مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

التربية والتعليم في فكر الإمام الخميني قدس سره



الدكتور بلال نعيم


الإمام الخميني قدس سره واحد من رجال الإسلام العظماء، الذين تركوا بصمات كبيرة وحيَّة في تاريخ الإسلام. وكان لهم الدور الطليعي والرائد في إحياء واستمرارية نهج الرسول والأئمة (عليهم السلام) في هذه الدنيا من خلال الجهاد والعطاء والمعارف التي قدّموها وصاغوها رؤى وأفكاراً ومفاهيم للأجيال على امتداد العالم. فالإمام الخميني قدس سره نجم أضاء في سماء القرن العشرين استطاع أن يشكل ظاهرة فريدة على كل المستويات. فمن ناحية الشخص كان مثالاً للكمال الإنساني في أروع صورة وعلى مستوى الدور فقد أسس جمهورية إسلامية في وسط الظلام الحالك الذي يلفّ دنيا الإنسانية وحياة المسلمين وعلى المستوى الآخر فقد أيقظ الشرق والغرب على حقيقة الإسلام وعلى حضور الغيب بقوة في كلّ العوالم ومنها عالم الشهادة.

لقد حوت شخصية الإمام من الخصائص والمزايا ما يعجز عن تعداده المرء فضلاً عن الغوص في أعماقها. كما أن الإمام استطاع أن يقدم الإسلام بمضامينه الأصيلة بالأسلوب الذي يحاكي العصر وفي الموضوعات التي تلامس حاجات الإنسان كافة. ومن الأصالة في روح الوحدة للخالق إلى التوزع في روح الكثرة للكائنات، مدّ خيوط النور التي أضاءت الشرق والغرب وأذنت بانبثاق فجر جديد للأمة الإسلامية وللبشرية جمعاء.
ومن الميادين التي خاض فيها الإمام وكان مجلياً فيها ميدان التربية والتعليم حيث ركّز الإمام على جملة موضوعات أساسية وحيوية في هذا الميدان، وسلّط عليها خلاصة فكره النيّر فبات الإمام مربياً بحق، بل المربي الأكبر في هذا القرن.

ومن الموضوعات التربوية التي ركّز عليها الإمام:
1- رفض التبعية الثقافية:
شدد الإمام على رفض التبعية لأي جهة لا سيما الغرب. والاستقلال على المستوى الثقافي والفكري باعتبار أن هذه الاستقلالية هي الكيان وأن الثقافة هي الهوية ومع فقدانهما تفقد الدولة والشعب والأمة الحضور والفعالية وتصاب الخواء على كلّ المستويات. ومن جملة ما قاله الإمام في هذا الموضوع.
أ- إذا لم يحصل الشعب على استقلاله الفكري فإنه لن يحقق أي استقلال في الجوانب الأخرى.
ب- إن التبعية العسكرية يمكن إزالتها، والتبعية الاقتصادية يمكن تعويضها، أما التبعية النفسية والإنسانية فهي صعبة جداً.
ج- إذا كانت الشعوب الإسلامية وحكوماتها وطنية فلتسع في قطع تبعيتها الفكرية مع الغرب والعودة إلى ثقافتها وأصالتها والتعرف إلى الثقافة الإسلامية الراقية الملهمة من الوحي وتعريفها إلى الغير.
د- يجب علينا أن نعمل في برامجنا وخططنا البعيدة المدى على تبديل ثقافتنا التابعة للشرق أو الغرب إلى ثقافة مستقلة وكفوءة.

2- دور الجامعة والجامعيين:
قام الإمام قدس سره ومن منطلق وعيه لأهمية الساحة الجامعية. خصوصاً المضامين الفكرية التي يتلقاها الجامعيون وتشكل المحتوى الثقافي للخريجين الجامعيين فيما بعد. وبلحاظ الدور الريادي الذي يتولاه المثقف والجامعي في المحيط والمجتمع قام بثورة رائدة جنّد لأجلها طاقات كبيرة من العلماء والمثقفين الذين يمتلكون الثقافة والوعي والعلم من جهة ويمتلكون الأصالة والعمق في التفكير كما أنهم قادرون على تشخيص المصلحة في التوفيق بين هوية الجمهورية الإسلامية وبين المستويات العلمية والأكاديمية الواقية. لقد قامت هذه الثورة، واستطاعت خلال سنوات أن تبدل في جذور المناهج الجامعية في العلوم الإنسانية والنظرية وأصبح بالإمكان القول بأن الجامعات هي من صلب الثورة وليست كياناً نافراً ومتعارضاً مع هذه الثورة لأنه بدون هذا التغيير الكبير في المضامين الفكرية للمناهج الجامعية فإنه وبشكل تدريجي سوف تُحكم الجمهورية الإسلامية من قبل أناس تابعين للشرق أو الغرب وتنهار الجمهورية من الداخل، ومن أهم الفقرات التي تسلّط الضوء على نظرة الإمام الوقادة والثاقبة تجاه حساسية الساحة الجامعية ودورها.
أ- إن مصير أي بلد هو بيد جامعاتها والذين يتخرجون منها.
ب- أيها الشباب الجامعي أنتم ذخائر هذا البلد.
ج- الجامعات بمقدورها أن تغمر العالم بالنور. إن قرنت التعليم بالخلق الإنساني وبمسايرة الفطرة الإنسانية.
د- نحن إذ نطالب بإصلاح الجامعة والتعليم لا نرفض وجود الجامعة بل نريد جامعة تخدم البلد والأمة.

3- أهمية التزكية المصاحبة للتعلم والتعليم:
لقد شدَّد الإمام ومن صميم التركيز الإلهي على تزكية النفوس قبل التعليم عند الإشارة إلى مهام الأنبياء ودورهم وذلك من خلال ما ورد في آيات عديدة خصوصاً تلك التي تتحدث عن حركة النبي الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله، وانطلاقاً من هذه الحقيقة الإسلامية والقرآنية من جهة ومن الحقيقة الإنسانية والاجتماعية من جهة أخرى أكد الإمام الخميني قدس سره على أسبقية التربية أو مساوقتها للعلم الذي هو في نظر الإمام عبادة أساسية وهو في هذا المجال يقول:
أ- التربية قبل التعليم، وإن لم تكن قبل فعلى الأقل لتقترنُ به.
ب- إن التعليم والتعلم هما عبادة دعانا الله تعالى وتبارك إليها.
ج- إن العلم إذا خلا من العمل والتقوى يكون في أكثر الأحيان مضراً.

4- دور المعلم في المجتمع:
كون الإمام اعتمد في ثورته على أناس كانوا أطفالاً في فترة تحضيره للثورة وتربوا على أفكاره، فباتوا شباباً ثوريين تحركوا فيك لّ المجالات وحققوا الانتصار العظيم، لذا فإن الإمام أولى موضوع التربية للأجيال الناشئة أهمية كبيرة على صعيد المدارس ودور التعليم. وكون العنصر الأساسي في عملية تربية الأطفال هم المعلمون. أكد الإمام على هذا الدور وعلى حساسيته في الاتجاهين الإيجابي والسلبي، وفي هذا المجال يقول الإمام:
أ- إن دور المعلم في المجتمع هو دور الأنبياء، ودور المعلم حسَّاس ودور مسؤولية وأهمية دوره في التربية التي تعني الخروج من الظلمات إلى النور.
ب- لو صلح المعلم والمثقف لصلح البلد ولو انحرفا لخربت البلاد.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع