أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

آداب ومستحبات‏: الاشتغال بعيب النفس عن عيب الناس‏

السيد سامي خضرا

 



1- من آداب السلوك في الإسلام، استحباب اشتغال المرء بعيب نفسه عن عيب الناس. ولا يعني ذلك أبداً ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواجب إصلاح المجتمع، وإرشاد الضال... بل المقصود أن يرى لنفسه عيوباً ومساقط وزلات، تماماً كما يرى ذلك في الآخرين فلا ينزّه نفسه، أو يعتقد فيها الكمال! بينما بتنا نرى في هذه الأيام أناساً، نصَّبوا أنفسهم للناس أئمة، يحصون عليهم العيوب، ويعدّون الزلات... وهم يحملون أشنع وأخطر مما لاموا الناس عليه. وهؤلاء غافلون عمّا فيهم، من عقارب أنفسهم، ويعيشون في خطر دائم... وفي نفس الوقت، ينتقدون إخوانهم وجيرانهم وكأنهم قد فرغوا من تزكية ذواتهم، ووصلوا إلى الكمال، ولم يبق أمامهم إلا إصلاح الآخرين! رُوي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "طوبى لِمَن شغله خوف الله عزَّ وجلَّ عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه"(1). فهلاّ فكر هذا المبتلى في أن ينتهي من عيوبه أولاً (ولن ينتهي)، لأنه كلما طهر من عيب ظهر آخر...؟ ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ونقف هنا عند تعداد مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله لرجال في ظل عرش الله يوم لا ظلّ إلا ظلّه، قال: "... ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب، حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنه لا ينفي منها عيباً، إلا بدا له عيب، وكفى بالمرء شغلاً بنفسه عن الناس"(2).

2 - ويجب التعرف على عيوب النفس، كاهتمامه بإصلاح عيوب الناس وأكثر، فينتهي عن عيب نفسه ويتحول عنه، حتى يكون وعظه للناس مُفْلحاً مُنْجحاً. رُوي عن مولانا الباقر عليه السلام أنه قال: "كفى بالمرء عيباً أن يتعرف من عيوب الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه، أو يعيب على الناس أمراً هو فيه، لا يستطيع التحول عنه إلى غيره"(3).

3 - ويستحب لهؤلاء أن يذكروا نعمة الله عليهم، في الستر على ذنوبهم وإخفائها عن العالمين. وليكن الشكر هو الغالب عليهم لما منَّ الله عليهم، فهذا من التوفيق، ثم يدعو الله تعالى أن يُبعد أجواء المعاصي عنهم، لعلها تتعذر عليهم.
ومن طريف ما روي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: "من العصمة تعذر المعاصي"(4).

4 - وينبغي للرجل الورع أن لا يتجرأ شامتاً على عيوب الناس، فقد يغفر الله لهم، دون ذنبه الذي ربما يعذّب عليه... ويتأكد استحباب الشكر في مثل هذه المواضع، والشماتة لا تجوز إلا في حق الكافر فقط دون المسلم. روي عن مولانا الأمير عليه السلام في النهي عن عيب الناس قوله: "وإنما ينبغي لأهل العصمة والمصنوع إليهم في السلامة، أن يرحموا أهل الذنوب والمعصية، ويكون الشكر هو الغالب عليهم والحاجز لهم عنهم، فكيف بالعائب الذي عاب أخاه وعيّره ببلواه!؟ أما ذَكَرَ موضع سَتْر الله عليه من ذنوبه ما هو أعظم من الذنب الذي عاب به!؟ فكيف يذمّه بذنب قد ركب مثله!؟ فإن لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه، فقد عصى الله فيما سواه مما هو أعظم منه، وأيم الله لم يكن عصاه في الكبير، لقد عصاه في الصغير، ولَجُرأته على عيب الناس أكبر. يا عبد الله، لا تعجل في عيب عبد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تأمن على نفسك صغير معصية، فلعلك تُعذب عليه، فليَكْفُف مَن علم منكم عيب غيره، لِما يعلم من عيب نفسه، وليكن الشكر شاغلاً له على معافاته مما ابتُلي به غيره"(5). وجاء عنه أيضاً قوله عليه السلام: "ومَنْ نظر في عيوب الناس ثم رضيها لنفسه، فذلك الأحمق بعينه"(6). وقوله عليه السلام: "أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله"(7).

5 -وليتذكّر هذا العبد، أنه ليس من الخير له أن ينسى ذنوبه، وإن سُتر عليها، ويتفقد عيوب الناس وذنوبهم... بل هذا نوع بلاء لهذا المسكين المغفَّل، فقد سُمع الصادق عليه السلام يقول: "إذا رأيتم العبد متفقداً لذنوب الناس، ناسياً لذنوبه، فاعلموا أنه قد مُكِر به"(8). ونختم تبركاً بالرواية الشريفة المعبّرة المروية عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث قال: "كان بالمدينة أقوام، لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله عن عيوبهم الناس، فماتوا، ولا عيوب لهم عند الناس. وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم، فتكلموا في عيوب الناس، فأظهر الله لهم عيوباً لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا"(9).


(1) وسائل الشيعة، ص‏229، ح‏2.
(2) وسائل الشيعة، ج‏11، ح‏1.
(3) وسائل الشيعة، ج‏11، ح‏3.
(4) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏243، ح‏11.
(5) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏231، ح‏6.
(6) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏231، ح‏7.
(7) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏231، ح‏8.
(8) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏231، ح‏9.
(9) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏232، ح‏10.

أضيف في: | عدد المشاهدات: