ماجدة الحاج
الغضب من المشاعر الإنسانية الطبيعية لكن ما نقصد بمعالجته هنا هو تعبير الأطفال عن هذه المشاعر بالتعابير القاسية والمؤذية وبالصراخ وأحياناً بالحركات والتصرفات العنيفة.
* أسباب غضب الأولاد:
1- لا يأتي غضب الأولاد من الفراغ، ولا يولد الطفل وهو عصبي المزاج، وإن كان هناك عامل وراثي لكن ما ينميه هو التربية والمحيط، والأهل يتحملون المسؤولية الأولى في تكريس هذا الانفعال عند أولادهم، فالطفل منذ شهوره الأولى يتعلم كيفية ردة الفعل، والتعبير عما يريد من خلال تعبير الأهل عن مشاعرهم: فعندما تحمل الأم ولدها بعنف فهي تعلمه أن يغضب. وعندما تصرخ بوجهه ليسكت أو ليكف عن الصراخ فهي تعلمه كيف يكون الصراخ وسيلة فعالة لحسم المواقف والخيارات وسيتقن الطفل هذه اللغة بل سيتفنن في استخدامها. وإن تعبير الوالد عن انزعاجه بالغضب إذا ما عبث الطفل بأوراقه أو أشيائه الخاصة يعلمه أن يغضب فوراً عند الانزعاج. وعندما يطلب الولد إلى أمه أمراً فلا تستجيب له إلا إذا بدأ بالصراخ، فهي تعلّمه أن الصراخ وسيلة مفيدة للوصول إلى أهدافنا.
2- قد يكون الغضب تعبيراً عن مشكلة نفسية أو لشعور بالنقص أو القلق أو الضعف، أو عن حاجته لعطف فالولد الذي يعاني من مشاكل دراسية قد نراه يعيش نوبة غضب جنونية عند القيام بالواجب المدرسي وآخر نراه يتصرف بعدوانية وغرابة عندما يأتي ضيف جديد إلى المنزل وفي بعض الأحيان نتيجة لمشاكل الأهل ولا سيما الزوجين نجد الولد يُجهد في خلق مشاكل مع أقرانه في المدرسة. والولد الذي يغيب عنه والداه لفترة خاصة أمه نجده يتصرف بعدوانية مع الجدة أو في الحضانة ويرفض الانصياع للأوامر.
3- من أسباب الغضب والعدوانية الغيرة أو الحسد خاصة عندما نطلب من الولد دائماً نتائج عالية في دراسته فعندما يتفوق عليه أحدهم يعيش مشاعر متضاربة ويعبر عنها بالغضب والعدوانية. ويمكن في معظم الأحيان أن يعبر عن غضبه إن أتى وليد جديد على العائلة.
* هل هناك حل للغضب؟
على الأهل تفهم الأطفال وحاجاتهم وتفهم الأسباب الكامنة وراء عصبيتهم وعدوانيتهم لأنها تعبير عما في داخلهم، وأن يسعوا لحل المشكلة بحل أسبابها لا ظواهرها.
1- فإذا كانت المشكلة ناتجة عن تربية خاطئة فعليهم أن يعدّلوا سلوكهم التربوي ويعلموا أنهم قدوة لأبنائهم، ويضبطوا تصرفاتهم وتعابيرهم بشكل مدروس.
2- إذا كانت المشكلة ناتجة عن مشكلة نفسية فعليهم أن يشجعوا التعبير الواثق عن النفس فالطفل بحاجة إلى أن يتعلم كيفية التعبير الصحيح عن نفسه، عن غضبه وعن استيائه وعن حاجاته الخاصة وأن يعلّموا الطفل لغة الحوار لإكسابه أداة فاعلة تساعده على التحكم الذاتي بمشاعره إزاء الآخرين، وهذا أمر على الأهل أن يتقنوه، فعندما يواجهون طلب ولدهم لأمر ما بالرفض، عليهم أن يُفهموا الولد أنهم يتفهمون طلبه ولكنهم لا يستطيعون الموافقة لأسباب... ويجب أن تكون أسبابهم منطقية وسليمة لا مزاجية، أو عندما يُحدث الولد أي أمر يغضبهم، عليهم أن يوضحوا سبب استيائهم وغضبهم بأسلوب واضح ومحب مثلاً، قد يكسر الولد تحفة ثمينة فعلى الأم أن توضح: أنا مستاءة جداً منك، لأنك لعبت بشيء ليس للعب وقد حذرتك من ذلك قبلاً، وأخاف عليك لأنه من الممكن أن تؤذي نفسك فيها، وعليك أن تتحمل مسؤولية عملك. إذن على الأهل أن يدخلوا في عملية حوار للاستماع للولد ومناقشته، لعله لم يكن مخطئاً، وحتى لو كان مخطئاً فيتعلم بذلك سبب غضبهم وخوفهم عليه ويتعلم أن يتحمل مسؤولية أفعاله.
3- وعندما تكون الغيرة والحسد وراء التصرفات الغاضبة عليهم أن يساعدوه على التعامل مع مثل هذه المشاعر، وهذا جزء من وظيفة الأهل، عليهم أن يعلِّموه تقبل الهزيمة وأن الحياة نصر وهزيمة وأن المهم هو المشاركة الايجابية وبذل الجهد والاستعداد، وأن يقدروه على مواقفه الايجابية بغض النظر عن الفوز والخسارة، ويرى علماء التربية أن الطفل ينشأ على أنه بطل لا يمكن أن يتقبل الهزيمة خاصة عندما يرى أن كل الإطراء يذهب إلى الفائز، علينا أن نؤكد لأطفالنا السعي للحصول على الفائدة والمتعة من ممارسة أي نشاط وليس انتظار النتيجة فقط. والفشل جزء من عملية النضج والتعلم، ولاحظوا كل التجارب العلمية فإنها تبدأ بالفشل، ومع التكرار نصل إلى النتيجة. وهذه المشكلة تبرز خاصة مع الطفل الوحيد لأنه يتعامل مع والديه أكثر من تعامله مع أطفال آخرين ويحظى بالحماية المفرطة من قبلهما لذلك فهو مزاحم ومنافس دائماً.
* ماذا نعلِّم الطفل؟
على الأهل أن يعلموا أطفالهم كيف يكونون لطيفين ورقيقين وأن يعلموهم على تقنين عدوانيتهم وعند المشكلة عليهم أن يستخدموا لغة التعاطف والتواصل والتفهم والكفاءة، وأن يوضحوا لهم أنه يحق للناس أن يغضبوا، ولكن عليهم أن يقوموا بالتزاماتهم والوفاء بوعودهم. وأن النقاش يساعد على حل المشاكل.