مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

سماحة العلّامة الشيخ علي كوراني‏ ما يجري في فلسطين ولبنان والعراق‏ من علامات ظهور الإمام الموعود

حوار: محمد ناصر الدين‏



يكتنف الحديث عن الإمام المهدي عجل الله فرجه والغيبة وعصر الظهور الكثير من الأسرار والخفايا التي تثير التساؤلات والاستفسارات عند الكثيرين ممّن لا يستطيعون الغوص في بحار التحليل والتفسير، والقلة هم الذين كرّسوا حياتهم للبحث والتدقيق والتمحيص في الأدلة والمصادر والروايات التي تحدثت عن موضوع الإمام المهدي عجل الله فرجه وما يرتبط به أسرار الغيبة وعصر الظهور وعلامات آخر الزمان، والعلاّمة الشيخ علي كوراني المقيم في إيران، والذي كان له عدة مؤلفات منها "الممهدون للمهدي" و"عصر الظهور"، أحد أولئك القلة، حملنا إليه مجموعة من الأسئلة حول الموضوع وكان هذا الحوار.

* كيف يمكن تفسير غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه مع ما يوجد من فساد وظلم وابتعاد عن الدين؟
من الأساس أسكن الله تعالى ادم وذريته في الأرض للامتحان، فعنصر امتحان البشر نظرياً وعملياً أمر ضروري، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ(محمد/4). وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون(المائدة/48). وقال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(الملك/2). والظلم والإفساد في الأرض وسفك الدماء موجود من الجيل الأول كما قالت الملائكة: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(البقرة/30). لكن الله تعالى أخبرهم بأنه يعلم ما لا يعلمون، وأنه سينهي سفك الدماء على الأرض بمرحلة جديدة يبدأ فيها الحكم على يد المهدي عجل الله فرجه. فالإمام المهدي خطة إلهية لإنهاء كل المراحل السابقة من تسلط الظالمين، فهو ليس مشروعاً صغيراً لعصره أو عصرنا أو العصر الذي يظهر فيه. فولادته وغيبته وطول عمره وظهوره يجب أن تفهم من هذا الجو، وأنها خطة إلهية متكاملة نعرف منها القليل، وما خفي عنا منها أكثر.

* لماذا انقسمت حياة الإمام المهدي عجل الله فرجه إلى مرحلتين (مرحلة الغيبة الصغرى ومرحلة الغيبة الكبرى)؟ولماذا انقطعت السفارة بوفاة السفير الرابع؟
يبدو أن الغيبة الصغرى هي العمر الطبيعي للإمام المهدي عجل الله فرجه، والغيبة الكبرى هي تمديد عمره حتى يأتي الوقت المناسب المقرر في الخطة الإلهية، كما تقدم في جواب السؤال الأول. وانقطاع السفراء أمر إلهي لزيادة امتحان البشر.

* تُذكر العديد من القصص حول أشخاص رأوا الإمام عجل الله فرجه الشريف في غيبته الكبرى، كيف نميّز بين الصادق في رؤيته وبين المدّعي كذباً؟
يشترط لتصديق قول من ادعى رؤيته صلوات الله عليه أربعة شروط:


الأول: أن يكون سليم الحواس، فبعضهم يصاب بعوارض نفسية ويتصور أن خيالاته واقع. وقد يكون سالماً بدنياً لكنه مصاب نفسياً. وقد رأيت بعض هؤلاء.

الثاني: أن يكون متديناً صادقاً.

الثالث: أن لا يدعي أنه صاحب مقام من الإمام أرواحنا فداه، ولا أنه سفير عنه أو مبعوث منه، ولا مكلف بتبليغ أي شي‏ء عنه صلوات الله عليه، لأنه إن ادعى ذلك فمعناه أنه يدعي السفارة الخاصة عن الإمام عجل الله فرجه، ونحن مأمورون بتكذيب من ادعى ذلك قبل خروج السفياني والنداء السماوي.

الرابع: أن يكون الذي رآه بمواصفات الإمام عجل الله فرجه الثابتة في الأحاديث، في شكله وسمته ومنطقه.

* ما المقصود في رواية الإمام الباقر عليه السلام (تمام الحج لقاء الإمام)؟
هذه الرواية ومثلها غيرها صحيحة، فإن من أصول الحج عندنا لقاء المعصوم النبي أو الإمام عليه السلام وعرض الطاعة والنصرة عليه، لكن هذا في صورة حضور المعصوم عجل الله فرجه بيننا، أما في صورة الغيبة، فهذا التكليف ساقط، نعم قد ينعم الله تعالى على بعض أوليائه بلقاء الإمام أرواحنا فداه في الحج، لأنه يحج كل عام.

* ما هو الاعتبار الشرعي للروايات حول علامات الظهور وكيف نميّز بين العلامات الحتمية وغير الحتمية؟
يتم التمييز بين الروايات بمنهج التصحيح والتضعيف المتبع عند علمائنا، وهو صحة السند والوثوق بالصدور لقرائن عديدة. والحتمي منها ما تضمن الوعد، فهذا لا يشمله البداء، لأن الله تعالى لا يخلف وعده. فكل ما أخبر به الله رسوله وأخبرنا به الأئمة عليهم السلام وفهم منه أنه وعد إلهي فلا بد أن يقع.

* تذكر في أحداث عصر الظهور أسماء مناطق وأقوام غير معروفة بتلك الأسماء في عصرنا هذا، كيف يمكن تطبيقها على واقع عصرنا؟
ينبغي التثبت وعدم الاستعجال في تطبيق ذلك، فإنه من اختصاص أهل الخبرة بالروايات والتاريخ والمناطق، وبعضها لا يمكن الجزم فيها بشي‏ء.

* تتضمن بعض الكتب أسماء أنصار الإمام المهدي وقادة الثورات في عصر الظهور، ما مدى دقة ذلك؟
لم يثبت عند أحد من العلماء سند هذه الروايات التي تسمي أصحابه صلوات الله عليه، وعلى فرض ثبوتها فهي لا تضر، لأنها تسمي الأصحاب الخاصين الثلاث مئة وثلاثة عشر. وأصحابه أكثر من ذلك، فهو يخرج من مكة ومعه عشرة آلاف أو خمسة عشر ألفاً، كما ذكرت الروايات. ثم يلتحق به أصحابه وأتباعه في الحجاز والعراق والشام، قبل أن يدخل القدس.

* يرتبط ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه بوجود 313 شخصاً، هل هم قادة أم جنود أم أنصار؟
هؤلاء هم أصحابه الخاصون، الذين ورد في مصادر السنة والشيعة أنهم أفضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأنه لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وهم حواريوه ويكونون حكام العالم، ومعه أصحاب غيرهم منهم خاصون ومنهم عامون، وقد روي أنه يخرج من مكة باتجاه المدينة والعراق ومعه عشرة آلاف أو خمسة عشر ألفاً من أصحابه.

* من هم الأبدال؟ وهل يكون بعض الأنصار من الأموات الذين يعودون إلى الحياة حين ظهور المهدي؟
الأبدال هم أصحاب الإمام المهدي أرواحنا فداه في غيبته الكبرى، وهم مع الخضر يعملون في تنفيذ المهام الربانية الموكولة إليهم، وسموا الأبدال لأنهم كلما توفي منهم واحد استبدله الله برجل آخر بدله فسموا الأبدال. وأما أصحابه الثلاث مئة وثلاثة عشر فهم غير الأبدال، وقد ورد أن الله يجمعهم من أقاصي الأرض، وأنهم لا يعرفون بعضهم قبل أن يجمعهم الله في تلك الليلة في مكة، فيتعارفون عندما يلتقون، فكأنهم أبناء أب وأم. وقد ورد أن الله تعالى يحيي بعض المؤمنين ويبعثهم من قبورهم لنصرة الإمام المهدي عجل الله فرجه، وأن من أصحابه أهل الكهف، الذين يبعثون من قبورهم. ونقرأ في دعاء العهد: (اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً، فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي مجرداً قناتي ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي).

* هل يعني القول في دعاء العهد: "شاهراً سيفي مجرداً قناتي" تحديد نوع السلاح الذي سيستعمل في عصر الظهور؟
هذا الوصف في الدعاء رمزي وليس حرفياً، لأن كل نبي يخاطب الناس بلغة عصره ويستعمل وسائل عصره، والإمام عجل الله فرجه يستعمل الوسائل الموجودة في عصره ويطور العلوم، كما يستعمل المعجزات التي يخصه بها الله تعالى. والذين يبعثون لنصرته يكون دورهم مع جنده وأنصاره.

* يرتبط ظهور الإمام برايات هدى ويروى أن راية اليماني هي أهدى راية، لماذا؟ وهل المقصود منها راية تخرج من دولة اليمن أم أن راية اليماني هي عنوان يقصد منه غير اليمن الحالية؟
كتبتُ في كتاب (عصر الظهور): (وردت في ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عجل الله فرجه أحاديث متعددة عن أهل البيت عليهم السلام، منها بضعة أحاديث صحيحة السند، وهي تؤكد حتمية حدوث هذه الثورة وتصفها بأنها راية هدى تمهد لظهور المهدي عجل الله فرجه وتنصره. بل تصفها عدة روايات بأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق، وتؤكد على وجوب نصرتها مثل راية المشرق الإيرانية وأكثر، وتحدد الأحاديث وقتها بأنه مقارن لخروج السفياني في رجب، أي قبل ظهور المهدي"عج" ببضعة شهور، ويذكر بعضها أن عاصمتها صنعاء). كما كتبت عن سبب وصفها بأنها أهدى الرايات: (ولكن المرجح أن يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى أنها تحظى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي عجل الله فرجه، وتكون جزءاً مباشراً من خطة حركته، وأن اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه. ويؤيد ذلك أن أحاديث ثورة اليمانيين تركز على مدح شخص اليماني قائد الثورة وأنه: (يهدي إلى الحق، ويدعو إلى صاحبكم، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو إلى النار). أما القسم الثاني من السؤال، فإن أحاديث اليماني تدل بوضوح على أنه من اليمن، فهو منها ويحكمها وينصر الإمام المهدي عجل الله فرجه. ولا يصح تفسيرها بيماني خارج اليمن. والله العالم.

* هل يمكن ربط الظهور بأحداث حالية في عصرنا الحاضر، مثلما يحدث في العراق ولبنان وفلسطين و...؟
لا شك أن ما يجري في عصرنا في فلسطين ولبنان والعراق وإيران وغيرها، من علامات ظهور الإمام الموعودة، نعم لا يمكننا أن نحدد الفاصل الزمني بينها وبين الظهور، فقد يكون طويلاً، ونأمل أن يكون قريباً بإذن الله. وفي كل واحد منها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام، لا يمكن ردها.

* بعض الكتب تربط بين مثلث برمودا ووجود الإمام المهدي هناك ما مدى صحة هذه الفرضية؟
ليس عندنا رواية عن مثلث برمودا، لكن بعضهم يحتمل أن يكون مركزاً عسكرياً للإمام المهدي عجل الله فرجه لأنه مقابل فلوريدا التي هي ترسانة أسلحة أمريكا. وهذا مجرد احتمال، والله العالم.

* بعد ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه يصلي المسيح عليه السلام خلفه، ما هي دلالات هذا الأمر؟
الذي أفهمه من روايات الظهور ونزول عيسى عليه السلام أنه ينزل لإقناع الغربيين، وقد ينزل في بلادهم، وأول ما يقوم به السعي في عقد اتفاقية صلح بينهم وبين الإمام المهدي عجل الله فرجه، ثم يقوم بعمله في هدايتهم، وبعد سبع سنين تخاف الدول الغربية من المد الذي يحدثه عيسى والمهديعجل الله فرجه فتنقض الصلح، فيتخذ نبي الله عيسى عليه السلام موقفه والمؤمنون معه إلى صف الإمام المهدي عجل الله فرجه ويأتي إلى عاصمته أو القدس ويصلي خلفه، إعلاناً لموقفه إلى جانبه.

* هل تكون مع تحقق دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف نهاية العالم ومن يحكم بعد الإمام؟
دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه بداية مرحلة جديدة ينتهي فيها الظلم الذي عم الأرض في المراحل السابقة، ولا يعود بعدها ظلم إلى الأرض أبداً إلى يوم القيامة. وقد تستمر دولة أهل البيت عليهم السلام ألوف السنين، وهي مراحل منها 309 سنوات حكم المهدي، ثم رجوع الإمام الحسين عليه السلام ويحكم طويلا، ثم يحكم 12 مهدياً من أبناء المهدي.. ثم رجوع النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام.. ثم ما شاء الله تعالى..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع