السيد سامي خضرا
لا يستغربنَّ أحد أنَّ الإسلام اهتم بالتجمُّل والمظهر والنظافة واللباس والرائحة الجميلة، فهو الشريعة الكاملة، قال اللَّه جلَّ جلاله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء﴾ (الأنعام/38). وإذا كان الاهتمام بهذه الأمور في هذه الأيام أخذ اتجاهاً مرضياً ووسواسياً كما هو واضح من خلال الإعلانات والفضائيات وتصرُّفات بعض الفئات الاجتماعية، فالإسلام جعل لهذه الأمور آداباً وحدوداً تُحافظ على الاتزان والسلامة النفسية والاجتماعية. وإذا أردنا استيفاء حق هذه الأمور أو تفصيلها، لا بد من شمولها لأمور عديدة ذكرتها المصادر الأساسية للسُّنن والآداب وكتب الروايات، بدءً من دخول الحمام وتنظيف الجسد من الشعر الزائد وفوائد ذلك ومضار إهماله إلى الاهتمام باللحية والشاربين وتقليم الأظافر، فالطيب وأنواعه واستعماله يومياً لمرات، إلى التختم، إلى لبس الثياب وآدابها. إلاّ أنَّ كل ذلك متعذِّر في هذه الصفحات القليلة، لذلك نقتصر على بعض النماذج والأمثلة السريعة، ولا استغناء عن الرجوع إلى مصادر أساسية أو كتب السُّنن كَحِلية المتقين، ووسائل الشيعة، والعروة الوثقى، وسلسلة آداب السلوك.
وهذه بعض النماذج:
1- يستحب التخلُّصُ من شعر الجسم الزائد ولذلك آثار وآداب كثيرة، وهو من أخلاق الأنبياء.
2- يستحب قصُّ شعر الرأس، فإنَّه يزيد في الجمال كما ورد عن سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وكذلك تسوية الشعر وترتيبه. وورد النهي عمَّا يفعله البعض اليوم من قصِّ بعض الشعر وترك بعضه، كما يفعل البعض، تقليداً للكافرين. حتى أنَّ النَّبي ا امتنع عن الدعاء لصبي على مثل هذه الحال، حتى يحلق جيداً.
3- يستحب التمشُّط وتسريح شعر الرأس، خاصة قبل الصلاة كما ورد عن أبي الحسن الرضا د في تفسير قوله تعالى: "خذوا زينتكم عند كل مسجد". والتمشُّط يكون من جلوس، ويُكرِّر ذلك مرات ومرات.
4- للرجال يستحب ترك اللحية لتدويرها، أي تساوي طول أطرافها، أو تبطينها أي الأخذ من الطرفين وترك وسطها... أما تخفيفها الشديد إلى درجة زوالها أحياناً، فمنهي عنه.
5- من الغريب ترك أطراف الشاربين يتعدى إطار الشفة، وهذا خلاف السُّنَّة المستحبة، بل التخفيف ولو تكراراً هو المطلوب كما ورد عن الإمام الصادق د.
6- بلغت سُنَّة الإسلام في التجمل استحباب قص شعر الأنف وعدم إهماله ليطول.
7- يستحب تقليم الأظافر كلَّما طالت، وفوائد ذلك كثيرة كما ورد في النصوص. والسُّنة الابتداء من خنصر اليسرى ويتدرَّج بها حتى ينتهي إلى خنصر اليمنى.
8- يستحب التطيُّب (التعطر)، فهو من سُنن المرسلين وأخلاق الأنبياء كما ورد في النصوص التي عدَّدت الفوائد والآثار المعنوية الغيبية وغيرها. وكان موضع الإمام جعفر الصادق د يُعرف في المسجد من طيب ريحه وموضع سجوده. أما المرأة فتتطيب في بيتها مع عدم وجود أجنبي.
9- من السُّنة المؤكدة لبس الخاتم، خاصة العقيق فلذلك آثار عجيبة، منها قضاء الحاجات ونفي الفقر، والأمن من البلاء. ولا يجوز للمرأة التزين خارج بيتها وأمام الأجنبي بلبس الخاتم.
10- يستحب لبس الثياب الجميلة البيضاء، وليس ما يُوحي بالبُؤس والافتقار كما يفعل البعض، لكن لا أن يصل إلى درجة التفاخر والتعالي على الآخرين. وينبغي للنساء الحرص فضلاً عن السَّتر، على تجنب الثياب الضيِّقة أو الشَّفافة أو الملفتة، فهذه الأمور تضرُّ بالحجاب الشرعي السليم. وبلاؤنا عظيم في هذه الأيام في عروض الأزياء التي أصبحت مهنة "وفناً" يُلاحقنا في كل مكان، وتقف وراءه شركات ضخمة جداً تسلطية تعرض "أزياء" ليست للّبس أو الفائدة بقدر ما هي "صرعة" أو عرض أجساد!
11- التجمُّل وإظهار النعمة أمران مطلوبان بشرط المحافظة على عدم التشبُّه بالكافرين وكثرة الاهتمام التي توحي بالانشداد إلى المظهر والشكل والعلو في الأرض.
12- يستحب إظهار الغنى والاكتفاء، وإن لم يكن كذلك في الواقع، خاصة أمام الأعداء والمبغضين بقصد كبتهم.
13- ليس من التجمل تشبُّه الكهول بالشباب في لباسهم، بل ينبغي لهم الحفاظ على الهيبة والشيبة.
14- من الأدب جعل ألبسة خاصة للعمل، وأخرى لغيرها.
15- ومن الأدب طيُّ الثياب، وترتيبها، فهو أبقى لها كما ورد ؟