مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المخيمات الصيفية برامج هادفة لتربية سليمة


حسين يوسف


الحديث عن المخيمات يقترن في الشائع، بالحديث عن العمل الكشفي، الذي غالباً ما يكون التخييم في صلب أنشطته الصيفية. لكن هذا النشاط بات اليوم يلقى رواجاً كبيراً لدى الشباب، وباتت المخيمات تعتبر من الوسائل الجاذبة والفعالة في التعاطي معهم كما مع الفتيان. وواقع الحال، أنه كلما غالت المدينة في اصطناع حضارتها الإسمنتية واشتدت وطأتها على الإنسان كلما ازداد هذا النوع من الأنشطة الهاربة إلى أحضان الطبيعة بريقاً وجذباً في أعين الفتية والشباب.


وتهدف المخيمات، بما هي نشاط جماعي جاذب، إلى الاستثمار الايجابي لأوقات الفراغ لدى كل من الفتية والشباب على اختلاف في الدور بينهما، فإن كان عدم ملء أوقات الفراغ لدى الفتيان يؤدي إلى إضاعة فرصة التنمية السليمة لقدراتهم وطاقاتهم البدنية والنفسية والذهنية، وإلى عدم تحفيز ميولهم للعمل الجماعي.. فإن ذلك بالنسبة إلى الشباب يدفعهم إلى عدم الانخراط الايجابي والفعال في مجتمعهم وبالتالي عدم قيامهم بتحمل المسؤولية تجاه قضايا وطنهم وأمتهم، بل قد يؤدي في بعض الحالات إلى الانحراف والرذيلة وإلى الوقوع في براثن العادات السيئة والمدمرة... هذا ما دفع العديد من الدول إلى تشجيع هذا العمل فقامت المؤسسات الحكومية وبعض الهيئات الأهلية المعنية بالشباب بإنشاء المدن الشبابية وإلى استصدار القوانين والأنظمة الراعية للمخيمات. كما أدخلتها الجماعات الدينية والأحزاب السياسية في برامجها الاستقطابية وفي آليات التسويق لرؤاها الفكرية والاجتماعية والسياسية.

وقد أدى تراكم التجارب في حقل المخيمات الشبابية إلى نشوء مجموعة من الأدبيات التصنيفات لها، من مخيمات ترفيهية أو ما يسمى بمخيمات الفرص الصيفية وصولاً إلى مخيمات العمل التطوعي أو ما يطلق عليه البعض المعسكرات الإنتاجية مروراً بالمخيمات الإعدادية والتدريبية والحوارية وغيرها مما تتحكم به خلفية الجهة المنظمة للمخيم وأهدافها الخاصة وطبيعة الشريحة المستهدفة به بحيث أنه كلما زاد النضج المتوقع في هذه الشريحة كلما زادت الجرعة الثقافية والسياسية في برامج المخيمات.

أما على صعيد التجربة الإسلامية في لبنان فإضافة إلى المخيمات الكشفية المزدهرة التي تقوم بها جمعية كشافة المهدي عجل الله فرجه، وبعد بدايات متواضعة في هذا الحقل على المستوى الشبابي كانت تستهدف بشكل خاص الشرائح الطلابية، بدأت المخيمات تأخذ موقعها ضمن الفعاليات والبرامج الهادفة إلى التربية السليمة للنشء، والتي تهدف إلى تأمين فرصة مفتوحة أمام الناشئة من أبناء المدن والبلدات والقرى لقضاء فترة ترفيهية في أحضان الطبيعة مع معشر طيب وفي أجواء تربوية وأخلاقية سامية، مما يترك أثراً طيباً في نفوسهم ومحطة جميلة يستعيدون ذكراها في حياتهم، ويدفعهم إلى بناء صداقات جميلة تبعدهم عن معشر السوء أو عن الانزواء والتقوقع الهدام وتعرِّفهم إلى حلاوة الإسلام وآدابه، وتحبب إليهم مجموعة السلوكات الإسلامية البناءة للفرد والمجتمع، ومن خلال المخيمات الإعدادية التي تقيمها التعبئة التربوية لطلاب الثانويات والمهنيات والجامعات كما للمعلمين والتي تشكل أيضاً فرصة للحوار الثقافي وللكشف عن المواهب ولتبادل التجارب والخبرات وللنقاش في الشؤون الطالبية والتربوية وفي القضايا الأساسية في أجواء نادراً ما تؤمنها ظروف أخرى. مع التنويه إلى كون برامج بعض المخيمات تتضمن القيام بأعمال تطوعية تقرب الطالب من بيئته ومن مجتمعه...

إضافة إلى المخيمات التي تنظمها، تقوم التعبئة التربوية بالمشاركة في العديد من المخيمات المحلية والعربية وهي تهدف بذلك إلى المساهمة في استنهاض شباب الأمة للإطلاع بدورهم في الصراع مع العدو الصهيوني وإلى نقل تجربة المقاومة المكللة بالانتصار ونشر ثقافة الإسلام المحمدي الأصيل الذي أنتج هذا الانتصار. هذه المشاركات أتت على صورة مخيمات ثنائية كتلك التي أقامتها التعبئة التربوية مع اتحاد شبيبة الثورة السوري أو على صورة مخيمات محلية وعربية مفتوحة في لبنان وفي دول المغرب العربي ومصر وسوريا والسودان... ونذكر من الجهات المنظمة لهذه المخيمات على المستوى العربي اتحاد الشباب العربي والمنتدى القومي العربي والمؤتمر العام للأحزاب العربية ومحلياً يقوم اتحاد شباب لبنان بتنظيم مخيم مشترك للمنظمات الشبابية اللبنانية ولإتحاد شبيبة الثورة السوري. وتتناول هذه المخيمات في شقها الثقافي والفكري بشكل أساسي كل ما يتعلق بدور الشباب العربي في دعم المقاومة والانتفاضة المباركة إضافة إلى سبل بناء التواصل الفعال بين الشباب العربي وقضايا مشاركة الشباب السياسية والتعلم والهجرة والعمل...

في النهاية، إن الحديث الايجابي عن المخيمات يجب أن لا يمنعنا من الإلفات إلى سلبيات بعضها، خاصة تلك التي تكون الجهات المنظمة لها ممن لا يؤتمن على التربية والأخلاق والتدين أو ممن استرخص التهتك والانحراف سبيلاً لجلب الناشئة إلى جماعاتها المزيفة، واستسهل الميوعة والتفلت طريقاً لبث الأفكار الهدامة ولتسويق المشاريع المشبوهة فحولوا بذلك المشاركين إلى معشر سوء والمخيمات إلى أوكار رذيلة...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع