نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آخر الكلام: طَوق الحرام


نهى عبد الله


كان اصطناع المعروف عادةً لسكّان قريةٍ نائية، يتسابقون في الخير على الرغم من فقرهم وبساطة عيشهم، حتّى سكن بينهم تاجرٌ كبير، وضع أمام منزله أكواماً ضخمة من النقود الذهبيّة، فأخذ السكّان يتساءلون عنها، وكان يجيب كلّ من يسأله: "هذه الأموال لا حاجة لي بها حاليّاً، ويمكنكم الاستفادة منها بشروط". تهافت الناس عليه، إذ كانت شروطه بسيطةً جدّاً، من يأخذ مبلغاً من المال، عليه أن يعيده بزيادة طفيفة في موعد محدّد قبل سفر التاجر، ثانياً، يقدّم التاجر له طوقاً جميلاً من الذهب ليضعه في عنقه، كي يتذكّر الموعد.

وأخذ الناس يخطّطون لشراء منازل جديدة وحقول وماشية بهذه المبالغ الطائلة، وبدأت أطواق الذهب تلمع في أعناق سكان القرية، وأخذتهم نشوة الصرف بشكل حرّ...

على أبواب الشهر الثاني، لاحظ السكّان أنّ الطوق بدأ يضيق حول أعناقهم، فسألوا التاجر الذي برّر لهم أنّه مجرّد وهم، وازداد الضيق في الشهر الثالث، فبرّر التاجر أنّ ذلك بفعل حرارة الطقس، وأخذ يزداد الضيق مع الوقت حتّى سمع الأهالي أنّ شيخاً كبيراً في القرية على وشك الاختناق، فذهب التاجر إليه، وأخبره أنّ بإمكانه أن يحلّه من الطوق، إذا وهبه كلّ ما اشتراه بنقوده وما أنتجته حقوله. لكنّ الشيخ رفض ذلك، والتزم بالاتّفاق. بعد أيّام، مات مختنقاً!

علم الأهالي أنّهم سيواجهون المصير نفسه، فالطوق يأخذ في خنق أعناقهم ببطء، ولن يصمدوا حتّى موعد سداد الأموال. بات الهواء شحيحاً عليهم وطمع التاجر يحاصرهم، فاستسلم جزء منهم وقدّم له كلّ ما يملك، فيما قضى جزء آخر مختنقاً...

ثمّة آخرون لم يستسلموا ولم يختنقوا، هم سكّان القرية الذين ما زالوا يصطنعون المعروف بينهم دون مقابل، ودون أطواق ذهبيّة، ودون شروط تكبّل الآخرين وتخنقهم، ودون ربح حرام.. فالمعروف لا يقدّم بثمن..
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع