تحقيق: نانسي عمر
"منذ مدّة وأنا أعاني من إصدار الأصوات العالية أثناء نومي. ما إن تغفو عيناي، حتّى أستيقظ فجأةً على شعور بالاختناق، وكأنّ أحداً يمسكني من رقبتي، فينقطع نفسي ويؤلمني حلقي. وعندما أحاول العودة إلى النوم، أستيقظ مجدّداً على صوت شخيري، وأبقى في حالة نوم متقطّع حتّى الصباح، فأكمل نهاري بالنعاس والإرهاق والكسل، غير قادر على التركيز والعمل بنشاط وحيويّة".
هي قصّة مألوفة تتكرّر في كثير من البيوت، حيث يعاني أحد أفراد الأسرة من الشخير اليوميّ الذي يحرمه لذّة النوم. فهل الشخير حالة عابرة أم مرض؟ وكيف تتمّ الوقاية منه وعلاجه؟ هذه الأسئلة طرحناها على الدكتور علي مشيك المختصّ في الأمراض الصدريّة والإنعاش الطبّيّ، وعدنا بالإجابات الآتية.
• ما هو الشخير؟
يعرّف الدكتور علي مشيك الشخير بأنّه "الضجيج المزعج الذي يصدر عن الأنف والحنجرة أثناء النوم"، والذي يصيب نسبة 57 في المئة من الرجال و40 في المئة من النساء حول العالم. أمّا عند الأطفال، فتعود حالات الشخير غالباً إلى انسداد المجاري التنفسيّة العلويّة، الناتجة عن مشاكل اللوزتين والغدد الأنفيّة.
• أنواعه
ينقسم الشخير بحسب الدكتور مشيك إلى نوعين:
1. الشخير الأوّليّ: هو الذي لا يسبّب استيقاظ الشخص من النوم بشكلٍ غير معتاد أثناء الليل. وفي هذا النوع من الشخير، يبقى تدفّق الهواء باتّجاه الرئتين سليماً، فيكون مستوى الأوكسيجين في الدم ضمن الحدود الطبيعيّة. لذلك، فإنّ الأشخاص الذين يعانون من الشخير الأوّليّ لا يعانون من فرط النعاس أثناء النهار.
2. الشخير المتقدّم: يلاحظ في هذا النوع ارتباط الشخير بانقطاع التنفّس أثناء النوم، حيث يعاني الشخص من انقطاع النفس لخمس مرّات أو أكثر في كلّ ساعة من ساعات النوم. وعليه، يكون التنفّس وتدفّق الهواء ضعيفاً، فيصل الأوكسيجين إلى الرئتين بنسب ضئيلة، ما يتسبّب بعوارض متعدّدة، منها:
أ. ارتفاع صوت الشخير.
ب. انقطاع النفس عند المريض أثناء النوم.
ج. الاستيقاظ من النوم بحالة من اللهاث أو الشهيق المفاجئ أو الاختناق.
د. ضعف التركيز وعدم القدرة على إنجاز الواجبات اليوميّة.
هـ. الشعور بالنعاس والإرهاق والنوم المتكرّر خلال النهار.
• الشخير الأوليّ: وقاية واهتمام
إنّ الشخير من النوع الأوّل يمثل حالة غير مرضيّة، لكنّها مزعجة للمُصاب بها، ولمن حوله. وللوقاية من الشخير من هذا النوع، ينصح الدكتور مشيك باتّباع إجراءات عدّة، نذكر منها:
1. فقدان الوزن الزائد، الذي قد يكون سبباً في إصدار صوت الشخير.
3. الإقلاع عن التدخين؛ لأنّه يسبب مشاكل في التنفس عموماً.
4. معالجة احتقان الأنف؛ حيث قد يكون سبباً عارضاً لحصول الشخير.
5. النوم لساعات كافية؛ فقد ينجم الصوت عن تعب وإرهاق.
6. النوم على الجانبين الأيمن والأيسر وتجنّب النوم على الظهر.
7. تجنّب الأكل قبل النوم مباشرة.
8. تجنّب الأدوية المنوّمة.
9. النوم على وسادة صحيّة؛ ليكون مجرى التنفّس مفتوحاً بشكل طبيعيّ أثناء النوم.
• الشخير المرضيّ: العوارض والعلاج
أمّا في حال كان الشخير من النوع الثاني، فسيكون متقدماً وهو حالة مرضيّة، ناتج عن انقطاع التنفّس، ويحتاج إلى تشخيص وعلاج خاص.
- أولاً: عوارض انقطاع التنفّس: يرى د. مشيك أنّ بعض الشخير تصاحبه بعض العوارض، التي تكون مؤشراً على انقطاع النفس أثناء النوم، ومن أهمّها:
1. الشخير بصوت عالٍ وبشكلٍ متكرّر.
2. حصول آلام في الرأس دون سبب واضح.
3. اضطراب ضغط الدم الشريانيّ خلال النهار رغم العلاج.
4. ازدياد حالات نوبات الصرع مع الشخير.
5. ضعف التركيز والإنتاجيّة والشعور بالنعاس خلال النهار.
6. معاناة المريض من حالات اكتئاب واضطرابات نفسيّة فجائيّة.
- ثانيّاً: التشخيص: عند فحص المريض، عادةً ما ينصبّ اهتمام الطبيب على أربعة أمور:
1. قياس مؤشّر كتلة الجسم لدى المريض.
2. قياس محيط الرقبة في حالتي السمنة المفرطة أو وجود تضخّم في الغدّة الدرقيّة.
3. فحص حفرة الأنف والفم للتأكّد من عدم وجود زوائد لحميّة أنفيّة.
4. فحص ضغط الدم الشريانيّ.
وفي حال ازدياد الشكوك الطبّيّة بتحوّل مشكلة الشخير إلى حالة من انقطاع التنفّس، يتوجّب على المريض إجراء تخطيط النوم، وهو نوع من فحوصات مختلفة، يُجرى أثناء نومه لعدد كاف من الساعات، ويشمل دراسة أمور عدّة:
أ. موجات الدماغ.
ب. مستوى الأوكسيجين في الدم.
ج. معدّل ضربات القلب.
د. معدّل التنفّس.
هـ. مراحل النوم.
و. حركة العينين والساقين.
- ثالثاً: أنواع العلاج: تختلف أنواع العلاجات الموصوفة في حالات انقطاع التنفّس أثناء النوم، بعد تأكيدها من خلال تخطيط النوم، بحسب حالة المريض. وتشمل هذه العلاجات:
1. استخدام أجهزة فمويّة؛ لتوسيع الحنك وإبعاد الأسنان عن بعضها بعضاً من أجل فتح مجرى الهواء نحو البلعوم.
2. استخدام أجهزة الضغط الإيجابيّ المستمرّ ( cpap) لإبقاء المجاري الهوائيّة العلويّة مفتوحة.
3. اللجوء إلى الجراحة في حال وجود انسداد أو تضيّق واضح في طريق الأنف والبلعوم، حيث يتمّ استئصال الزوائد اللحميّة.
4. استخدام تقنيّات تحفيز العصب تحت اللسان من خلال إبقاء الأخير في وضعيّة لا تسمح بانسداد المجاري الهوائيّة العلويّة، وهي تقنيّات ذات نتائج ملموسة لكنّها لا تعدّ واسعة الانتشار.
• نصيحة أخيرة
ختاماً: يشدّد الدكتور علي مشيك على ضرورة تمييز عوارض الشخير واحتمال حدوث انقطاع التنفّس خلال النوم، والتنبّه إلى مضاعفاته، لتوجيه المريض نحو متابعة المشكلة والتأقلم مع العلاج بعد مراجعة الطبيب المختصّ وإجراء الفحوصات اللازمة.