مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الاكتئاب... أسبابه وعلاجه‏

 

زينب عواضة

 



الاكتئاب هو استجابة نفسية انفعالية تتمثل بسيطرة مشاعر الحزن والإحباط على الإنسان ويختلف الاكتئاب عن الحزن العادي ذلك أن الحزن يبدأ كبيراً وبوتيرة شديدة ولكنه يتضاءل يوماً بعد يوم بفضل النسيان الذي هو أحد أهم النعم التي أنعمها علينا اللَّه أما الاكتئاب فيكون بسيطاً ثم يزداد يوماً بعد يوم.

* أسباب الاكتئاب:
هناك نوعان من الأسباب المؤدية لحصول الاكتئاب:

1- الأسباب النفسية: إن الفرد هو جزء من المجتمع الذي يعيش فيه مما يستدعي بالطبع نوعاً من التفاعل الاجتماعي بينه وبين محيطه من أسرة وأقارب ورفاق وأصدقاء وبالتالي إن أي إخفاق من قبل الفرد في إقامة علاقات اجتماعية سليمة وفي التكيف والانسجام مع المجتمع قد يكون سبباً لظهور الاكتئاب النفسي وأيضاً قد يكون القلق النفسي سبباً لحصول الاكتئاب وهذا ما يعرف بالقلق الاكتئابي وأيضاً قد تكون بنية الشخصية أحد أسباب الاكتئاب حيث تميل هذه الشخصية بطبيعتها إلى الحزن فتقع في الإكتئاب لدى أول عقبة تواجهها وهناك أسباب أخرى كموت أحد أفراد الأسرة وأيضاً تغير الوضع الاجتماعي للفرد من حالة الغنى إلى الفقر.

2- الأسباب العضوية: بما أن الإنسان هو وحدة تعمل بانسجام بين عقله وجسده ونفسه فإن أي خلل يصيب الجانب العضوي قد يكون عاملاً مشجعاً على ظهور الاكتئاب والأسباب العضوية كثيرة فقد يكون السبب الإعاقة الجسدية أو بعض الأمراض المزمنة كالسرطان مثلاً خصوصاً في حالات علم المريض بمرضه وباحتمال موته. وأيضاً هناك أسباب أخرى كوصول المرأة إلى سن اليأس وكذلك حصول الاكتئاب بعد الولادة وكل هذه الحالات أو معظمها يكون فيها الاكتئاب آنياً ورهين الحالة التي يعيشها الفرد ومن خلال هذه المسببات نجد أن الاكتئاب يمكن أن يصيب فئات المجتمع كافة ذكوراً وإناثاً وحتى الأطفال وخصوصاً في فترة الانفصال عن الأم أو سن الدخول إلى المدرسة أو سن الفطام عن ثدي الأم.

* أعراض الاكتئاب:
أولاً: فقدان الشهية فالمكتئب تقل قابليته للطعام ولكن من الملفت أن المكتئب عندما ينسى اكتئابه يعوض عن كل الفترات التي امتنع فيها عن الطعام.

ثانياً: البطء الحركي والفكري ويتمثل ذلك في فقدان حرارة الاتصال مع الآخرين حيث تصاب علاقاته الاجتماعية بالبرود وأيضاً يصبح عاجزاً عن التفكير بشكل سليم وعن التواصل اللغوي وذلك في حالات تفاقم الاكتئاب حيث يصبح كلامه قليلاً وغير متوازن.

ثالثاً: صعوبة في النوم مع كثرة الأحلام والكوابيس خصوصاً في حالة اكتئاب الأطفال واكتئاب المرأة بعد الولادة.

رابعاً: ظهور الصداع وبعض أوجاع الرأس وحالات تشوش ذهني.

خامساً: سرعة الحساسية لأقل حركة وعدم قبول الضوضاء.

سادساً: السوداوية والابتعاد عن مباهج الحياة وملذاتها وكل ما يرمز إلى الفرح والسرور.

* كيف نتخلص من الاكتئاب:
هناك عدة أنواع من العلاجات لحالة الاكتئاب:

أولاً التأهيل الاجتماعي: وهو من أهم أنواع العلاجات ويتمثل بدراسة الواقع الاجتماعي للمريض من أجل تحديد السبب أو الخلل الذي أدى إلى حصول الاكتئاب وقد يستدعي ذلك نقل المكتئب إلى وسط أفضل من الوسط المتواجد فيه كالأسرة أو الجماعة أو العمل أو المدرسة وهذا يتطلب معرفة المريض بطبيعة مرضه وخطورته وذلك حتى يبدي استعداداً للخروج من هذه الحالة.

ثانياً العلاج السلوكي: فالاكتئاب قد يكون استجابة تعلمها الفرد من محيطه وأسرته ولذلك فعن طريق التعلم الشرطي نستطيع أن نعلّم المكتئب استجابات سلوكية تكون أفضل من تلك التي اقترنت بالاكتئاب والتي من المفترض أن تمحى من داخله.

ثالثاً العلاج بالأدوية: وهذا يوجد في حالات الاكتئاب الشديد الذي تصحبه رغبة جامحة بالانتحار وهنا يكون المكتئب قد أصبح مكتئباً ذهانياً أي أنه يجب إعطاؤه جرعات من الأدوية والمنومات التي تهدف إلى مساعدته على تقبل علاجات لاحقة وهذا النوع من الأدوية قد يسبب إدماناً لذا لا يجب اللجوء إليها إلا في حالات طارئة وحرجة وكذلك بالنسبة للعلاج بالصدمة الكهربائية الذي يهدف إلى تهدئة المريض.

رابعاً: العلاج بالتحليل النفسي وذلك من خلال دراسة ماضي المريض للتعرف على أهم الحوادث الطفولية التي ربما كانت سبباً في حصول الاكتئاب وهذا النوع من العلاج يستغرق وقتاً طويلاً.

* الإكتئاب من وجهة نظر دينية:
لم يترك ديننا الإسلامي أمراً من أمور الإنسان إلا وتطرق له أما بالنسبة إلى الاكتئاب فقد تمت الإشارة إليه في الأحاديث والآيات القرآنية كنوع من الحزن والهم والغم أي تمت الإشارة إلى بعض الأعراض المؤدية إلى الاكتئاب وأيضاً إلى بعض العلاجات الروحية الدينية التي تؤدي إلى تخليص النفس من هذه المشاعر وهذه العلاجات عديدة كالصلاة وخصوصاً صلاة الليل وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال "يا علي ثلاثُ فرحات للمؤمن: لقي الإخوان والإفطار من الصيام والتهجد من آخر الليل"(1) وأيضاً روي في الحديث "ثلاثة يذهبن الهم: الماء الجاري والخضرة والوجه الحسن" كما يقول الإمام علي عليه السلام: "اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين"(2) وأيضاً يروى في الأحاديث الشريفة أن كثرة الاستغفار وقول لا حول ولا قوة إلا باللَّه وكثرة ذكر الموت هي من الأمور التي تفرّج همّ الإنسان المؤمن وتبرز أيضاً أهمية الدعاء لما يشكّله من تنفيس وتفريغ إنفعالي لما هو داخل الفرد من هموم وغموم ومن هنا يجد بعض علماء النفس أن الإنسان المؤمن هو أكثر قدرة على الشفاء من الأمراض النفسية من غيره من الأشخاص.
 


 (1) البحار، ج‏74، ص‏352.
(2) شرح نهج البلاغة، ج‏16، ص‏113.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع