* الفصل الثالث
في الفصلين السابقين تحدثنا عن الأساليب العسكرية والسياسية التي يستخدمها الاستكبار لاستمرار تسلطه وهيمنته على الشعوب. إلا أنه ومنذ القرن الماضي تقريباً شرع الاستكبار في البحث عن أساليب جديدة أكثر خبثاً وأمضى وقعاً وأقدر على تحقيق أهدافه المشؤومة، حيث أن الاعتماد الدائم على القوى المسلحة والبقاء في حالة صراع مع الشعوب لن يكتب له النجاح بشكل دائم. لقد وجدت قوى الهيمنة والتسلّط في الشرق والغرب أنه من خلال النفوذ إلى ثقافة المجتمعات وعاداتهم يمكن التقليل من استخدام القوى الأمنية والعسكرية. ويمكن القول أن القسم الأعظم من مصائب الشعوب وابتلاءاتهم في هذا العصر يعود إلى المعتقدات والمبادىء الفكرية التي تمليها القوى المتسلّطة. ولو قلنا إن البعد الثقافي هو البعد الأهم في السياسة الاستكبارية فلن نكون مبالغين جداً.
في هذا الفصل، سوف نبحث في البعد الفكري والثقافي للأساليب الاستكبارية للتعرف أكثر على أهداف هذه السياسة المشؤومة.
1- نبذ القيم الإنسانية
تشكل الثقافة الوطنية الأصيلة لأي بلد من البلدان خطراً على استمرار تسلّط الاستعمار ونفوذه. ولذا يسعى الاستعمار الجديد للتقليل من شأن هذه الثقافة والاستهانة بها تمهيداً لضربها واستبدالها بثقافته المادية التي يصوّره بالثقافة العصرية والتقدمية. يقول الإمام الخميني رضوان الله عليه في معرض تحذيره من مؤامرات الاستكبار في ترويج الثقافة الغربية على أخلاق الشعوب وأذواقهم وعاداتهم بل وحتى هويتهم: "يجب على علماء البلدان الإسلامية أن يواجهوا الغزو الثقافي المبتذل للشرق والغرب الذي يسعى لإهلاك الحرث والنسل". ولعل أخطر ما يواجه الخطط الاستكبارية هو الإسلام بمفاهيمه وأصوله السامية. ولذلك نرى أن الاستكبار بالرغم من ادّعائه الديمقراطية والحرية ومساندة حقوق البشر- يقف سداً منيعاً أمام تبليغ الإسلام وإذا ما أرادت أية حركة أن تقوم بتوعية الشعوب واطلاعها على الإسلام فإنها تُوصف بالإرهاب ومعاداة الحرية ومخالفة حقوق الإنسان.
2- الهيمنة على النظام التربوي
تعتبر الحكومات نظام التربية والتعليم ركناً من أركانها. لأن الطلاب الجامعيين تقع على عاتقهم مسؤولية تحديد مستقبل المجتمع. والميزانية التي تُصرف في سبيل تطوير النظام التربوي هي في الواقع ميزانية لصنع مستقبل هذا البلد. من هنا أولى الاستكبار مسألة التعليم أهمية خاصة فعلى طول السنوات المئة والخمسين الأخيرة، سعى الاستعمار الأوروبي ومن بعده الأمريكي لنشر ثقافة الغرب بين شعوب دول الشرق الأوسط وخاصة إيران. ففي عصر رضا خان وابنه عُمل على محو الثقافة الإسلامية من المجتمع ومن مراكز التعليم وكان ذلك جزءاً من السياسة الثقافية الثابتة للنظام البهلوي. إن النظام البهلوي من خلال سعيه لفصل الجامعة عن الحوزة، أراد أن يُحدث فراغاً معنوياً كبيراً في الجامعة مستخدماً لذلك أساتذة ومدراء غير متدينين (وأحياناً ضد الدين) تلقوا ثقافتهم من الغرب. إن هذه المكائد ألحقت بإيران أفدح الخسائر. وكما قال الإمام الخميني رضوان الله عليه: "لو كانت الجامعة منذ البدء في خدمة الناس لم نكن الآن لنشعر بالحاجة". لقد استمرت هذه الأوضاع حتى انتصار الثورة الإسلامية في إيران. وقد عزم هذا الشعب المجاهد بقيادة الإمام رضوان الله عليه على التكاتف والتآزر والسعي لبلورة نظام كامل للتربية والتعليم مستقل عن الغرب ماح كل آثار الثقافة الملتقطة والمبتذلة.
إن الشباب هم العامود الفقري للمجتمع. والاستكبار يركز على إغوائهم وتضليلهم وجرهم إلى الإلحاد والفساد الخلقي والتحلل من القيم والموازين الإنسانية. وإذا ما عرفنا أن سلامة المجتمع تعتمد على السلامة الروحية لطبقته الشابّة؛ كما أن سقوطه وانحطاطه نتيجة طبيعية لانحراف هذه الطبقة، فالمسؤولية الملقاة على عاتق الهيئات التربوية والتعليمية كبيرة وخطيرة. فعلى العلماء والواعين العاملين في حقول التربية إعداد البرامج التربوية الصحيحة والمناهج السلمية والحديثة لهداية الشباب نحو المفاهيم والقيم الإسلامية والإنسانية.
3- إشاعة الفساد
كلما ازدادت مراكز الفساد الأخلاقية والفكرية في مجتمع ما، يتدّنى مستوى الإنتاج والتقدم العلمي والاجتماعي والفكري وتسود فيه الثقافة المادية المنحطة والتعامل الأناني. وللفساد أوجه متعددة وهذه الظاهرة اتخذت شكلاً جديداً في عصرنا الحديث حيث يعمل الغرب جاهداً متخذاً من شخصية الإنسان محور نشاطاته لتثبيت هيمنته في أشكالها المختلفة من عسكرية واقتصادية وثقافية. في هذه النظرة المادية يهوي مقام الإنسان السامي من أرقى مراتبه إلى حضيض الحيوانية. لقد قدموا الروح الإلهية للإنسان (ونفخت فيه من روحي) فداءً على مذبح "أصالة اللذة" وصارت حياة الإنسان لا تتعدى هذه الفرصة القصيرة في الدنيا حيث عليه أن يغتنم كل لحظة منها في اللذة والفحشاء والدناءة وإدمان الخمور والمخدرات وغيرها من وسائل الفساد المتنوعة. الفساد في عالمنا اليوم سواء كان في منبعه في الغرب أو في سائر نقاط العالم هو نتيجة هذا النمط من التفكير، ومع مرور الزمن يتخذ منحى علمياً أو ثقافياً أو أدبياً أو فنياً، ومن الظواهر الأساسية والخاصة لهذه الثقافة الإدمان وترويج الفساد.
أ- الإدمان
الإدمان هو تعلق الإنسان- جسداً وروحاً- بمواد، غالباً ما تسبب الضرر الشديد لطبيعة حياته ووجوده كالأفيون والمخدرات وغيرها. إن كل ما يشغل تفكير الشخص المدمن هو تأمين هذا المركب الذي تعلّق به كل وجوده، فهو ميت بين الأحياء وليس لديه أدنى اهتمام بالجوانب العقلية والمعنوية للحياة. والشخص المدمن ليس عاطلاً وغير منتج فحسب وإنما هو مبذر وهادر للثروات أيضاً. ولذا نرى أن الاستكبار يعمل على ترويج المواد المخدرة، بل إنه يسعى لاحتكار تجارة المخدرات في العالم. وقد لوحظ في هذا المجال أن شياطين الشرق والغرب دفعوا مبالغ باهظة لمن يعينهم على ترويج المخدرات في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية. إلا أن السياسة الحكيمة للجمهورية الإسلامية وتنفيذ حكم الإسلام بحق هؤلاء المجرمين أحبط كل المؤامرات.
ب- ترويج الفحشاء
عمل الاستكبار وعملاؤه على فتح خانات القمار والنوادي الليلية ومراكز الدعارة وغيرها، كل ذلك تحت قناع الدفاع عن الحرية والتطور. وأن إشاعة مظاهر الفجور والابتذال في المجتمعات من زعزعة البنيان الأسروي، واستبدال اللباس الشرعي والمحافظ باللباس السافر والمبتذل وغير ذلك من أولى اهتمامات الاستكبار في العصر الحديث. ومن أهم الوسائل المستخدمة في هذا المجال الراديو والتلفزيون. إن مراجعة بسيطة للبرامج التلفزيونية وما يعرض فيها من أفلام ساقطة وفارغة من أي محتوى أو مضمون يظهر بوضوح الإمكانات الطائلة التي تُصرف في سبيل التحذير الثقافي والانحلال الأخلاقي. وقد وصل الأمر بعلماء الدين في السابق أنهم كانوا يعتبرون التلفزيون شيطاناً بكل ما للكلمة من معنى.
4- إحياء الأفكار القومية
تستخدم الكلمات التالية: ملة، أمة وشعب في معان متقاربة. وهي عادة تعني مجموعة من الناس تعيش ضمن حدود جغرافية سياسية معروفة وتحيى حياة يجمعها المصير المشترك. وغالباً ما ينتج ذلك عن الوحدة في التاريخ العريق، أو اللغة أو الدين أو حتى الاقتصاد. في ثقافة القرآن، الملة تعني الدين "ملة إبراهيم" يعني دين إبراهيم، إذاً، فـــ "ملة المسلمين" تعبير عن أمة الإسلام، أي المجموعة البشرية التي تعتقد بالإسلام، فالملة في الاصطلاح القرآني هي مجموعة من الناس تعتقد بدين معين. ولذا، لا يوجد في ثقافة الإسلام معنى لملة إيران، أو أمة إيران، أو أمة العرب وغيرها، لأن هذه الأسماء لا تحكي عن الدين الذي تدين به هذه الشعوب وإنما هي حاكية عن الحدود الجغرافية فحسب.
لقد كانت الأديان والقيم الفكرية والإنسانية أساساً متيناً لتوثيق الروابط والعلاقات بين مجموعات كبيرة من البشر. ولذلك أراد الاستكبار أن يقطع هذا الرابط المتين من خلال تقوية عنصر المشاريع القومية والوطنية وغيرها. ومنذ القرن الثامن عشر فصاعداً، استخدمت الدول الاستعمارية- وخاصة الأوروبية- مسألة "الأمة". وأمثالها كأصل من أصول الحياة الإنسانية وأساساً لتشخيص هوية الإنسان فمن لم ينتم إلى أمة أو قومية لا هوية له ولا يقام له وزن ففي العالم الإسلامي عادت القوميات العربية والتركية والفارسية لتبرز من جديد. وإن محاولات الشاه الدؤوبة لطمس المعالم الإسلامية وإحياء التقاليد الفارسية ليست عنا ببعيدة. ونحن نعتقد أن الثورة الإسلامية المظفرة لم تحاك ضدها المؤامرات الكبرى من قبل قوى الكفر العالمي مجتمعة إلا لسبب توجهها العقائدي الإسلامي. فالإسلام لا يعترف بالحدود الجغرافية الرسمية في المسائل التي تخص المسلمين، ويوجب على كل المسلمين أن يتحمّلوا المسؤولية تجاه كل المسلمين الآخرين في أية نقطة من العالم. وهكذا فإن أكثر من مليار مسلم اليوم يصبحون يداً واحدة إذا ما التزموا تعاليم الإسلام. وهذا هو الخطر الأكبر الذي يخشاه الاستكبار على نفسه.
5- جذب المثقفين والمفكرين (هجرة الأدمغة)
يشكل المفكرون والمثقفون في أي بلد الثروة المعنوية الكبرى للحفاظ على أصالة الثقافة الوطنية. وإذا ما ضمن الاستكبار تبعية هذه الطبقة له فإنه يوجه بذلك ضربة قاصمة لاستقلال البلد ثقافياً. ومن خلال إنشاء مراكز العلم ودور الفنون المزودة بالبرامج التي توجد تحولاً جذرياً في عقل الطالب وتفكيره يستطيع الاستكبار الوصول إلى أهدافه الخبيثة. وبعد فترة من الزمن، تبرز هذه الطبقة الجديدة في المجتمع ساعية نحو التحديث والرقي كما يرونه، وتحدث بذلك تحولاً فكرياً جذرياً في الأجيال القادمة. إن الطابع الغربي الذي صبغ لون المجتمع الإيراني قبل الثورة الإسلامية يعطي إشارة واضحة لما ذكر. فقد أنشئت أول مؤسسة تعليمية في إيران في عصر القاجاريين وسميت بدار الفنون. وقد عُنيت بتدريس العلوم والفنون العصرية وكان معظم أساتذتها من الأجانب. ثم أُنشئت جامعة طهران في عصر رضاخان، وفي عصره أيضاً أُرسلت أول مجموعة من الطلاب للدراسة في الخارج. ومنذ ذلك الحين ظهرت الدعوات المختلفة لمحاكاة النمط الغربي في العيش. ولم يكتف الاستكبار بذلك، بل كان يرصد أصحاب العقول النيرة والأذكياء لجذبهم وإغرائهم بالأموال الطائلة والرفاهية المادية. وهكذا برز في بلدان العالم الثالث ما يسمى ب "فرار الأدمغة". ففي تقرير لجمعية التجارة والتنمية في هيئة الأمم المتحدة (انكتاد) لسنة 1975 ورد ما يلي: "لقد وصلت هجرة الطلاب والمهندسين والأطباء والجراحين من العالم الثالث إلى حد خطير. 53 ألف متخصص هاجروا إلى أمريكا ما بين عام 1960 وعام 1970. أكثر من 20% من جميع الطلاب والمهندسين المستخدمين في أمريكا ما بين 1965- 1970 هم من خارج البلاد. 69% منهم هاجروا من بلدان العالم الثالث". إن هذا ما كان ليحصل لولا الثقافة الملتقطة التي تربّوا عليها حيث يفضلون خدمة الأجانب وتحصيل الرفاهية المادية على خدمة شعوبهم المحرومة والمستضعفة ومن الأفضل لنا أن نسمي هذه الهجرة ب "هجرة المستخدمين والأجراء" بدلاً من "فرار الأدمغة".
6- تربية المدراء والسياسيين
يضع الاستكبار برامج طويلة الأمد لتربية المدراء والسياسيين الذين سوف يقومون بإدارة شؤون البلاد تبدأ نشاطات هذه البرامج من مرحلة التعليم الابتدائي وإلى أعلى المستويات العلمية مستخدمة مختلف الوسائل العلمية والثقافية الحديثة. كما تستعين بالجمعيات والروابط التي تحمل الطابع الثقافي.
فنظرة أولية إلى دول العالم الثالث تظهر أن معظم المدراء والمسؤولين في تلك البلدان تربوا في جامعات الغرب والشرق.
7- فصل الدين عن السياسة
لعبت الكنيسة دوراً كبيراً في فصل الدين عن السياسة. فتعاليمها الدينية لا تتعدى الدعوة إلى العبادة والمحبة وعدم الاعتراض على الحكام والملوك لأنهم يمثلون حاكمية الله على الأرض. إلا أن التعاليم القرآنية التي تدعو إلى الجهاد وإقامة العدل وعدم الركون إلى الظلم وغيرها جعلت من مسألة فصل الدين عن السياسة عند المسلمين مسألة شاقة. ولكن الاستكبار بذل جهوداً جبارة في هذا المجال وقد نجح إلى حدٍ ما في تحويل المساجد التي كانت تلعب دوراً سياسياً وتعبوياً كبيراً في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى أماكن منزوية للعبادة، وكذلك تحول القرآن من كتاب الهداية الإلهي إلى مجلد للتبرك وليُتلى على الأموات. ومع بروز الدعوات المتكررة نحو العلمنة ونبذ الدين شعر علماء الإسلام بالخطر الداهم على الإسلام والمسلمين.
لقد انبرى علماء الإسلام لمحاربة هذا الواقع المرير، وقد برز منهم السيد جمال الدين الأفغاني، والشهيد السيد حسن المدرّس وأخيراً الإمام الخميني رضوان الله عليه. لقد كان الإمام قدس سره يعيش هذا الهم إلى أبعد الحدود. وقد أشار في وصيته الإلهية إلى أن هدف الاستعمار هو إدخال اليأس في قلوب الناس من الإسلام من خلال طرح الدعايات بأن الإسلام دين يُعنى بالمعنويات والعبادة وتهذيب النفوس وترك الدنيا وأن الحكومة والسياسة وإدارة أمور البلاد تناقض ذلك الهدف العظيم والمعنوي. وقد أثر ذلك في بعض علماء الدين الذين اعتبروا التدخل في شؤون الحكم والسياسة معصية وفسوقاً. كما أن البعض ادّعى أن الإسلام يرفض مظاهر التمدن، حيث كان الشاه المخلوع يقول: إن هؤلاء (العلماء) يريدون أن يكون التنقل في هذا العصر بواسطة الدواب ويؤكّد الإمام رضوان الله عليه بأن أكثر الأحكام المقررة في القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي لإدارة شؤون الحكم والسياسة وقد أسس نبي الإسلام حكومة كسائر حكومات العالم ولكنها تمتاز عنها بدافع إقامة العدالة الاجتماعية وبسطها.
* حادثة التنباك
إن السر الذي يكمن في إصرار الاستعمار على فصل الدين وخاصة الإسلام عن السياسة هو قوة هذا الدين والخطر الكبير الذي يشكله على مصالحه ومناطق نفوذ. وإن حادثة التنباك الشهيرة لهي خير دليل على ذلك.
لقد وقع ناصر الدين شاه أثناء سفره إلى أوروبا وإقامته في إنكلترا اتفاقاً لحصر تجارة التوتون والتنباك الإيراني بشركة إنكليزية يرأسها المايجور جيرالد تاليوت وقد كان هذا من المقرّبين لرئيس الوزراء الإنكليزي آنذاك اللورد ساليزبوري. وتمّ توقيع الاتفاق في العشرين من آذار 1880. أول من عارض هذا الاتفاق علماء الدين وبعض الوطنيين. حيث اعتبروه مخالفاً للقوانين الشرعية ويهدد استقلال البلد في المستقبل. وقد بذل هؤلاء العلماء جهوداً حثيثة لثني ناصر الدين الشاه عن إبرام هذا الاتفاق ومن ثم لإلغاء الامتياز الممنوح لتلك الشركة الإنكليزية ولكن دون جدوى. عندها توجه العلماء. وعلى رأسهم السيد جمال الدين الأفغاني نحو المرجع الكبير الميرزا محمد حسن الموسوي الشيرازي الذي كان يقيم في سامراء وأوضحوا له الموضوع، فأصدر فتواه الشهيرة:
بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم، استعمال التنباك والتوتون بأي نحو كان بحكم محاربة إمام الزمان.
الأحقر محمد حسن الموسوي
لقد أجبرت هذه الفتوى المباركة الحاكم المستبد على التراجع عن عناده وإلغاء الامتياز الممنوح للشركة الإنكليزية.
* التضاد بين العلم والدين
ومما يطرحه الاستكبار في هذا المجال أيضاً مسألة التضاد بين العلم والدين. وقد كان لدعايات الاستكبار الأثر الكبير إلى حد أن تقول أن فلان عالم أو من الشخصيات العلمية فهذا يعني أنه علماني ومخالف للدين. ولذلك أطلقوا على من ينكر الدين ويخالفه لقب "العلماني" أي الشخص الذي يؤمن بموازين العلم وقوانينه وينبذ الموازين الدينية. ولذا، كان أداء فريضة الصلاة في الجامعة يعد عملاً رجعياً وكذلك ارتداء الحجاب بالنسبة للفتيات. وفي الواقع، فإن الإسلام يوجد اتحاداً بين العلم والدين وكلما ازداد الإنسان علماً ازداد إيماناً وخوفاً من الله تعالى ولذلك فقد كانت الحوزات العلمية إلى ما قبل 50 سنة تقريباً. تدرس العلوم العصرية إلى جانب العلوم الدينية من قبيل الفيزياء، والرياضيات والفلك وغيرها. يقول الإمام الخميني رضوان الله عليه: "نحن نحارب التربية والثقافة الاستعمارية وليس العلوم ومظاهر التمدن". فالمواجهة مع الاستكبار مواجهة ثقافية وليست علمية وإن تخلف المجتمعات الإسلامية لا يعود إلى الإسلام بل سببه هو عدم تطبيق الإسلام أصولاً وأحكاماً في مختلف مجالات الحياة.
وفي ختام هذا البحث لا بد من التذكير بأن فصل الدين عن السياسة من جهة وفصل الدين عن العلم من جهة أخرى كان فاجعة عظمى ابتلى بها الإسلام على حد تعبير الإمام الخميني رضوان الله عليه. حيث أن أية حركة سياسية ومنها حركته، كانت تواجه من قبل علماء الدين غير العارفين بالإسلام قبل غيرهم من الأعداء. ولكن بفضل جهود الإمام والثورة المباركة في إيران قُطع دابر القوم المنافقين.