إبراهيم منصور
*من بلاغة الإمام عليّ عليه السلام
أتى الإمام عليّاً عليه السلام قومٌ فاستأمروه (استأذنوه - طلبوا أمرَه) في قتل عثمان، فنهاهم وقال: "إنْ تفعلوه فبَيْضاً فليُفْرِخَنَّهْ"، أراد: إن تقتلوه تهيِّجوا فتنةً يتولّد منها شرورٌ كثيرة وفتنٌ طامية(1).
*من أجمل ما قيل
من أجمل ما قيل في الصيام قول أبي عبد الله عليه السلام: "إنَّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده. إنَّ مريم عليها السلام قالت: }إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا{، أي صمتاً. فاحفظوا ألسنتكم، وغضّوا أبصاركم، ولا تحاسَدوا، ولا تنازعَوا، فإنّ الحسد يأكلُ الإيمان كما تأكلُ النارُ الحطب".
*من أمثال العرب
"كأنّه عَلَمٌ في رأسه نارُ"، أي كأنّه جبلٌ قد أُوقدت النارُ على قمَّته، فهو يُرى من بعيد. وأوَّل من قال هذا المثل شاعرة العرب الأولى، الخنساء (575م - 664م)، وذلك في بيت لها ترثي فيه أخاها صخراً. والخنساء هذه أسلمت هي وقومها، واشترك أولادها الأربعة في معركة القادسيّة عام 637م، فاستُشهدوا جميعاً. وممَّا قالته في أخيها صخر، وفيه الشطرُ الذي ذهبَ مثلاً:
وإنَّ صخراً لَتأتمُّ الهُداةُ به | كأنه عَلَمٌ في رأسه نارُ |
حمَّالُ ألويةٍ، نزَّالُ أَوْديةٍ | شهَّادُ أنديةٍ، للجيشِ جرَّارُ |
والخنساء هذه اكتشفت سبعة أخطاء في بيت من الشعر قاله حسَّان بن ثابت الأنصاري:
لنا الجَفَناتُ الغُرُّ يلمَعْنَ في الضحى | |
وأسيافُنا يَقْطُرْنَ من نجدةٍ دَما |
والأخطاء السبعة هي:
1- "الجفنات"، وهي جمْع قلَّة، فلو قال: "الجِفان"، وهي جمْع كثرة لكان أفصح. 2- "الغُرُّ"، بمعنى القليلة البياض؛ لأنَّ الغُرَّة هي خصلة شعر بيضاء في محيط فاحِم من الشعر، فلو قال: البِيض، لكان أفصح. 3- "يلمَعْنَ"، فالأفصح منها يُشرقْنَ.
4- "الضحى"، فلو قال: "الدُّجى" لكان أفصح؛ لأنّ النور في الدّجى يكون أكثر إشراقاً منه في الضحى. 5- "أسيافُنا"، وهي جمع قلَّة، بينما سيوفُنا: جمع كثرة. 6- "يَقْطُرْنَ"، أين ينزلْنَ قطرة قطرة، بينما "يسِلْنَ" أفصح منها. 7- "دَما": هي جمع قلَّة، أمَّا "دِما"، وهي مقصور من "دماء"، فهي جمع كثرة.
وبعدُ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوفدٍ من طيِّئ: "أمَّا أشعرُ الناس فالخنساء!"(2).
*من أجمل الدُّعاء
دعا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ربّه يوم الخندق رافعاً يديه مُقمِحاً رأسه نحو السماء: "اللهمَّ إنَّك أخذتَ مني عُبيدة يوم بدر، وحمزة يوم أُحُد، فاحفظ عليَّ اليومَ عليّاً.. ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ والآية من سورة الأنبياء. ثمَّ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعدما قَتَل الإمام عليٌّ عليه السلام عمرو بن وُدّ العامريّ: ضربةُ عليّ يومَ الخندقِ، أفضلُ من عبادة الثقلين(3).
*من الثنائيّات
- الأبيضان: اللَّبَن والماء، أو اللَّبَن والشحم، أو الخبز والماء. ومن هنا القَسَم المعروف: وحقِّ الأبيضَيْن.
- الأمرَّان: الفقر والهَرَم.
*عاميّ أصلُه فصيح
العَفْش: هي كلمة عاميَّة معناها: ما تجمَّع من الأثاث والأمتعة. وأصلُ الكلمة فصيحٌ، من فعل عَفَشَ الشيءَ: جمعه. وعفشتُك: ألقيتُ القبض عليك. والعُفاشَةُ: مَنْ لا خير فيه من الناس، والأَعفَشُ: الأعمش، الضعيف البصَر.
*مُفردة غنيَّة بالمعاني
"المعرَّة"؛ من معانيها: موضع العَرّ، وهو الجَرَب - والسماءُ ذات النجوم، وقد سَمَّوا السماءَ معرَّة أي جَرْباء؛ لأنّها ذاتُ نجومٍ كثيرة تشبيهاً بالجَرَب في بدن الإنسان - الشدَّةُ والإثمُ والجنايةُ - ومعرَّةُ الجيش: أن ينزلوا بقومٍ فيأكلوا من زُروعهم شيئاً بغير عِلم - والمعرَّةُ: نجمٌ في السماء - والمعرَّةُ: تَلَوُّنُ الوجه من الغضب - ومعرَّةُ النعمان: بلدة في سوريا، ويُنسَبُ إليها الشاعر أبو العلاء المعرّي - والمعرَّةُ، لغةً، من فعل عَرَّ يعُرُّ، ومن معانيه: عَرَّه: أتاه يطلبُ معروفاً، وفي حديث أبي موسى الأشعري قال له الإمامُ عليٌّ عليه السلام، وقد جاءه يعودُ ابنَه الحسنَ عليه السلام (يزورُه في مرضه): "ما عرَّنا بكَ أيُّها الشيخ؟"، أي: ما جاءَنا بك؟(4).
*من الأضداد
ناءَ: يُقال: ناءَ العاملُ بحِمْلِهِ: نهضَ به بجُهدٍ ومشقَّة، وقيل: أُثقِلَ فسقطَ، فهو من الأضداد، إذ ناءَ الجملُ ينوءُ نَوْءاً، معناه: نهضَ به مُثْقَلاً، وناء به الحِمْلُ: أثقلَه. وجاء في التنزيلِ العزيز: ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ (القصص: 76). والمعنى أنّ مفاتحه تُثقلُهم وهُم عُصبةٌ أُولو قوَّة(5)
*من جذور الكلام:
البريد: الرُّسُل على دوابّ البريد، والجمع بُرُد. وأصل التعبير فارسي: "بريده دم"، أي: محذوف الذنَب كالعلامة لها. فأعربَتْ "بريده دم" وخُفِّفت فصارت بريداً(6).
*من الأخطاء الشائعة
"قَدْ أُعْذِرَ مَنْ أنذَر"، والصحيح هو: "قد أَعْذَرَ من أَنذَر"، فأَعذَرَ إعذاراً: أبدى عُذراً، وأَعذرَه كعَذَرَه، فالإعذارُ هو المصدر، والعُذرُ هو الاسم. وفي المثَل: "أَعذَرَ من أنذر" يكون "أَعذَرَ" بمعنى: قَدَّمَ لنفسه العُذرَ، أو اعتذرَ اعتذاراً يُعْذَرُ به، وصار ذا عُذرٍ منه. وبعدُ، فالمُعْذِرُ هو الذي له عُذْر، والمُعَذِّرُ هو الذي يعتذرُ ولا عُذْرَ له، بدليل قوله تعالى: ﴿وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾ (التوبة: 90)، وهُم الذين لا عُذْرَ لهم، ولكنْ يتكلَّفون عُذراً(7).
1.لسان العرب، ابن منظور، ج3، ص42.
2.المنجد في الأدب والعلوم، لويس معلوف، ص181.
3.شرح النهج، 19/61.
4.م.ن، مادة عرر.
5.لسان العرب، ابن منظور، مادّة نوأ.
6.المصدر نفسه، مادة برد.
7.م.ن، مادّة عذر.