مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

علوم: البيئة والحياة


إنّ مجموع الأجسام الحية تحتل كوكباً معيناً هو الأرض، ولكن في أيّ جزء من الأرض تنحصر الحياة؟ إنّها لا شكّ فوق قشرة رقيقة منها، علماً بأنّ بعض الأسماك تعيش في أعماق البحار وإنّ العصافير تعمر الفضاء. وبالنسبة إلى معظم المخلوقات فإنّ كثافة "المجال الحيوي" لا يتعدى بضعة كيلومترات، ويمكن في هذا المجال تشبيه كوكبنا إلى كرة مطلية: فقشرة الطلاء الرقيقة تمثل سماكة القشرة الحيّة حيث تعيش حيوانات الأرض ونباتاتها. هذا الغلاف الدائري يدعى "المحيط الحيوي" أو "دائرة الحياة".

* البيئات الطبيعية:
إنّ المخلوقات الحية تقطن كلها "المحيط الحيوي" حتى المناطق القاحلة من الكرة ليست خالية من الحياة. فالغابات والمروج، والبحيرات والبحار والجبال، يشكل كلّ منها بيئة طبيعية مستقلة، وقليلة هي النباتات أو الحيوانات التي تنتمي إلى عدة بيئات. لذلك فإنّ معظم الحشرات والطيور والأزهار التي تعيش في الغابة لا يمكنها التكيّف بسهولة مع أوساط مختلفة. ويقول الاختصاصيون أنّ الغابات والمروج والبحيرات والبحار والصحارى والجبال يشكل كلّ منها نظاماً بيئياً خاصاً.
لا غنى عن الشمس من أجل الحياة:
الأرض كوكب موفور الحظ، فهي تقع على مسافة بين الشمس تجعلها وسطاً بين الحرارة القصوى والبرودة القصوى. ثمّ إنّ المياه تتوافر فيها على مساحات شاسعةً (سواق وأنهار وبحيرات وبحار ومحيطات، عدا عن المياه الجوفية التي تغذي الينابيع)، كما تتوافر المياه في الأجسام الحية، فجسم الإنسان مثلاً يحوي ما يشكّل 60% من وزنه ماء. أماّ الشمس فهي تنير الأرض وتهبها الدفء، والنور ضروري للنباتات التي تستمد منه الطاقة الضرورية للبقاء والتوالد.

* المحيط الحيوي: 1% من الطاقة الشمسية
يقدر العلماء أن كل متر مربع من سطح الأرض يصله ما يقارب 3000 كيلو من الوحدات الحرارية في اليوم. وهي طاقة كافية لرفع حرارة 30 ليتراً من الماء إلى 100 درجة مئوية وهي نقطة الغليان. أمّا النباتات فتستعمل من هذه الطاقة 1% فقط وذلك من أجل النمو والتخليق الضوئي الكلوروفيلي.
هذه المساهمة المتواضعة من قبل الطاقة الشمسية تكفي لحياة الأجسام النباتية والحيوانية.

* هرم الحياة:
إنّ نور الشمس الذي لا غنى عنه للنباتات وهو ضروري بالتالي للحيوانات. هو ضروري لآكلات العشب من الحيوانات ومن ثمّ لآكلات اللحوم التي تفترس آكلات العش، وهذا كله يظهر ارتباطاً غير مباشر بالشمس. فالغزال يرعى خلال حياته كمية من العشب تفوق وزنه بكثير، فيجب أن تكون في الحقول إذاً كميات من العشب تفوق "كمية" الغزلان. ثمّ إنّ الأسد، كي يكبر ويبلغ، يأكل عدداً من الغزلان يفوق وزنه بكثير. فيجب إذا أن تضم البراري عدداً من الغزلان يفوق عدد الأسود كي يستمرّ توازن الطبيعة.
هذه النسب يمكن جعلها على شكل هرم، فيه تشكل النباتات القاعدة وهي الجزء الكبير المنخفض ومساحته أكبر من سائر الأجزاء. ويرمز القسم الأوسط من الهرم إلى آكلات العشب من الحيوانات، بينما يرمز الجزء الأعلى الضيق إلى مجموعة آكلات اللحوم. هذا الرسم البياني يدعى هرم المجموعات أو مجموعات الحياة.

* حياة بحيرة وموتها:
عندما نجلس على ضفة بحيرة ما تبدو المياه المستقرة أمام أعيننا كأنها المرآة، وقد نشعر بالأسف لدى سماعها قول الجيولوجيين بأن البحيرات هي أسرع التكونات الجيولوجية إلى الزوال. وإذا ما بدت البحيرة أبدية لدى الناس فذلك عائد إلى أنّ الحياة البشرية قصيرة جداً بالنسبة إلى العصور الجيولوجية، كما أنّها لحظة سريعة بالنسبة إلى تاريخ الأرض.
إنّ عمر البحيرة يمكن أن يمتد إلى عدة مئات من ملايين السنين، ولكن لنفترض أنّه يمكننا اختصاره إلى بضعة أيام: في البدء نرى قطعة من الجليد تحفر ثلماً عميقاً، ومع ارتفاع الحرارة يذوب الجليد، والتجويف الذي أحدثه تجتاحه المياه.
وتكون ولادة البحيرة أيضاً بواسطة نهر يحفر مجراه في واد سدّه انهيار كبير، أو قد تخف الأرض ببطء فتملأ المياه شيئاً فشيئاً الحفرة التي تكوّنت.

* تطور المشهد الطبيعي:
تعرف البحيرة تطوراً بطيئاً، فبين لحظة نشوئها التي تعرفها إليها ووقت غيابها، تخضع لتغييرات تشارك فيها النباتات والحيوانات التي تعيش في جوارها. ثمّ إنّ ما نراه اليوم مرجاً ربما كان في الماضي غابة أو بحيرة أو صحراء. فكلّ شيء يتغير على مرّ آلاف السنين، وهذا التدرج في تطور الطبيعة يعرف باسم "التطور البيئي".

* مراحل التغيير:
كيف يتسلسل تطور البحيرة؟ هناك لا شكّ عدة مراحل. في البدء تكون البحيرة وشواطئها مفتقرة إلى النباتات، كما تندر فيها الحيوانات. ثمّ شيئاً فشيئاً يتكون حام النباتات والأعشاب المائية، وفي غضون ذلك يترسب في القعر الرمل والصلصال اللذان تنقلهم السيول ومجاري المياه، وبذلك تميل البحيرة إلى الامتلاء ببطء، ولكن بصورة حتمية. وفي المراحل الأخيرة من تطورها تصبح البحيرة غنية بالنباتات والحيوانات المائية، ثم تتعكّر مياهها أكثر فأكثر مع تكدس الرواسب التي تحوّلها تدريجياً إلى مستنقع.
في نهاية التطور البطيء يُطمر المستنقع نفسه، ويتكون مكانه مرجٌ قد يتحول بدوره إلى غابة.

* مغامرات مرج:
لكل بيئة حياة، أي بداية ونهاية. والمرج، مزروعاً كان أو مهجوراً، يتطوّر على مرّ السنين، فإن كان مهملاً يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى غابة. وفي المروج المصوّنة يستعمل العشب المجزوز طعاماً للمواشي، وعندما نسوق القطيع إليها نكون قد حوّلناها إلى مراع.
وتبذلك الجهود أحياناً لإغناء التربة عن طريق زرع النفل أو البرسيم، وهي نباتات غنية بمادة الأزوت، فنؤمّن بذلك للأرض سماداً طبيعياً. وقد تزرع التربة بالنباتات المفيدة للإنسان كالقمح والذرة والأرز والشعير والشمندر... الخ، وذلك بهدف تأمين حبوب يمكن استهلاكها أو بيعها.

في بعض الأحيان، وبسبب نمو المدينة المجاورة أو بسبب الحاجة إلى الصناعة، يقسم الحقل إلى قطع تخترقها طرق عدّة، وتعطيها بيوت ومستودعات ومنشآت متنوعة. وبذلك يتحول المرج إلى مدينة ذات منظر مملّ، وتتحوّل السواقي إلى قاذورات كريهة تجري فيها المجارير المحملة بالرواسب الصناعية. وهكذا تختفي الطيور والحشرات والأزهار، ومعها يختفي المرج. لقد قامت مكانه ما نسميها منطقة مدنية، أي مكاناً لإقامة الإنسان.
لا شكّ في أن البيوت والمصانع ضرورية، وهي ليست دائمة قبيحة. ولكنها تفقد جمالها أحياناً بسبب الطريقة التي تبنى فيها على الأرض، إذ لا تندمج بشكل متألف من المحيط الطبيعي. وينتج عن ذلك بيئة متميزة بالقبح، ما لا يليق بمجتمع متحضّر.
في انكلترا، كما في جميع البلدان العصرية، بذلت السلطات جهوداً كبيرة كي تؤمّن التناسق بين عناصر الطبيعة كلها (الأشجار، الحقول المزروعة، المراعي، البيوت) محترمة بذلك البيئة والإنسان، وبهذه الطريقة يمكن الحصول على منظر طبيعي جميل يريح النظر، وفي بيئة كهذه تكون الحياة هانئة عذبة.

ويمكننا المقارنة بين هذه الطريقة وبين توسع المدن عشوائياً دون مراعاة ظروف البيئة الطبيعية والمحافظة عليها، لأنّنا في محافظتنا على البيئة نحافظ على أنفسنا في حياة أفضل.












 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع