الشيخ علي معروف حجازي
توجد أعيان تشكّل نجاسة خبثيّة مادّيّة، يجب تطهير البدن واللباس منها لأجل الصلاة، والطواف في العمرة والحجّ، كما يجب اجتنابها في الطعام والشراب. وقد مرّ الحديث في العددين السابقين عن خمس نجاسات، وهذا المقال لإكمال باقي النجاسات، والتي هي إحدى عشرة.
6 و7- الكلب والخنزير البرّيّان: وهما نجسان بجميع أجزائهما بدون أي استثناء.
أ- شعر الخنزير نجس، ولا يجوز الاستفادة منه في الأمور التي تعتبر فيها الطهارة شرعاً. وأمّا استخدامه في الأمور غير المشروطة بالطهارة فيجوز بلا إشكال، ولكنّه ينجّس إذا حصلت الملاقاة مع رطوبة سارية.
ب- عرق البدن ولعاب الفم من الشخص المسلم والكتابيّ الذي أكل لحم الخنزير أو أيّ لحم حرام ليس بنجس، ولكن كلّ ما لاقى لحم الخنزير مع الرطوبة السارية محكوم بالنجاسة.
8- المسكر المائع بالأصل: (كالخمر المتّخَذ من العنب) نجس.
أ- الكحول نوعان: مسكر وغير مسكر. غير المسكر طاهر، ويجوز تناول الأدوية والأطعمة التي تحتوي عليه. وأما المسكر فنوعان:
- أحدهما: متّخذ من المائعات كعصير العنب، وهو حرام تناوله، ويكون نجساً على الأحوط وجوباً.
- ثانيهما: متّخَذ من غير المائع (كما إذا ذابت الموادّ الجامدة في أيّ مائع) فيُحرم تناوله، ولكنّه طاهر.
فإذا علمت أنّ الكحول من أيّ النوعين فتتبع حكمه، وإذا لم تعلم من أيّ نوع هو وهل هو مسكر مائع أم لا، جاز البناء على طهارته، ويجوز تناول الأدوية والأطعمة التي تحتوي عليه، ولا إشكال في بيع وشراء واستعمال المائعات الممزوجة به.
ب- الكحول الذي لم يكن مائعاً بالأصالة محكوم بالطهارة حتّى وإن كان مسكراً. ولكن لا يجوز تناوله، والصلاة في اللباس الذي لاقى مثل هذا الكحول صحيحة، ولا حاجة إلى تطهيره. وأمّا إذا كان من نوع الكحول المسكر المائع بالأصالة فهو نجس، ولو لاقى اللباس والبدن فلا تصحّ الصلاة فيهما قبل تطهيرهما على الأحوط وجوباً، ولكن لا مانع من الاستفادة منه في تعقيم الأدوات الطبّيّة وأمثالها.
ج- يكفي إخبار أهل الخبرة الموثوق بهم للحكم بنجاسة الكحول.
د- إذا غلى العصير العنبيّ بالنار ولم يذهب ثلثاه يحرم شربه حتّى لو لم يكن مسكراً، ولكنّه ليس نجساً.
هـ- إذا غلى الزبيب بالنار فهو طاهر ويجوز أكله. وأمّا العنب فلا يجوز أكله لو غلى بالنار. وإذا غلى مقدار من الحصرم وكان معه حبّة عنب واحدة أو أكثر، فإذا كان ماء حبّات العنب مستهلكاً في ماء الحصرم على نحو لا يصدق عليه أنّه ماء العنب، فهو حلال.
9- الفُقّاع: من النجاسات الفقّاع (البيرة)، وهو شراب مخصوص متّخَذ من ماء الشعير، إذا صار فيه نشيش(1) وغليان، سواء أكان مسكراً أم لا.
10- الكافر غير الكتابيّ: وهو من أنكَرَ التوحيد أو النبوّة، أو يعتقد بنقص رسالة رسول الله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
أ- من أنكر بعض ضروريّات الدين كالصيام وغيره، فلو كان إنكاره لشيء من ضروريّات الدين راجعاً إلى إنكار الرسالة، أو تكذيب نبيّ الإسلام محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، أو إلى تنقيص الشريعة فهو كفر وارتداد، ويكون نجساً.
ب- النواصب نجسون.
ج- أهل الكتاب محكومون بالطهارة ذاتاً.
والمقصود من أهل الكتاب كلّ من ينتمي إلى دين إلهيّ ويَعتبر نفسه من أمّة نبيّ من أنبياء الله تعالى (على نبيّنا وآله وعليهم السلام) ويكون لهم كتاب من الكتب السماويّة النازلة على الأنبياء عليهم السلام . وهم اليهود، والمسيحيّون، والزردشتيّون، والصابئة، وهم طاهرون ذاتاً.
د- من يعتقد أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إله -تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً- فحكمه أنّه كافر ونجس.
11- عرق الإبل الجلّالة: عرق الإبل الجلّالة نجس، وأمّا عرق غير الإبل الجلّالة من الحيوانات الجلّالة فطاهر.
أ- الجلل هو أن يتغذّى الحيوان بعذِرة الإنسان بحيث يصدق عرفاً أنّها غذاؤه، ولا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره ولا سائر النجاسات، ويتحقّق الصدق المذكور بانحصار غذائه بها مدّة معتدّاً بها.
ب- عرق الجنب من الحرام طاهر، ولكنّ الأحوط وجوباً ترك الصلاة فيه قبل جفافه.
•كيفيّة التنجّس بها
الجسم الطاهر إذا لاقى عين النجاسة، ففيه صورتان:
الأولى: إذا كانت الملاقاة بين جافّين أو بين رطبين رطوبة غير سارية فلا يتنجّس الملاقي للنجاسة. (جافّ على جافّ طاهر بلا خلاف).
الثانية: إذا كان أحدهما على الأقلّ رطباً رطوبة سارية فيتنجّس الملاقي للنجاسة.
إذا حصل شكّ في وجود الرطوبة أو في كون الرطوبة سارية يجوز البناء على عدم التنجّس.
•المتنجّس مع تعدّد الواسطة
المتنجّس الأوّل ينجّس مع الرطوبة السارية، والمتنجّس الثاني ينجّس مع الرطوبة السارية على الأحوط وجوباً، والمتنجّس الثالث لا ينجّس. بلا فرق في هذه المسألة بين كون المتنجّس سائلاً أو جامداً.
•كيفيّة ثبوت النجاسة
تثبت النجاسة بوسيلة من ثلاث:
1- العلم الوجدانيّ أو الاطمئنان.
2- شهادة عدلين.
3- إخبار ذي اليد، وهو من كان مستولياً على الشيء، سواء أكان يملكه أم لا، بل ولو كان غاصباً، فلو أخبر ذو اليد بنجاسة شيء كفى في الحكم بالنجاسة ولو لم يكن عادلاً.
1.النشيش هو الصوت الحاصل من المائع عند الغليان؛ إذا وضع الشعير في الماء، ثمّ نشّ الماء وغَلَى مع وجود الشعير فيه.