نسرين إدريس قازان
اسم الأم: رباب أحمد
محل وتاريخ الولادة: جويّا 20/1/1984
الوضع العائلي: متأهل وله ولدان
رقم السجل: 131
تاريخ الاستشهاد: 3/4/2013
كان شيئاً مستغرباً أن يرجع علي من حرب تموز على قيد الحياة، فقد تناهت إلى أهله أخبار عن استشهاده، ولكنه عاد حاملاً معه شيئين: غصة لبقائه حياً في حرب انتظرها لتكون معراجه إلى السماء، وشظية مكثت في خاصرته، سببت له الكثير من الآلام لاحقاً، فاستأصلها بعد أن كانت قد فعلت فعلتها بجسده.
*سر الشهادة
ولأول مرة في حياته تسلّل الخوف إلى تشعّبات فؤادٍ لم يعرف الخوف منذ الصغر، خوفٌ من أن تفوته فرصة الشهادة بين يدي إمام زمانه، وأن تكون نهاية حياته على فراش المرض، بسبب تلك الشظيّة التي لم تكن كغيرها من الشظايا الكثيرة التي أصابته، لأنها مسرطنة.. وقد قلّل هذا الخوف من وجع العلاج الكيميائي، الذي أفشت آثاره سرّه الدفين، فكان لا بدّ له من إخبار والدته، فجلس أمامها مُمسكاً بيديها، ويشدّ عليهما قائلاً: "أريد منك فقط أن تدعي الله لي ألّا أموت على الفراش".
غصّت الأم بدموعها وعضّت على وجعها قائلة: "من كان مثلك هزم إسرائيل، لن تهزمه شظية".
*ذكيٌّ... قويٌّ على المرض
كان علي قوياً على المرض، وشجاعاً، وكيف لا يكون كذلك مَن خَبر أن هزيمة المرء تركن باستسلامه، وأن ثمة أشياء قد تكون تافهة في الظاهر لكنها تساهم في شفاء المرء، فهو خلال حرب تموز قام بإسعاف رفيقه الذي أصيب في رأسه إصابة بالغة، وصار يعطيه ما في جعبته من مسكنٍ للألم، بانتظار نقله إلى المستشفى، لكن الأيام طالت، وجعبة علي خلت من الدواء، فصار الجريح يتوسل إليه أن يعطيه أي شيء يقلّل من حدة الألم، فقام علي بإعطائه حقنة "مهدئة" كل يوم مرة واحدة فقط، بعدما أخبره أنه لا يستطيع أن يفرّط بالكمية التي معه، وكانت تلك الحقنة تستجلبُ النوم والهدوء للجريح، وعلي ينظر إليه بشفقة بالغة، وقد اعترف له علي بعد انتهاء الحرب أن تلك الحقنة كانت حقنة ماء فحسب!
*شقاوة جراح الطفولة
ابن قرية جويّا تعوّد منذ صغره زيارة المستشفيات، ليس بسبب المرض، بل بسبب المشاغبات التي حفلت بها حياته، فهو غالباً ما يكون أحد أطرافه في الجبص، فالطبيب المعالج صار يعرفه جيداً، فكان يسعفه بما يلزم، ويسجّل الفاتورة باسم الوالد.. وعندما رزقه الله حج البيت الحرام وحان وقت التقصير، خجل من خارطة التئام جرح بليغ في رأسه لم يمحها الزمن.
*لن يسألني اسمي.. بالفرنسيّة!!
لم يكمل علي دراسته الأكاديمية، لأنه لا يستطيع تحمل المكوث خلف المقعد لأكثر من ساعة، وكانت تلك الساعة صعبة على الأساتذة الذين لا يزالون يتذكرون علياً ومزاحه، وخصوصاً معلِّمي اللغة الفرنسية، إذ كان علي يفتح كتاب القرآن أو الدعاء ويقرأ فيهما أثناء شرح الدرس، وعندما يستنكرون عليه ذلك، كان يجيبهم بهدوء: ولكن الله يوم الحساب لن يسألني ما اسمك بالفرنسية!
*في جوار السيدة زينب عليها السلام.. طفلاً
كان لعلي شخصية متميزة ببنيته القويّة وشجاعة الروح، وكان مدماكه الأساس التزامٌ فطري وحبٌّ قوي لأهل البيت عليهم السلام، فلم تغبْ عن بال علي لحظة تلك اللحظات الأنيسة التي جاوروا فيها مقام السيدة زينب عليها السلام في الشام عندما كان طفلاً إثر تهجير عائلته من قرية جويا، ولا يعني تركهم للشام، بعد فترة، ابتعادهم عنها، فجدّه يسكن هناك، ولطالما كان يذهبُ إلى زيارته، يمسك بيده ليرافقه إلى المقام..
هذا الحبُّ الكبير لله هو ما دفع علياً للالتحاق بصفوف المقاومة، وليلمع نجمه في سمائها مجاهداً قوياً شجاعاً. فقد اشتهر بدقة إصابته للهدف، وبين خنادق القتال ومعسكرات التدريب طوى علي أيامه، وكدأبه في صغره، كان علي يذهب إلى المستشفى ليخضع لعمليات جراحية إثر الإصابات التي أصيب بها في القتال. ومن هناك يتّصل ليخبر أهله بذلك، ومهما كانت الإصابة بالغة فإنه لم يمكث في المنزل. فمَن قاتل في حرب تموز وأربطة رجله ممزقة، يستطيع تحمّل الشظايا الموزعة في أنحاء جسمه!!
*عن السيّدة زينب عليها السلام.. مدافعاً
مع دخول التكفيرين إلى سوريا، كان علي أوّل من تصدّى لهم دفاعاً عن حرم السيدة زينب عليها السلام، وكم كانت سعادته كبيرة إذ فتح الله له باباً للجهاد، فكيف إذا كان هذا الباب هو مقام عقيلة بني هاشم؟!
لقد استنقذ الله علياً من ميتة على الفراش واستجاب لرجائه وطول توسلاته، إذ قبلت قيادة المقاومة طلبه في الذهاب إلى هناك بعد أن رفضت بدايةً. فسطّر في أزقّة الشام بطولات ستظلُّ محفورة في الذاكرة، فهو صيّادُ المجموعات التكفيرية، صاحبُ الرمية التي ما خابت حتى أنّ رفاقه أحياناً كانوا يتوقفون عن القتال للنظر إليه وهو يسدّد إحدى ضرباته الموفقة والمميّزة.
لم تغب رقة قلب علي في ساحة المعركة، فكثير ممن أُسروا كان يعاملهم بلطف وهدوء ويعظهم بكلماته الرقيقة، خصوصاً وأنه وجد أن أغلبهم من الشباب الفتيّ المُغرَّر بهم، فكان يهتم بهم ريثما يتمّ تسليمهم إلى السلطات المختصة.
*"يا زهراء"
كانت لحظة لا تُنسى في حياة علي عندما أعلنت منطقة السيدة زينب عليها السلام في الشام منطقة آمنة، وكم كانت جميلة الشمس وهي تشرقُ على القبة الصفراء. ومن الشام انطلق إلى داريا فهناك ترقد ابنة الإمام علي عليه السلام السيدة سكينة، حيث قاد هجوماً مركزاً لفك الحصار عنها، وأثناء المواجهة لمح علي قناصاً يصوّب ناحية رفيقه فركض ناحيته وأخذ منه القاذف ليطلقه صوب القناص الذي أرداهُ على الفور، غير أن قناصاً آخر أطلق رصاصة على علي، فاستقرت في عنقه، عندها رفع يده ناحية السماء صارخاً بأعلى صوته: "يا زهراء"، وسقط جسده على الأرض مضرجاً بدمائه. وقد حاول التكفيريون أسر الجثمان لكنهم لم يستطيعوا... وعاد الجثمان إلى جويّا، لتحتفل الطفلتان الصغيرتان بوالدهما الشهيد الذي ترك لهما إرثاً من تاريخ نضاليّ مشرّف.
وستظل الجملة التي كتبها علي تصف حالتنا جميعاً: "إما شرفاء على الأرض.. أو عظماء تحت التراب".
al amana
asdeka2 shahid alka2ed
2014-07-02 01:18:30
Sanabka 3alla 3ahed wsakokmel al masira 7osayneya w dema2aka anbatat ya 7aj 7aydar anta 3alyon fi al ared w 7aydaron fi jana takabal allah shahadataka w hani2an lak wl3a2latak
طوبى لهم
nour fatima
2014-07-08 17:38:48
طوبى له من بطل زرع بذور الشّرف والكرامة في أرض عاملة ... وطوبى لنا من شعبٍ اختارنا الله لنشهد بطولات هؤلاء العظماء والشّرفاء الّذين علمونا معنى التّضحية والعطاء ...