الشيخ علي حجازي
خلق الله عزّ وجلّ طيبات لهذا الإنسان وأحلَّ له أن يستثمرها وحرّم عليه الخبائث لما فيها من ضرر عليه، فما هي الأطعمة المحلَّلة والمحرَّمة؟ الأطعمة أربعة أنواع:
الأوّل: حيوان البحر.
الثاني: الطيور. وقد مرّ الحديث عن هذين النوعين في أعداد سابقة.
الثالث: حيوان البرّ(1).
الرابع: غير الحيوان. وهذه الأطعمة - بإضافة الأشربة - منها ما هو حلال، يجوز أكله وشربه، ومنها ما هو حرام لا يجوز أكله ولا شربه. وهذه المقالة تتعرّض لتوضيح الحلال والحرام. وعلى كلّ مكلّف أن يتّقي الله فيجتنب المحرّمات، ويميّز الحلال ليتناوله أكلاً أو شرباً.
* حيوان البرّ (البهائم البرّيّة) (2)
البهائم البرّيّة من الحيوان صنفان: إنسيّة ووحشيّة.
1ـ البهائم البرّيّة الإنسيّة
هي البهائم غير المتوحشة، تأْلَف الإنسان، وتعيش تحت سلطته، وهذه البهائم منها ما هو حلال، ومنها ما هو حرام.
2ـ البهائم الإنسيّة المحلّلة
البهائم الإنسيّة التي يحلّ أكلها هي:
أ الغنم بجميع أصنافه، ومنه الماعز.
ب البقر بجميع أصنافه.
ج الإبل (الجمل والناقة..) بجميع أصنافها.
د جميع أصناف الخيل والبغال والحمير، ولكن يُكره أكل هذه الأصناف الثلاثة، والخيل أخفّ الثلاثة كراهة. هذه هي البهائم الإنسيّة البرّيّة التي يجوز أكلها، ولا يجوز أكل غيرها.
3ـ البهائم الإنسيّة المحرّمة:
يحرم أكل جميع البهائم الإنسيّة غير التي ذُكرت في المقطع السابق، فيحرم أكل الكلب بأصنافه، كما يحرم أكل الهررة، وغير ذلك من البهائم الإنسيّة ممّا تبقّى ولم يُذكر اسمه في القسم المحلّل.
* البهائم الوحشيّة
هي البهائم التي لم تأنس بالإنسان، منها ما هو حلال الأكل، ومنها ما هو حرام الأكل.
1ـ البهائم الوحشيّة المحلّلة:
البهائم الوحشيّة التي يحلّ أكلها هي:
أ الغزلان.
ب الظباء.
ج البقر الوحشي.
د الكباش الجبليّة.
هـ اليحمور (وهو نوع من الأيائل، قصير الذنب، لكلٍّ من قرنيه ثلاث شعب).
و الحمير الوحشيّة.
2ـ البهائم الوحشيّة المحرّمة:
البهائم الوحشيّة التي يحرم أكلها هي:
أ- السباع، وهي ما كان مفترساً، وله ظفر وناب، وهي قسمان: قويّ وضعيف.
القسم الأوّل: ما كان قويّاً، كالأسد، والنمر، والفهد، والذئب، وغيرها.
القسم الثاني: ما كان من السباع ضعيفاً، كالثعلب، والضبع، وابن آوى، ونحوها. فكلّ السباع يحرم أكلها.
ب- الأرنب، يحرم أكله سواء أكان ذكراً أم أنثى.
ج- تحرم الحشرات كلّها، كالحيّة، والفأرة، والضبّ (حيوان من الزحّافات، شبيه بالحرذون، ذنبه فيه عقد كثيرة)، واليربوع (حيوان شبيه بالفأرة، قصير اليدين، طويل الرجلين، وله ذنب طويل)، والقنفذ، والصراصير، والبراغيث، والقمل، والجُعَل(3) (هو ضرب من الخنافس)، وغيرها ممّا لا يُحصى.
3ـ المسوخ(4):
يحرم أكل المسوخ، كالفيل، والقردة، والدبّ، وغيرها.
* الحيوان الجلّال
1ـ الحيوان الجلّال:
أ- يصير الحيوان جلّالاً إذا توفّرت ثلاثة شروط:
الأوّل: أن يتغذّى على عَذِرة الإنسان (أي: غائط الإنسان)، بحيث يفهم العرف (العقلاء) أنّ العذرة صارت غذاء الحيوان. ولا يتحقّق الجلل بالتغذّي بعذرة غير الإنسان، ولا بسائر النجاسات الأخرى.
الثاني: أن ينحصر غذاؤه بعذرة الإنسان، فلو كان يتغذّى بعذرة الإنسان وغيرها لا يصير جلّالاً إلا أن يكون تغذّيه بغيرها نادراً جداً.
الثالث: أن يكون تغذّيه بعذرة الإنسان مدّة معتدّاً بها، ولا يكفي يوم وليلة، بل قد تكون المدّة ثلاثة أيّام فصاعداً.
ب- إذا كان الحيوان محلّل الأكل بالأصل، ولكن عَرَضَ عليه عنوان الجلل، فيصير أكله حراماً، كما لو كان حراماً بالأصل، فيحرم لحمه وحليبه، وغيرهما.
2ـ استبراء الجلّال:
أ- تزول حرمة أكل الحيوان الجلّال ويصير حلالاً بالاستبراء.
ب- يتحقّق الاستبراء بمنع الحيوان عن التغذّي بعذرة الإنسان في مدّة معيّنة، فيُربط أو يُحبس، ويُعلَّف في تلك المدّة غير عذرة الإنسان، والأحوط استحباباً أن يكون العلف طاهراً.
ج- يشترط لزوال الجلل أن يتحقّق الاستبراء مدّة حتّى يزول عنه اسم الجلل، والأحوط وجوباً مع زوال الاسم مضيّ مدّة محدّدة في النصوص الشرعيّة في كلّ حيوان، وهي:
1ـ أربعون يوماً في الإبل.
2ـ عشرون يوماً في البقر، والأحوط استحباباً ثلاثون.
3ـ عشرة أيّام في الغنم (ومنه الماعز).
4ـ خمسة أيّام في البطّة.
5ـ ثلاثة أيّام في الدجاجة.
6ـ نهار وليلة في السمك.
د- وفي غير ما ذكر الضابطة زوال وصف الجلل، بحيث يصدق عرفاً أنّ غذاءه غير عذرة الإنسان.
* الرضاعة من حليب خنزيرة
أ تعرض الحرمة على بعض الحيوانات التي يحلّ أكلها بالأصل، فيصير أكلها حراماً، وهذه الحيوانات هي: الحمل أو الجدي أو العجل، فإنّها تحرم إذا ارتضعت من لبن (حليب) خنزيرة، بشرط أن يقوى هذا الحيوان، وينبت لحمه، ويشتدّ عظمه بسبب ارتضاعه من حليب الخنزيرة.
ب يحرم لحم هذه الحيوانات وحليبها، كما ويحرم لحم وحليب ما يتولّد من أيّ واحدٍ منها، يعني يحرم لحم وحليب نسلها.
ج هذه الحرمة تعرض على هذه الحيوانات إذا ارتضعت من حليب الخنزيرة، ولا تحرم لو ارتضعت من حليب كلبة أو غيرها.
* الحيوان الشارب للخمر
لو شرب الحيوان المحلّل الخمر حتّى سكر، فإن ذُبح في تلك الحالة ففي المسألة أمران:
الأوّل: يحرم أكل ما في جوفه، من الأمعاء والكرش والكبد والقلب وغيرها، سواء غسله أم لا.
الثاني: يجوز أكل اللحم (بدون ما في الجوف) بشرط أن يغسل على الأحوط وجوباً قبل أكله.
* الحيوان الشارب للبول
إذا شرب الحيوان المحلّل بولاً، ثمّ ذُبح بعد شرب البول مباشرة، يحلّ أكل لحمه، ولا حاجة إلى غسله، وأمّا ما في جوفه فيجب أن يُغسل قبل أكله.
1) حيوان البرّ ما يكون مقابل حيوان البحر والطيور.
2) البهائم مفردها بهيمة، وهي كلّ ذات أربع قوائم، من دوابّ البرّ والماء، ما عدا السباع والطيور. والحديث هنا ليس عن دوابّ الماء، بل دوابّ البرّ فقط.
3) الجعل: بضمّ الجيم، وفتح العين.
4) المسوخ: وهي الحيوانات التي مسخ الله تعالى بعض الناس على شاكلتها، ثمّ ماتت قبل التناسل.