عبد الحليم حمود
* تأثير المسرح الأوروبي على المصري في القرن التاسع عشر.
لقد كان القرن التاسع عشر أفضل الأزمان وأسوأها، خيرها وشرها كما يقال، ففي هذا القرن حدثت تحولات كثيرة وسريعة في العالم بأسره على مستوى العديد من الأصعدة العلمية والفنية وفي مجال السياسة والنظام العالمي الاقتصادي والفلسفي وفي أوروبا شهد فترة صراع قوية كان تأثيرها واضحاً في العديد من دول العالم ومنها مصر التي كانت تبحث لها عن مكانة مرموقة في داخل مجموعة دول حوض البحر الأبيض المتوسط حيث ظهرت فيها بوادر حركة الاستقلال والتخلص من الهيمنة العثمانية. لقد عكس المسرح خصائص هذه المرحلة وجسَّد طموحات مختلف الشرائح وأفكارها في بناء مصر معاصرة حديثة ومتقدمة. هذا ونشأت في مواجهة التأثر بالمسرح الأوروبي حملة مضادة ومقاومة ضارية من ممثلي الفكر التقليدي المتزمت، وكي لا يبدو الأمر كأنه استلاب أمام الأفكار الوافدة جرى بحث عن الجذور الأدبية العربية التي تقارب الفعل المسرحي إنما من خلال النص. واليوم يحق للمسرح المصري أن يفتخر ويعتز بالكم الهائل من الموروث الذي يتجاوز القرن ونصف القرن وبما حققه الرواد في مرحلة النهضة الحديثة والذين قاموا بربط تاريخ وتجارب وأشكال وأنواع الفعل المسرحي التي عزز فيها كفاحه ربطاً عضوياً ضد كل التحديات التي تحاول اليوم مثلما حاولت بالأمس أن تلغي دور المسرح وضرورته بالحياة. إن رواد النهضة الحديثة قد نظروا بشكل عام إلى العمل المسرحي كأداة للتنوير والتثقيف والتحضر والتمدن والتعلم والتعليم، وأكدوا ودافعوا عن شكل المسرح الأوروبي الحديث ضد المفهوم المحافظ والنظرة الدونية للمسرح. رغم أن الأمر ولّد تناقضاً بين الهوية والأصالة وبين الانفتاح ومواكبة التطور الحاصل في الدول الأوروبية. كانت موضوعات الحرية والاستقلال من أهم الموضوعات التي وسمت المسرح في القرن التاسع عشر وتوجهت ضد جميع أشكال الاحتلال والتبعية السياسية والعثمانية. لقد استطاع المسرح المصري من خلال تناوله المواضيع الاجتماعية أن يؤثر في جمهوره ويزيد من ترابطه معه، مكتشفاً أساليب متعددة للتحريض والتثوير عبر تحويل الرمز المقدم إلى واقع يعيش في مخيلة مشاهديه.
* الوجوه المعجونة بريشة حسن أدلبي
يعاني الكاريكاتير العربي من مشاكل كثيرة أبرزها قلة حضور رسامي البورتريه الكاريكاتوري ومن هذه القلة هناك أسماء كبيرة مثل جورج البهجوري ومصطفى حسين وسامي أمين ورجائي ونيس وعلي المندلاوي وفارس قره بيت وحسن أدلبي. وأهمية هذا الأخير أنه بدأ بالبورتريه الكاريكاتوري منذ بدايته إلى الآن دون أن يشرك أي لون آخر من ألوان الكاريكاتور أو الرسم مع هذا الشكل من الإبداع. فاشتهر من خلاله عبر الصحافة اللبنانية وهو السوري القادم من حلب والمولود فيها سنة 1963 والمتخرج من معهد الفنون الجميلة من جامعة دمشق سنة 1989 والحائز على الترتيب الأول من خلال مشروع تخرجه الذي احتوى وجوهاً للأساتذة والعمال البسطاء في المعهد بشكل كاريكاتوري. البداية كانت مع مجلتي "فن" و"الكفاح العربي" ثم في "السفير" ومن بعدها في "الاقتصاد والأعمال" إلى أن استقر لمدة ثلاث سنوات كرسام غلاف لمجلة "النقاد" التي اعتمدت الكاريكاتور منهجاً رئيسياً في خطابها وتوجهها. في سنة 2002 أقام حسن أدلبي معرضاً لنجوم السينما في معهد العالم العربي في باريس ولاقى الكثير من الاستحسان مما دعاه لمعاودة الكرة إنما تحت عنوان آخر وهو "الكاريكاتير في شارع الثقافة"حيث رسم أبرز الوجوه الثقافية العربية بشكل كاريكاتوري ومنهم طه حسين، الجواهري، نجيب محفوظ، أدونيس، محمود درويش، رياض الريس، أمين معلوف وآخرين وفي أواخر العام 2003 شارك أدلبي في مهرجان القاهرة السينمائي من خلال معرض لرسومه التي شارك فيها في باريس لكن أضاف عليها وجوهاً جديدة لأعلام السينما من مخرجين وممثلين. عن فنه يقول الفنان السوري الراحل فاتح المدرس: "خلال اقامتي في ألمانيا الاتحادية لفت انتباهي فنان كان يرسم في مجلة "شتيرن"، ... الذي أدهشني هو حسن أدلبي فالشيء يتحول بِعَصا ساحر إلى شيء متميز".
* الفخار من الكهوف إلى الرفوف!
تعني كلمة فخار في اللغة كما يقول الزبيدي في تاج العروس "كل ما عمل من الطين وشوي على النار". أما كلمة "خزف" أو "خزب" كما كان يسمى قديماً فهي مرادفة لكلمة فخار ولا فرق بين الكلمتين ولكن جرت العادة عند بعض المتخصصين التمييز بين الكلمتين فاستعملوا كلمة الخزف للأواني الخزفية المزججة كما استعملوا كلمة الفخار للأواني الخزفية غير المزججة. عُرفت صناعة الخزف مع استقرار الإنسان في القرى الزراعية وهجره حياة المغاور والكهوف وكانت الأواني المصنوعة من الفخار تستخدم للطبخ وحفظ الماء والسوائل الأخرى وخزن الحبوب المختلفة، وكانت بسيطة تحمل ألواناً وزخارف ذات موضوعات بدائية، ثم تدرجت في الازدهار والتطور بتأثرها بحركة التقدم الحضاري لتلك المجتمعات، وقد عُثر على مجموعات كبيرة من الأواني والكسر الفخارية التي تعود إلى تلك المراحل. إن عملية تحويل الطينة الرخيصة إلى تحفة فنية تحتاج إلى مراحل عدة تبدأ بعملية التشكيل ثم تُغسل لتليها عملية التخمير في الماء ثم العجن ويليه عملية تشكيل الأواني بواسطة القرص المتحرك بعد أن كانت بواسطة الأصابع في البدايات. تشير الأبحاث الأثرية إلى أن أول استخدام للقرص المتحرك كان في العراق وفي عصر العبيد الذي يعود إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة عام قبل الميلاد.