ربما يتساءل البعض عن سبب الحديث، والمجلة تفتتح صفحات العدد العشرين، تاركة خلفها عشرات الأبحاث التي جادت بها أقلام العلماء الربانيين وأفكار الباحثين المستنيرين، وزرعت في عمرها القصير أشجاراً أصولها ثابتة وفروعها في السماء، عسى أن تؤتي أكلها في كل زمن وفي كل حين.
لكن طبيعة المجلات الموجهة التي تحمل أهدافاً ثابتة تطرح مثل هذه التساؤلات في غمرة الأذواق المختلفة والحاجات المتزايدة.
لقد أردناها مجلة تؤسس للفكر الأصيل، وتكتب للقارئ الملتزم. وكنا واعين لهذا المقصد جيداً، لذلك حاولنا منذ البداية أن لا نحيد عن فكر العلماء الذين وصلوا إلى مراتب الاجتهاد، وذابوا في أساليب التحقيق الأصولية والتصقوا بمدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأضاؤوا سماء حياتهم بعشق الإله فكانوا منارات للهدى وحماة للشريعة.
لقد أمرنا الإمام الخميني قدس سره أن لا ننشر إلا ما يوافق الإسلام مئة بالمئة، ونحن بهذا الأمر ملتزمون.
ولهذا الأمر قصة أخرى. فإن طبيعة المواضيع المطروحة تصلح لأن تكون دروساً منهجية يطرحها المدرسون والمبلغون في شتى الأنحاء سواء في القرية أو المسجد أو الجبهة أو الجامعة. ولتوزيع الموضوعات حكمة أخرى، وهي تحقيق الشمولية. حيث البدء بالقرآن في درس يتناول موضوعاً واضحاً يصلح لأن يكون بحثاً، وفي فهرسة آياته فائدة ثانية للباحث لكي يتناول الموضوع من مختلف جوانبه. ويشبهه درس الروايات، ومن أهميته أن يقوم المدرس بالطلب من الحضور حفظ الأحاديث بعد شرحها لهم.
أما الوصية الإلهية فهي مجموع التكاليف التي تركها فينا الإمام أمانة إلهية سياسية، وقد قمنا بتبويبها يسهل الوصول إلى المطالب وليتم التركيز عليها جيداً.
ونظراً لشمولية التعاليم الإسلامية والتصاقها ببعضها البعض التصاقاً وثيقاً، فقد جعلنا كل عدد يتضمن الأبحاث السلوكية والفقهية والعقائدية والقرآنية والاجتماعية، محاولين بذلك أن نبلغ المرام في تحقيق الرؤية الشاملة لكل المفاهيم المطروحة. ومع انقضاء الأشهر المقبلة نكون قد رسمنا الخطوط العريضة للفكر الإسلامي لننتقل بعدها إلى الأبحاث التفصيلية. علماً بأن الغاية الأولى لا تدرك بسهولة وسرعة لأن الإسلام دين عميق وواسع يشمل كل جوانب الحياة الإنسانية بطولها وعرضها.
إن القراء الأعزاء سيكونون على موعد مع الأبحاث والمقالات التي تتناول المشاكل الأساسية والفرعية التي يعاني منها مجتمعنا الإسلامي، ومن خلالها سيتعرفون على الحلول الأصيلة التي يقدمها هذا الدين الحنيف. ومع إتمام الأبحاث العامة نكون قد أسّسنا القاعدة الأولى للرؤية الكونية الشاملة، ويبقى بعدها وضع الإصبع على الجرح والإحاطة به ليصبح القارئ مدركاً لقوة الإسلام ومصداقيته العظيمة..
دعوة جديدة للجميع
ومرة أخرى تدعو المجلة كافة القراء والمهتمين إلى المشاركة الفاعلة من خلال الكتابة أو الإشارة، في المجالات الاجتماعية، وبالأخص تلك المشاكل الواقعية التي يعاني منها مجتمعنا المسلم.
في الأعداد المقبلة سوف يبدأ القرّاء الأعزاء برحلة جديدة تجوب آفاق هذا المجتمع الشريف المليء بصور الحياة المجيدة والقصص المعبّرة.. ومع هذه اللحظات يتوزع فريق من الأخوة الباحثين بعدساتهم وأقلامهم ليجوبوا شرايين وطننا وهمومه، وليأخذوا عينة من دمه الذي يغلي بثورة عاصفة ضد الظلم والاستغلال.