أحمد حسين خير الدين
النسيان ظاهرة عالمية تطال بتأثيراتها معظم الشرائح
الاجتماعية. بمعنى آخر النسيان حالة مزمنة ومتجددة منتشرة ومرافقة لبني الإنسان منذ
بداية العصور الأولى وحتى يومنا هذا. وهي وإن كانت في ظاهرها تشكل حالة إزعاج وقلق
ووصفاً سالباً بالنسبة للكثيرين إلا أنه يمكن إدراجها في حالات خاصة ضمن سلة
المنافع النفسية والصحية والاجتماعية المتنوعة والتي تستفيد منها الإنسانية على
قاعدة "رُبَّ ضارّة نافعة".
فالنسيان يساعد على وأد الأحقاد ودفن المعلومات السلبية
المؤذية والأفكار التشاؤمية، وبالتالي يساعد على تخفيف وربما إلغاء تراكمات التوتر
والقلق والاحتقان الناتجة عن الخلافات والمشاكل والحوادث المؤلمة.. علماً أن
هذا لا يلغي السلبيات الواضحة للنسيان خصوصاً تلك التي تطال العلوم بالضرر المعرقل
للتقدم والرقي وتطور حركة المعرفة نحو الأفضل، فقد ورد في الحديث الشريف: "آفة
العلم النسيان".(1) وقد يبدأ النسيان منذ الصغر عند بعضنا ومع بدايات ومراحل
التعليم الأولى بتأثيرات بسيطة غير ملفتة كثيراً وينتهي خطيراً عندما يصبح المتعلم
عرضة للنسيان السالب الذي يمنع من الحفظ رغم الجهود والطاقات والمحفزات والمساعي
التي يستعان بها، ورغم الصبر على حفظ الأمور والعلوم والتجارب حيث يجرف عنصر
النسيان في حالات معينة الكثير من المحاولات التي يبذلها بعضنا لتركيز الصور
والمعلومات بشكل ثابت على صفحات الدماغ.
* من أسباب النسيان
وهنا نورد بعض العوامل المسببة للنسيان حسب التجارب والحكم والأقوال والأحاديث
الشريفة التي وردت عسى أن نتجنب الكثير منها قبل فوات الأوان ومن تلك العوامل:
1- أكل التفاح الحامض وكثرة أكل الحوامض.(2)
2- أكل الكزبرة.(3)
3- أكل الجبن على أنواعه.
4- أكل سؤر الفأر (ما أكل منه الفأر)(4)
5- الأكل في الأواني المصنوعة من الألمنيوم.
6- قراءة كتابة القبور.
7- الحجامة في النقرة (نقرة الرأس).
8- شرب الماء بكثرة مع الطعام.
9- شرب الخمر نظراً لإتلافها الخلايا الدماغية وغيرها.
10- التبول في الماء الراكد.(5)
11- بعض أنواع المواد الحافظة والأصباغ الصناعية التي تدخل في صناعة المعلبات
والحلوى والعصائر.
12- نقص بعض أنواع الفيتامينات بشكل حاد.
13- تنشق الغازات الكيماوية وأكسيد الكربون لمدة طويلة والسكن في مناطق التلوث
الصناعي العالي.
14- انقطاع التنفس على فترات خلال الاستحمام.
15- إطالة حبس النفس خلال السباحة.
16- حالات الخوف والاضطراب النفسي والقلق الشديد والتوتر والصدمات المفاجئة
والمتكررة.
17- التعذيب الشديد والظلم الطويل الأمد والاعتداءات النفسية.
18- الوسواس القهري والإغراق في الوساوس التي يلف الإنسان بها نفسه دون أي رادع
عقلي أو إرادي منه لها، كذلك الإلهاء الشيطاني عن الأمور والمسائل.
19- عدم الاستقرار النفسي والشخصي والناتج عن كثرة التنقل والسفر والارتحال وتغيير
مواضع السكن.
20- عامل الوراثة العائلية خصوصاً وأن بعض العائلات معروف بشدة الحفظ أكثر من
عائلات أخرى.
21- عدم تعوّد النفس على الحفظ والمراجعة والتدقيق في الأمور واستذكارها بشكل
متتابع.
22- الأدوية الكيماوية التي تلامس خلايا الدماغ والجهاز العصبي بالضرر والإنهاك
والأذى والتلف.
23- مرضا السكري والضغط.
24- الأمراض السرطانية عامة والعصبية والدماغية منها خاصة.
25- كثرة الوقوع في الغيبوبة وتخدير الجسم لدواعي إجراء العمليات الجراحية ولعدة
مرات
26- قلة النوم وعدم أخذ القيلولة يومياً.
27- المشي بين امرأتين يورث النسيان.(6)
28- الشيخوخة التي تتسبب بموت مجموعات كثيرة من الخلايا العصبية وغيرها.
ولا شك أن هناك أسباباً أخرى للنسيان لم ندركها بعد وما زالت مجهولة بالنسبة للكثيرين منا وسط هجمته الواسعة وتمدده المطّرد في زمن التكنولوجيا والصناعات الثقيلة إلا أن عامل الزمن كفيل بكشف بعض تفاصيل أخرى عنها. ومن باب المنفعة للقارئ الكريم وبعد سرد أسباب النسيان لا بد من التذكير بقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "من نسي الصلاة عليَّ فقد أخطأ طريق الجنة".(7) فلنكثر من الصلاة على النبي محمد وآله صلى الله عليه وآله منعاً للنسيان الأكبر وتحصيناً لآخرتنا وسعادتنا الأبدية.
(1 - 6) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 59، ص 295.
(7) مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 444.