مصدر سابق، ج 6، ص 311.
7.المصدر نفسه، ج 6، ص 288.
8.من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج 1، ص 113.
9.الكافي، مصدر سابق، ج 6، ص 500.
10.من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج 1، ص 113 - 114.
11.المصدر نفسه، ج 1، ص 117.
12.الكافي، مصدر سابق، ج 6، ص 496.
13.بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 59، ص 322.
14.ملاحظة: مضمون هذه الرواية هو التأكيد على مراعاة شروط النظافة والصحّة، وتأثير التلوّث في نقل الأمراض، بدليل ما نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام في ضرورة دفن القمل [لتجنّب تلوّث البيئة]، "فليدفنها تحت الحصى". تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي، ج 2، ص 329.
15.من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج4، ص 361.
16.الخصال، مصدر سابق، ص 270.
17.موسوعة الأحاديث الطبيّة، مصدر سابق، ج 2، ص 419.
18.شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج20، ص 333.
19. الدعوات، الراوندي، ص 77.
20.علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 2، ص 561.
21.الخصال، مصدر سابق، ص 19.
22. الدعوات، مصدر سابق، ص 77.
23.الخصال، مصدر سابق، ص 155.
24.من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج1، ص 116.
25.بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 59، ص 323.
26.النقرس هو داء الروماتيزم يحدث في مفاصل القدم.
27.القولونج هو مرض معويّ سببه التهاب القولون.
28.مستدرك الوسائل، الشيخ الطبرسي، ج16، ص 359.
29.بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 59، ص 319.
30.الجامع الصغير، السيوطي، ج 1، ص 450.
31.الكافي، مصدر سابق، ج 2، ص 275.
32.المصدر نفسه، ج 2، ص 268.
33.المحاسن، البرقي، ص 25.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع