أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: يرثُـها عباديَ الصالحون

السيّد علي عباس الموسوي

 



نهاية التاريخ، نهاية الإنسان، نهاية الكون، مفردات تتداولها الألسن وتشغل حيِّزاً من حديث الناس وجانباً من تفكير بعضهم، يرى بعضهم فيها فرصاً يقتنص فيها الشهرة، ويرى آخرون فيها مكسباً فيصنعون أفلاماً يطلقون فيها العنان لمخيّلتهم في تصوير مستقبل العالم، ويتّجه بعضهم إلى الكتابة والتأليف وصناعة القلم، وكلها تسعى لتُصَوِّر هذه النهاية أو هذه النهايات، فمنهم من يصوِّرها نهاية مظلمة كارثيّة، ومنهم من يصوِّرها نهاية مشرقة مضيئة. ولكن، ما يُلحظ بوضوح هو أنّ هذه المسألة شغلت الإنسان؛ فالسؤال عن مستقبل الإنسانيّة والبشريّة وعمَّا ينتظرها وتكون عليه خاتمة وجودها سؤال مشروع، بل وله جذوره في فطرة هذا الإنسان الذي زرع الله فيه فطرة حبِّ البقاء والخلود. والإسلام كتشريعٍ ودين لديه رؤيته لهذه النهاية والتي تتمثّل في آيةٍ من كتاب الله قال تعالى فيها: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (الأنبياء: 105). هذا وعد وهذا إخبار، فهي وعد للمؤمنين أي للعباد الصالحين بأنَّهم هم ورثة الأرض، وهي إخبار عن هذه النهاية التي ستؤول إليها الأرض.

* فما هي خصائص الوعد الإلهيّ هذا؟
أوّلاً: إنّ هذا الوعد سيشمل الأرض بتمامها؛ لأنَّ الآية ورد فيها أنَّ هؤلاء العباد الصالحين سوف يرثون الأرض، لا جزءاً منها بل هي بتمامها.
ثانياً: إنَّ ورود كلمة الإرث في الآية الكريمة يدلُّ على أنَّ السابقين الذين كانوا يعمِّرون هذه الأرض سوف يكون مصيرهم الفناء والزوال لكي يتحقّق الإرث من قبل العباد الصالحين.
ثالثاً: إنَّ هذا وعد إلهيّ حتميّ، مكتوب من الله عزّ وجل.

ولكن هل يعني ذلك أنَّ هذه النهاية تنحصر بأسباب الغيب، أي هل للإنسان دور في صناعتها، أو لا دور له على الإطلاق؟ إنَّ المفهوم الخاطئ لفكرة هذا الوعد الإلهي يجيب عن هذا التساؤل بالنفي فيرى انتظار هذا الوعد الإلهيّ في الابتعاد وعدم ممارسة أي نوع من النشاط أو الدعوة أو محاربة المنكر والفساد، وهو ما يطلق عليه الانتظار السلبيّ. وأمّا المفهوم الصحيح لفكرة الوعد الإلهي هذه فيجيب عن هذا التساؤل بالإيجاب، فيرى أنّ الإنسان له دور أساس في صناعة هذا الوعد الإلهيّ، وذلك من خلال التمهيد وتوفير الأسباب التي تؤدّي إلى قيام الظروف الموضوعيّة لتحقّق الوعد الإلهيّ، وهو ما يُطلق عليه الانتظار الإيجابيّ. في المفهوم الصحيح يرى الإنسان نفسه فاعلاً، ممهداً، ملتزماً، مقيماً لشعائر الدّين وأحكام الله عزّ وجل في هذه الأرض. 

في المفهوم الصحيح يرى الإنسان أنّ من مسؤوليّته أن يبدأ بالجهاد في سبيل الله عزّ وجل، وأنَّ تقصيره في أداء هذه المسؤوليّة يكون سبباً في تأخير تحقّق الوعد الإلهيّ. وذلك لأنّ الإنسان الذي يحمل رؤية صحيحة لوعد الله يرى أنّ الإرث الإلهيّ للأرض هو مصداق من مصاديق الاستبدال الذي تحدّث عنه القرآن الكريم، وذكر في آياته أنّ هذا الاستبدال لا يكون إلا ضمن قاعدة الجهاد والعمل دون خوف في سبيل الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (المائدة:54). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع