"لو لم يكن هؤلاء العلماء لما كان لدينا أي اطلاع على الإسلام". الإمام الخميني قدس سره
قد تسمع عنه كثيراً فتعرف أنه إمام ينتفع الناس بعلمه، وأنه رجل ذو سيرة وأن لسيرته آثاراً طيبة في الناس تتناقلها الألسن وتتداولها الأيدي، ثم تلقى الرضى والحمد من الجميع.
وقد لا تكتفي فتقرأ له كتباً عدة فتعجب لرجل من رجال الدين يملك هذه السعة في المعرفة وهذه الرحابة في العقل وهذا الانطلاق من ربقة الجمود الفكري الذي ران على عقول الكثيرين.
السيد الأمين رضوان الله عليه، هو أحد أولئك الرجال القلائل من العلماء أمدّه الله بالعمر الطويل العريض- كتعبير الرئيس ابن سينا - عندما قال: "اللهم هبني عمراً قصيراً عريضاً، ولا تجعله طويلاً ضيقاً"، عمراً طويلاً بالكم، عريضاً بالكيف، فإذا حياته الشريفة سفر حافل بالأعمال الجليلة الضخمة، وقد راح الدهر يكتبه على صفحة الزمن بقلم الخلود.
* ولادته ونشأته:
ولد في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة 1284هـ، لم يكن مولده مؤرخاً لكن والده السيد عبد الكريم ابن السيد علي الذي كان تقياً صالحاً أخبره أن ولادته كانت سنة بناء جسر القاعقعية الجديد. فتحقق من ذلك ومن أمارات أخر أن مولده في ذلك العام.
في حدود سنة 1282هـ تلقى مبادئ القرآن الكريم والخط وأوليات الصرف والنحو. في المدرسة الحيدرية في "عيتا الزط" تتلمذ على علماء عصره كالشيخ موسى شرارة في بنت جبيل. ثم هاجر سنة 1308 إلى النجف، بعد أن أنهى في جبل عامل دراسة اللغة العربية وعلومها ومعظم أصول الفقه، فتتلمذ في النجف على يد كبار العلماء طيلة عشر سنوات، إلى أن أدرك درجة الاجتهاد ونال إجازته، وفي سنة 1319، ترك النجف واستقر في دمشق.
* في مجمل خصائصه وأخلاقه:
إن أبرز خصائص المجتهد الأكبر جده الدائب وعفته النزيهة وتواضعه الرصين.
ففي دنيا الجد يكاد لا يضارع أو يباري وله فيه من المجد ما بكل بالإعجاب إلى أقصى حد. وإلا فما قولك به وقد قارب التسعين ولم يكن له في توفير العيش معين ومع ذلك كان يصل الليل بالنهار دؤوباً على التأليف والتصنيف يجمع وينقب ويستقصي أو ينقل باحثاً.. بل أنى يستقيم لنا الحساب ولكأنه المعجزة، حين نعلم أن تواليفه فاقت سني عمره وآخرها "الأعيان" وهو وحده موسوعة في علم الرجال مجزأة إلى عشرات المجلدات، وقد يصل واحدها إلى الأربعمائة أو الخمسمائة صفحة...
* مواقفه:
قاوم الاستعمار أشد مقاومة بوقوفه سداً منيعاً أمام مطامعه ومؤامراته. ويقول أحد الأشخاص: إنني كنت ذات يوم ترجمانه إلى أحد الضباط الفرنسيين وقد أوفد من قبل المفوض السامي لعرض أكبر منصب ديني على الإمام الفقيد مع ما إلى هذا المنصب من امتياز في الحياة اليومية، فكان جوابه الرفض والاستنكار لأنه موظف عند ربه يؤدي رسالته كما أمر بها لوجهه فلا يقبل له أن يكون موظفاً عند المفوض الفرنسي يأتمر بأمره ويتحرك بإرشاداته.
* منجزاته:
في سنة 1319 هـ ترك النجف واستقر في دمشق، وأول ما عمله فيها إنشاؤه المدرسة العلوية للبنين ومدرسة أخرى باسمها للإناث، وأسس لهما جمعية تعنى بتدبير المال وجمعه للنهوض بها.
كذلك أنشأ جمعية أخرى تعنى بتعليم الفقراء والأيتام، وإقراراً بفضله وتخليداً لمآثره رأى تلاميذه وخريجو مدرسته ابدال اسمها باسم "المدرسة المحسينة" كذلك أنشأ جمعيتين غيرهما هما: جمعية الإحسان، وجمعية المؤاساة.
* مؤلفاته:
له مؤلفات كثيرة بعضها قد طبع مرتين أو مراراً، وبعضها قد ترجم إلى غير العربية وطبع. وأكثرها يزيد عن 500 صفحة. ولو قسّم ما كتبه تسويداً وتبييضاً ونسخاً وغيرها على عمره لما نقص كل يوم من كراس واحد مع عدم المساعد والمعين غير الله تعالى.
ولم يزل وقد بلغ السادسة والثمانين من سني عمره ودق عظمه وخارت قواه وتوالت الهموم والأمراض مواظباً على التأليف والتصنيف ليلاً ونهاراً.
أصيب رحمه الله ببعض العلل الناشئة عن الإجهاد في السنوات الثلاث الأخيرة ولازمه الأطباء، وعولج قبل وفاته في مستشفيات بيروت إلى أن وافاه الأجل في منتصف ليلة الأحد 4 رجب سنة 1371هـ/الموافق 30 آذار سنة 1952م. فخسرت محافل الإسلام بوفاته خسارة يصعب تعويضها. طيب الله ثراه وتغمده برحمته الواسعة.
* من كتبه:
1- أعيان الشيعة.
2- الدر الثمين.
3- نقض الوشيعة.
4- العلويات العشرون.
5- مفتاح الجنات.
6- المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية.
7- لواعج الأشجان في مقتل الإمام الحسين عليه السلام.
8- معادن الجواهر ونزهة الخواطر.
9- عجائب أحكام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
10- خطط جبل عامل.
11- رحلات السيد محسن الأمين.
12- كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب.
13- البيان.
14- الردود والنقود.
15- القول السديد في الاجتهاد والتقليد.
16- المسائل الدمشقية في الفروع الفقهية.