سياسة جمهورية كرواتيا تجاه البوسنة والهرسك يجب أن ينظر إليها عبر قرارات السلطات الكرواتية الحالية التي تأسست على مفاهيم سياسية قديمة تعود إلى القرن التاسع عشر. وهي ممثلة بموقف أن الأراضي البوسنية كاملة هي في الحقيقة أراض كرواتية وبالتالي المسلمون البوسنيون يمثلون جزءاً من الأمة الكرواتية.
كل تحرك يظهر بأنه معاكس لهذا التوجه هو في الحقيقة مناورة تكتيكية تؤخذ بسبب الظروف الدولية وموازين القوى الحالية. وبذلك المعنى فإن العقبة الوحيدة هي استقلال المسلمين سياسياً وبناؤهم على شكل دولة وعلى هذا.
فمن الممكن التوصل إلى اتفاق حول تقاسم الأراضي البوسنية مع الصرب تاركين المسلمين خارج هذا الاتفاق. هذه الخطوة هي الأولى نحو ضم الأراضي البوسنية كاملة. هذا الموقف الرسمي لسياسة جمهورية كرواتيا ينعكس على علاقتين:
1- العلاقة تجاه اللاجئين البوسنيين في كرواتيا.
2- العلاقة تجاه السياسة الرسمية للسلطات البوسنية والوضع العسكري في البوسنة.
* أولاً:
20% من العدد الكامل للاجئين البوسنيين في كرواتيا هم من الكروات والباقون هم من المسلمين، كما أن جزءاً من هذه ال 20% قد تركت البوسنة قبل الحرب.
اللاجئون البوسنيون الكروات أعطوا كل الشروط للحياة الطبيعية (تعليم، تكييف ثابت، غذاء، وتدفئة). بينما لم يوفر للمسلمين حتى المسائل الضرورية الأساسية لحياة عادية. وأعطي الخنزير للمسلمين في مخيمات اللاجئين كما أن الكنسيين الكاثوليك ينشطون وبقوة، وأطفال المسلمين يمنع عليهم التوجه حتى إلى المدارس الابتدائية.
الوضع في كثير من مخيمات اللاجئين هو أدنى بكثير من الحد الأدنى حسب المقاييس العالمية وقد صادقت كرواتيا على كل الاتفاقات الدولية بما فيها الاتفاق الذي يحدد واجبات الدول المجاورة للدولة التي تقع فيها حروب من ناحية استقبال اللاجئين ولكن التمييز في العلاقة تجاه اللاجئيين البوسنيين تؤكد كيف أن الاتفاقات الدولية والموقعة قد خولفت. بينما القواعد كانت تُحترم بشكل ظاهري فقط. المعاملة السيئة للاجئين البوسنيين المسلمين ازدادت في الأشهر الأخيرة بسبب المعارك الإسلامية الكرواتية في البوسنة الوسطى والوسائل الإعلامية الرسمية في كرواتيا قادت نوعاً من الحملة ضد المسلمين بشكل عام مما ينعكس على المواطنين الكرواتيين تجاه اللاجئين المسلمين كل تحرك سياسي أو عسكري للسلطات البوسنية والجيش البوسني لا يلائم السياسة الرسمية الكرواتية ينعكس على الموقف تجاه اللاجئين. ومن المنطقي بأن اللاجئين البوسنيين أصبحوا جزءاً من لعبة السياسة الرسمية الكرواتية.
* ثانياً:
حسبما ذكر في السابق، التوجه الاستراتيجي في سياسة الجمهورية الكرواتية بضم أراضي البوسنة كاملة حالياً تطبق عبر اتفاق التقاسم العرقي للبوسنة والهرسك بين الصرب والكروات.
التقسيم الذي اتفق عليه في السابق قبل الحرب في المحادثات بين تودجمان وملوشفيتش في "كارادجورجفو" لم يكن من الممكن إكماله بسبب الظروف الدولية لأن الأسرة الدولية اعترفت بالبوسنة والهرسك وجعلت أي تغيير للحدود بالقوة مستحيلة.
كرواتيا: بعد فوز صعب بالاعتراف بها، لم تكن في وضع يسمح لها بالانضمام إلى الأسرة الدولية ولكن تم اتخاذ إجراء تكتيكي فقد أقيمت في المناطق التي يعيش فيها كروات في البوسنة تركيبة عسكرية تعرف باسم (مجلس الدفاع الكرواتي) الذي أنيط به القوة العسكرية لشبه الدولة التي سميت منطقة هرسك- بوسنة الكرواتية. وقد اكتسبت هذه ببطء صفات الدولة وقام مجلس الدفاع الكرواتي بتنظيم سلطة موازية غير مبال بالسلطات الشرعية المنتخبة في انتخابات 1990 الحرة بتنظيم هذه السلطة الموازية. بقية مؤسسات الدولة الأخرى أنشئت كذلك، مثل الشرطة، الجيش، والمؤسسات.
بإنشاء مجلس الدفاع الكرواتي كجيش لا دولة لمنع أي تغييرات شديدة حيى استعمال القوة من قبل الدولة البوسنية. في البداية السلطات الشرعية كانت تتهم أنها دون كفاءة وغير قادرة، ومن ثم أسست قوة مجلس الدفاع الكرواتي خطوة خطوة، وتكونت السلطة بكل معنى الكلمة.
القوة الجديدة مؤلفة من ممثلي مجلس الدفاع الكرواتي فقط الذين هم في معظمهم من الكروات كما أنهم استلموا كل البنية الاقتصادية. كما أن العملة الرسمية هي عملة جمهورية كرواتيا. المسلمون والمواطنون الآخرون طلب منهم الحصول على تصاريح خروج من مناطق مجلس الدفاع الكرواتي تدفع بالعملة الصعبة، وتعترف جمهورية كرواتيا بهذه التصاريح فقط.
كل نوع من أنواع المقاومة قد كسر بتدخل مجلس الدفاع الكرواتي من كيسلياك، تريشيفو، فوينيتسا، فيتز، كوسوفاتشا، حيث جرت عدة صدامات مسلحة.
كيان الهرسك. بوسنة الكرواتي ومجلس الدفاع الكرواتي يتمتع بدعم كامل من جمهورية كرواتيا وهناك دعم سياسي، ودعم وسائل الإعلام من أجل تطبيق مفهوم الدولة الوطنية في البوسنة. خلال الحرب ازدادت أطماع الهرسك بوسنة بأراضي البوسنة وبدل 14 منطقة ذات أكثرية كرواتية زيدَ 20 منطقة ذات أكثرية مسلمة وقد ضمت إليها بواسطة مجلس الدفاع الكرواتي.
عندما احتجت السلطة البوسنية الشرعية وحدث مشكل مع مجلس الدفاع الكرواتي أغلقت جمهورية كرواتيا كل طرق نقل المساعدات إلى البوسنة. كما ابتزت البوسنة من أجل قوبل وضع "لا غالب ولا مغلوب".
المسلمون يعاملون معاملة سيئة، وهناك عدد من حالات توقيف لمواطنين أجانب مع مصادرة مساعدات مادية للبوسنة. ممثلو منظمة الإغاثة الإنسانية اعتقلوا في كيسلياك، كما جرى توقيف إيرانيين ومواطنين عرب في كوسوفاتشا، فيتز، موستار.
رغم ذلك، من الضروري ذكر أن مجلس الدفاع الكرواتي لعب دوراً هاماً في التحرير والتقوية العسكرية في بعض مناطق البوسنة والهرسك. ولكن هذا يشمل فقط كيان الكروات في الهرسك. بوسنة.
وحسب اتفاق تودجمان- ميلوشفيتش فإن النهر المسمى نيرتفا يمثل الحدود بين الدولة الصربية والكرواتية في البوسنة، ولذلك لم تكمل وحدات مجلس الدفاع الكرواتي تحريرها للضفة الشمالية من نهر نيرتفا ومن ثم لمناطق شرق الهرسك.
من أجل توضيح السياسة الكرواتية في البوسنة نعطي مثالاً مدينة كيسلياك التي هي المدينة والمركز المسيطر عليه من قبل مجلس الدفاع الكرواتي ويبعد حوالي 30 كلم عن سراييفو، فمن خلال مجلس الدفاع الكرواتي في كيسلياك، عدة آلاف من الصرب دخلوا إلى مناطق سراييفو، المأهولة بالصرب وانضموا فوراً إلى للوحدات التي تحاصر سراييفو، كما أن مجلس الدفاع الكرواتي توصل إى اتفاق مع الصرب في ايليدجا بعدم الاعتداء. كما أنه لم يسمح لجنود الجيش الوبسني بالعبور عبر مناطقهم وبذلك منعوهم من كسر الحصار المفروض حول سراييفو.
كما أن تصرفات مجلس الدفاع الكرواتي في بوسانسكا بوسافيناهو تعتبر مثالاً مميزاً (تقع هذه البلدة في شمال البوسنة) بعد تحرير كامل المنطقة اتخذت عدة خطوات غير قابلة للتفسير، أكثر من 3000 مقاتل مسلم قد اقتيدوا خارج هذه المنطقة وحجز سلاحهم في مدينة (سلافونسكي برود) الكرواتية، والخطوة التالية كانت بانسحاب قوات مجلس الدفاع الكرواتي من مدينة مودريشا، ودرفينتا حتى بدون التعرض لأي هجومٍ من قبل الصربيين. وبعد ذلك تمّ انسحاب قوات مجلس الدفاع الكرواتي من أودجاك وبوسانسكي برود.
هذه الخطوات ليس لها أي تبرير عسكري، لذا اتهمت السلطات الكرواتية من قبل شعبها بالخيانة العظمى وبتجارة الأراضي، وحتى القرى الكرواتية أخليت وتم نقل سكانها إلى أجزاء أخرى من البوسنة وكرواتيا.
سياسة التطهير العرقي قد مورست بطريقة هادئة أخرى بدون مجازر جماعية، وفي نفس الوقت وسائل الإعلام في جمهورية كرواتيا التي تخضع بمعظمها للسلطات الرسمية كانت تبرر هذه الخطوات تمجد مساهمة مجلس الدفاع الكرواتي في الدفاع عن البوسنة وتهمل كل ما توصل إليه الجيش البوسني. الموقف الرسمي للسلطات الكرواتية تجاه مجلس الدفاع الكرواتي وتصرفاته هي دائماً مواقف متبنية. في الحقيقة الهرسك ومجلس الدفاع الكرواتي هي محددة ومسيطر عليها من زغرب مما يتمثل بحضور دائم لممثلي السلطات الرسمية الكرواتية في كل فروع حزب الوحدة الديمقراطي الكرواتي في البوسنة.. وهو حزب الكروات في البوسنة حيث تناقش كل الإجراءات السياسية والعسكرية.
وقبل عدة أشهر فقط كان هناك إمكانيات لإيجاد شريك في المفاوضات لحل عادل للأزمة البوسنية عبر الأحزاب المعارضة في كرواتيا. ولكن جرى في السابق الضغط من أجل الاستمرارية في عدم فعالية وتمرير هكذا سياسة عند كل من الصرب والكروات مما يفهم منه كدعم لتفتيت البوسنة. وإيجاد كيان للصرب والكروات في البوسنة المجسد في خطة فانس. أوين تحت رعاية السياسة الأميركية الجديدة، الذي قُبل بشكل كامل من قبل جميع الأحزاب الكرواتية حتى من قبل الأحزاب التي كانت تعارض تقسيم البوسنة، كما أن وفد البوسنيين الكروات ووفد جمهورية كرواتيا قبلوا بشكل كامل خطة فانس أوين، كما أن وزير دفاع البوسنة والهرسك الذي هو عضو في مجلس الدفاع الكرواتي (بوجو رابيتش) أمر مباشرة بوضع وحدات الجيش البوسني تحت قيادة مجلس الدفاع الكرواتي في المناطق الكرواتية حسب خطة فانس أوين وبالعكس.
خطوة التنفيذ المسبق لمخطط فانس أوين اتخذت عندما كانت موقعة على الأوراق فقط من قبل الكرواتيين، وهذه الأوامر أحدثت ردات فعل خاصة عن المسلمين (من طرف جيش البوسنة)، وفي النهاية انتهى بهجوم مجلس الدفاع الكرواتي على قرية كاتشوني المسلمة وهي مركز إسلامي مشهور بالقرب من busovaca، وازدادت المعارك ولا يزال من المستحيل التنبؤ إن كانت ستتوقف قريباً. كما أن مجلس الدفاع الكرواتي عاش تراجعاً كبيراً في البوسنة الوسطى وتأسس هناك ميزان قوى جديد.