* الموقع والسكان
تمتدّ جمهورية الصومال في شرق القرن الأفريقي على شكل قوس حاد، يطل شمالها على خليج عدن، ويطل جنوبها الشرقي على المحيط الهندي، يحيطها من الجنوب كينيا، ومن الغرب الحبشة المعروفة اليوم بأثيوبيا، وتحدها من الشمال الغربي جيبوتي.
تبلغ مساحة الصومال حوالي أربعة ملايين كيلومتراً مربعاً.
ويقدر عدد سكانها بحوالي ستة ملايين وستمائة وخمس وأربعين نسمة (6.64.000)، يشكل المسلمون نسبة 90% من مجموع سكانها.
يعتمد الصوماليون في معيشتهم على الزراعة التي تستهلك نحو 84% من اليد العاملة، وتشكل تربية الحيوانات والمواشي المورد الأساسي في الدخل القومي الصومالي.
* تاريخ الاستعمار الأجنبي
في بداية القرن السادس عشر، وصل البرتغاليون إلى مياه المحيط الهندي، وفرضوا سيطرتهم على الموزمبيق الواقعة في الجنوب الشرقي لقارة أفريقيا. وقد تعرضت حينها مدن الساحل الأفريقي للتدمير والاحتلال بما فيها موانئ الصومال المطلة على مياه المحيط. إلا أن الصوماليون استطاعوا أن يطردوا البرتغاليون من أراضيهم.
ثم ما لبثت أن امتدت كل من فرنسا وإنكلترا وإيطاليا نحو القرن الأفريقي لإنشاء قواعد عسكرية فيه. فكان أن استولت بريطانيا على ساحل الصومال الشمالي المواجه لعدن عاصمة اليمن الجنوبية، وسيطرت فرنسا على جزء منها بالقرب من مضيق باب المندب في أقصى الشمال. ثم اقتطعت بريطانيا بعد ذلك في عام 1895 جزءاً من الجنوب الصومالي وضمته إلى كينيا التي كانت محمية بريطانية. حاول الصوماليون رد هذه التوسعات عبر الثورة الكفاحية الكبرى التي قادها الزعيم الديني "محمد بن عبد الله حسن" والتي استمرت من عام 1910 حتى عام 1941 ولكنها كانت تواجه بمختلف أسلحة الدماء، ولم يوفق الصوماليون للتحرير حتى عام 1960 حين حصلوا على استقلالهم بموجب قرار من الأمم المتحدة، حيث اختيرت مقديشو عاصمة للصومال الذي بقي جزؤه الشمالي في يد الفرنسيين لينال استقلاله في أيار 1977 تحت اسم جمهورية جيبوتي.
* الصومال
عدد السكان: 6.645.000 نسمة
المساحة: 4.000.000 كلم2
* المسلمون في الصومال
لم يكد الصوماليون يتحررون من الاستعمار ورموزه، حتى كانت البلاد تشهد تدهوراً كبيراً في المجالات الاقتصادية والسياسية. فالغلاء كان يسحق الملايين، والمجعة حصدت آلاف الأطفال في القرى. هذا وكانت الثروة الحيوانية التي هي من المصادر الأساسية في الدخل القومي للدولة تتضاءل بصورة سريعة نتيجة موت الحيوانات بالمئات بشكل يومي.
يمكن أن تلخص مشاكل المسلمين في الصومال بثلاثة عناوين:
1- الاحتلال والاستعمار اللذان استمرا من القرن السادس عشر حتى أواخر القرن العشرين.
2- المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن طبيعة البلاد (التصحر).
3- أعمال العنف الحكومي وأعمال التبشير النصراني.
في ظل هذه الظروف القاسية التي تشل حركة المجتمع اقتصادياً لم يشغل بال الدولة حينها إلا الحد من النمو الإسلامي الذي رأته يشكل الخطر الأكبر على مصالحها.
فقد عمد (محمد سياد بري) رئيس الدولة حينها إلى القيام بحملات قاسية استخدم فيها كل أساليب الإجرام والقتل من أجل القضاء على الإسلام والنشاط الإسلامي في البلاد، وذلك بحجة القضاء على ما أسماه الإرهاب الأصولي. ففي عام 1987 شنّت الحكومة الصومالية حملة واسعة على المساجد لإيقاف حلقات تدريس العلوم الدينية فيها ترافق ذلك مع اعتقال العلماء والشباب المسلم في أغلب المناطق الإسلامية وخاصة "مقديشو" و"هرجيزا" و"هولوداج" وغيرها، حتى سجّل في عام 1986 اعتقال أحد المسلمين بحجة قراءته للقرآن الكريم موجّهين التهمة إليه بقولهم: "إضاعة الوقت فغي تلاوة مخلفات القرون الوسطى"!
هذا وقد عمدت السلطات إلى إغلاق الكثير من المساجد وإيقاف أعداد لا يستهان بها من أئمة المساجد والخطباء بتهمة التحريض ضد الدول. ثم عمدت الحكومة إلى حظر استيراد الكتب والمطبوعات الدينية من الخارج والحد من المنشورات الإسلامية في البلاد.
وقد ترافق مع هذه الحملة المسعورة ضد الإسلام والمسلمين انفتاح على النصرانية والتنصير، فإثر اتفاق بين حكومة (سياد بري) وحكومة (هيلا مريام) في أثيوبيا، تم التنسيق بين الجانبين حول تكثيف دخول المبشرين من أثيوبيا إلى الصومال، وقد استغلّ هؤلاء الظروف القاسية التي يلاقيها المسلمون من الحكومة، فنشطوا لمدّ نشاطهم عبر البلاد مستخدمين في ذلك وسائل شتى كالطبابة والتدريس والخدمات الاجتماعية بأنواعها.
هذه الظروف الضاغطة على المسلمين مجتمعة مع حركة التنصير التي استفادت من جذور الاستعمار في البلاد، دفعت الوضع إلى التأزم أكثر حتى قامت المصادمات الدموية بين الشرطة والمواطنين والتي حصدت المئات من كلا الجانبين، وقد استمرت أيضاً مستعمرة حتى كانت نهاية طاغية البلاد (محمد سياد بري) أثر انقلاب أطاح به في آذار من عام 1991.
ولكنّ هذا الانقلاب لم ين مشاكل الصّوماليين. فالجوع لا يزال يحصد الأرواح حصداً. والقبائل لم تهجر سلاحها بعد، والقادة الذين حوّلوا بلادهم إلى خراب يطلقون الإشاعات حول احتمال لقاء قريب فيما بينهم للسلام (آخر ما أذيع في هذا الصدد احتمال لقاء الرئيس المؤقت على مهدي وأعضاء حكومته مع رئيس "التحالف الوطني الصومالي" الجنرال محمد فارح عيديد لبحث إمكانات التوصَّل إلى مصالحة سياسية).
وبين هذه التخمينات والتوقّعات التي قد تتحقق وقد لا تتحقق، بدأ الإسلاميون الصوماليون يرفعون أصواتهم بقدر من التميز داخل الساحلة المحلية، بعضهم يدعوا بصفة صريحة لإقامة حكومة إسلامية عادلةً، وبعضهم يلح على أن المرحلة الآن مرحلة تصالح وإنقاذ يتلوها لاحقاً أي توجّه نحو المطالبة بإقامة الدولة الإسلامية.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"
* النشاط الإسلامي في الصومال
يتحصّن المسلمون عادة في وجه حملات التضييق والإبادة من خلال إنشاء الجمعيات والهيئات الدينية التي تهتم برعاية المؤمنين وتقوم بنشر الوعي الديني بينهم، وتأمين احتياجاتهم على اختلافها.
من هذه الجمعيات كانت جمعية المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف التي يرأسها مؤسسها "هاشم حسن علي أوكيرا" والتي تأسست عام 1986. وقد سعت هذه الجمعية من ضمن أهدافها إلى محاربة: المرض، والجهل، والجوع.
ولذلك فهي تعمد إلى:
- إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية، وتقديم خدمات الإسعاف عند اللزوم.
- بناء المدارس وتزويدها بمقررات إسلامية.
- إعانة الفقراء من خلال الموارد المالية والحياتية المختلفة.
وبالفعل فقد أنشأت الجمعية العديد من المؤسسات، منها:
- مركز المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف الصحي، الذي أنشأت له فروع في كل من إيران وكينيا وتانزانيا،
- مدرسة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
- مشروع بناء ميتم لأطفال المسلمين.
- مشروع مركز تأهيل المرأة.